محمد غطاس: رفضنا إشراك العناصر النسائية حتى لا نتشابه مع فرقة حظ
انتهى شهر رمضان، وجاء العيد، وبدأت الأفراح والليالي الملاح تعود من جديد، وبالتحديد حفلات الزفاف التي تقام في قاعات النوادي والنقابات، بعد شهر توقفت فيها جميع الحفلات كالعادة من كل عام، وتضم مهن فرق الزفاف، والتصوير، والـ«دي جي»، D.J ومعظم محلات الكوافير، والمهن المساعدة، ولكن تبقى فرق الزفاف والـD.J هي أساس حفلات الزفاف، خاصة فرق «الزفة الدمياطي».
يقول محمد دعبس أحد أصحاب قاعات الزفاف، أن دمياط ابتكرت الزفة الدمياطي، على يد محمد محفوظ حسين، ومحمود أمين يوسف، والسيد محمود الغطاس، عام 1974، وهم من خريجي معهد المعلمين بدمياط سنة 1966، وأطلقوا عليها اسم فرقة « محفوظ»، نسبة إلى محمد محفوظ قائد الفرقة، وتخصصت في إحياء الأفراح والمناسبات، خاصة أن الفرق المتاحة في هذا الوقت، هي «فرقة حظ» وهى فرقة عوالم و«فرقة حسب الله»، التي خرجت من شارع محمد علي، ولم تتطور، ومع بداية السبعينيات، أصبحت فرقة محفوظ منافساً قويا يفرض حضوره بقوة، ويكسب مع كل حفل زفاف معجبين، ومع الأيام والشهرة، تخطوا حدود المحافظة الصغيرة، ومدن مصر المختلفة، لينطلقوا في دول عربية يحيون أفراح زعماء ومشاهير
ويضيف حمادة فضل، مدير أحد قاعات الأفراح برأس البر، أن فرقة محفوظ وصلت شهرتها إلى الدرجة التي قال عنها المصريون: “اللي ماجابش فرقة محفوظ لسه ما تجوزش”، وابتكروا أشكال أخرى للزفة، مثل دخلة النار، والألعاب النارية والتنورة، والتحطيب، والقربة، كما ابتكروا أشكال استعراضية بالدفوف، ثم دمج الطبلة والدفوف والقربة والمزمار البلدي وبعض آلات النفخ، وغيرها من آلات العزف لإنتاج ألحان مميزة خاصة بالزفة الدمياطي تختلف عن غيرها، والأهم أنهم السيد الغطاس أحد المؤسسين كان شاعرا، ولم يكتفوا به، بل كانوا عندما يجدون شاعرا يكتب أغنية جيدة، كانوا يستعينوا به، وهذه كانت خطوة احترافية منهم، فغناء كلمات تخصهم وحدهم، كان يميزهم عن بقية كل الفرق، أيضا كانوا يستبدلون كلمات الأغاني الشهيرة بكلمات من تأليفهم، مثل مقدمة أغنية عاشق المداحين زكريا الحجاوي، والتي كان مطلعها «بسم الله الرحمن الرحيم هنبدأ الليلة.. عريسنا الزين كحيل العين وعروسته حلوة وجميلة»، وظلت هذه المقدمة معهم إلى الآن.
ويتابع محمد غطاس، ابن السيد غطاس أحد مؤسسي الفرقة، أن بعد نجاح فرقة محفوظ، وانتشارها في جميع أنحاء مصر، تأسس في مدينة دمياط وحدها 30 فرقة زفاف، وكل فرقة عملت بطريقتها، ولاقت كل فرقة نجاحها بشكل لافت، ووصلت المنافسة إلى أنه في التسعينات، قرر المسئولون بقصر ثقافة دمياط، تنظيم حفل لهذه الفرق، على أساس يوم لكل فرقة، وكانت هذه السنة من أفضل السنوات التي شهدتها جميع فرق الزفاف، كان الزحام شديدا على مشاهدة عروض الفرق، وربما كان هذا العام هو العام الوحيد الذي عملنا في رمضان، فنحن نستغل شهر التوقف في شهر رمضان، لعمل بروفات واستعراضات جديدة، وكذلك تصميم الزي الرسمي للفرقة، أيضا تجديد دم الفرقة من أعضاء جدد، واستعراضات، وآلات، فعدد أعضاء الفرقة حوالي 40 فردا، غير الإداريين، وقد وصلت جميع الفرق لمستوى عالي جدا في الزفاف، وكان معظمهم من خريجي فرقة محفوظ، الذين عملوا معنا وخرجوا من الفرقة لأي سبب، الغريب أنه بعد ذلك في كل محافظة فرق كثيرة مثل فرقة محفوظ، ولكننا كـ دمايطة مازلنا نحتفظ بالسر، سر الخلطة كما يقولون، أيضا من الأشياء التي رفضها المؤسسون لفرقة محفوظ، أن بعض الناس أشاروا عليهم أن يستعينوا ببنات أو سيدات يقفون، ولكنهم رفضوا هذا الاقتراح بشكل قاطع، وقالوا إذا فعلناها فسوف نتشابه مع فرقة حظ، نحن نعرض كرجال وشهرتنا صنعناها كرجال بفننا وأفكارنا، مع كامل الاحترام لكل السيدات في محافظة دمياط، وفي جميع انحاء العالم.
ويقول: “شاركت في زفاف كثير من المشاهير مثل الأمير حمد بن عيسى بن سلمان ملك البحرين، وصاحب توكيل كوداك بلبنان، والكابتن طاهر أبو زيد، والمطربين محمد فؤاد، وإيهاب توفيق، والفنان حسن الرداد، ونجل وزير الداخلية الأسبق حسن الألفي، وكثير من المشاهير، وأحمد الله أنني شاركت كل هذه الأفراح والمناسبات السعيدة، وغيرها”.
ويروي الكاتب والباحث سمير الفيل، بأنه في عام 2012 قام عدد من الباحثين في جمع التراث الثقافي اللامادي، ببحث عن فرقة محفوظ كعنصر ثقافي غير مادي، لوضعها على قائمة اليونسكو، ضمن مشروع كبير شمل 3 دول هي: مصر ولبنان والأردن، وتم اختيار محافظة دمياط، بصفتها مصبا يحمل تنوعا لتراث نهر النيل، وذهبنا لمقر فرقة محفوظ، فاكتشفنا أن أعضاء الفرقة لم يتخطوا سن الأربعين – وقتها- فعرفنا أن هناك سن معين للفرقة ويتم التغيير بشكل معروف، عكس الفرق الأخرى التي تجد أعضاؤها من فئات عمرية كبيرة، وكان أغلب من يعملون في فرق الزفاف موظفون، لهم أعمال في الصباح، لكنهم يحسنون دخلهم بهذا العمل، وهم لا يعملون فقط في محافظة دمياط، بل يتم طلبهم في كل مكان بالجمهورية خاصة في القاهرة والإسكندرية والخليج.