جودة عبدالخالق: تحويل الدعم إلى نقدى يضر المواطنين ويفيد الحكومة والتجار
شفيع: 80% من المواطنين يستفيدون من دعم الخبز وإلغاؤه يضرهم
العربي: ضرورة تحريك قيمة الدعم النقدي وفقا لمعدلات التضخم وأسعار السلع
قال عدد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين، إن اتجاه الحكومة لرفع الدعم تدريجيا عن السلع والخدمات وتحويل الدعم العيني إلى نقدى، الهدف منه تقليل الضغط على الموازنة العامة للدولة، وتخفيض العجز، إلا أنه سينعكس سلبا على المواطنين، إذ أنه سيؤدى لزيادة أسعار السلع، خاصة الخب، الذي يمثل نسبة لا يستهان بها فى إنفاق الأسرة، ما يرفع معدلات التضخم.
وصرح رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، أمس، قائلا إن رغيف الخبز سيظل مدعوما، ولكن يجب تحريك سعره بما يتناسب مع الزيادة الكبيرة في الأسعار، مشيرا إلى أنه تجري دراسة كيفية حوكمة الدعم ووضع التصور الأفضل بنهاية 2024. كما كلف وزيرى الكهرباء والبترول لوضع خطة للعمل على وقف تخفيف الأحمال مع انتهاء التوقيت الصيفى، بحد أقصى نوفمبر أو ديسمبر المقبلين، وطالب بوضع خطة على مدار 4 سنوات لتحريك أسعار الكهرباء مع استمرار دعم الفئات القليلة، كما تم وضع خطة واضحة لإحداث توازن فى أسعار المنتجات البترولية بنهاية عام 2025.
كما أعلنت الحكومة، أمس، مقترحا جديدا لتطوير منظومة الدعم التمويني، حيث يتمثل في استبدال الدعم العيني بمبلغ نقدي لكل فرد من مستحقي الدعم.
من جانبه يرى جودة عبدالخالق، المفكر الاقتصادي، ووزير التضامن الاجتماعي الأسبق، أن جميع السلع تحولت بالفعل من دعم عيني إلى نقدي، ولم يعد هناك سلعة تحصل على دعم عيني سوى الخبز، “وإذا كان هذا المقصود سيكون ذلك طامة كبرى”، لأن ذلك يعني تحويل الخبز لأول مرة فى تاريخ مصر منذ أربعينات القرن الماضى إلى سلعة تتداول بسعر تحدده السوق الحرة، وبما أن الحكومة أثبتت عجزها عن ضبط الأسعار والسيطرة عليها وهو ما شهدناه فى الشهور الاخيرة، سينطوى ذلك على خطر شديد بالنسبة للأمن الغذائى للمواطنين، نظرا لأن الخبز يعد من أهم السلع الغذائية للمصريين.
وأوضح عبد الخالق، أن تحويل الدعم العينى إلى نقدى يضر المواطنين ويفيد الحكومة والتجار، مضيفا أن الموازنة ستتأثر إيجابا بتحويل الدعم إلى نقدي مع ثبات العوامل الأخرى، حيث سيقلل الإنفاق ويحقق وفرا واضحا، لكن إذا وجهت الحكومة الإنفاق إلى مجالات آخر لن يكون هناك أي استفادة.
وأضاف عبدالخالق، أن تخفيض الدعم سيرفع معدلات التضخم بشكل كبير، حيث أن سلة السلع الغذائية وفى صدارتها الخبز، تمثل نسبة كبيرة من معدلات التضخم، كما أن الخبز يمثل نسبة لا يستهان بها من إنفاق الأسرة، وبالتالى سيكون له تأثير مباشر ليس فقط على التضخم، وإنما على معدلات الفقر، أيضا.
من جانبه قال مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، إن تحريك سعر صرف الدولار يؤثر على السلع المدعمة، ومنها الخبز، حيث يمثل فرق سعر الصرف زيادة فى الأعباء على الموازنة العامة للدولة، مضيفا أن صندوق النقد الدولى فى مراجعاته وجه بكبح حجم الإنفاق الحكومي وفي القلب منه الدعم، موضحا أن خفض الدعم يقلل إنفاق الموازنة والفجوة بين الإيرادات والمصروفات، ولكن يتبعه المزيد من الآلام للمواطنين وحالتهم الاقتصادية، متوقعا ارتفاع معدلات التضخم مرة أخري إذا أقبلت الحكومة على هذه الخطوة.
ولفت إلى أن دعم رغيف الخبز يمس شريحة كبيرة من المواطنين تقترب من 80% من السكان، وبالتالى رفع الدعم عنه سيكون له أثر سلبى عليهم، متوقعا أن تقبل الحكومة على زيادة أسعار الكهرباء مرة أخرى، حيث أن التصريحات كانت واضحة إما قطع الكهرباء أو زيادة التسعير، وهو ما سيؤثر سلبا على المواطنين وسيؤدى إلى مزيد من التضخم.
فيما قال محمد حسن العضو المنتدب في شركة ألفا لإدارة الاستثمارات المالية، إن رفع الدعم عن المواد البترولية وزيادة أسعار الكهرباء، سيؤديان لزيادة أسعار المنتجات فى الأسواق، ويؤثران على معدلات التضخم، ولكن هذا لن يظهر فى الوقت الحالى، حيث أن التضخم حاليا يشهد انخفاضات نظرا لتأثير سنة الأساس، مضيفا أن تأثير ذلك على التضخم سيظهر بداية من الربع الرابع من العام، لكنه لن يصل إلى الأرقام التي سجلها الفترة الماضية، خاصة مع توقعات أن يصل التضخم إلى 22% بنهاية 2024.
وأوضح أن الهدف من رفع الدعم تقليل عجز الموازنة، لكنه سيضر بالمواطنين، حتى المواطن الذى سيحصل على الدعم النقدى، “فكيف سنحدد قيمة المبلغ النقدى والفئات التي سيصل إليها الدعم؟”.
وقال أحمد معطي، المدير التنفيذي لشركة في أي للاستثمارات المالية، إن رفع الدعم سلاح ذو حدين، حيث إن تكاليف الموازنة بدأت ترتفع بعد تحرير سعر الصرف وبالتالي مع استمرار الدعم ستتراكم الديون وفى النهاية سيتحملها المواطنين خلال السنوات المقبلة، والافضل تخفيض الدعم تدريجيا حتى لا يؤثر بشكل كبير على المواطنين، وفى المقابل زيادة الأجور، مضيفا أنه سيقلل الضغط على الموازنة، الا انه سيؤثر سلبا على معدلات التضخم، لكنه لن يعود الى مستويات قبل التعويم.
وقالت لميس العربي، رئيس قسم الاقتصاد في الجامعة المصرية الصينية، إن تحويل منظومة الدعم إلى دعم نقدى أفضل، حيث أنه يصل الدعم لمستحقيه وفقا لقاعدة بيانات تحدد الأسر المستحقة للدعم بشروط واضحة، بدعم نقدي بشكل مباشر وهو ما سيحفز الاقتصاد، ويعطى المواطن اريحية اكثر فى استهلاك السلع وحرية في الاختيار السلع التي يريدها.
ولكنها أوضحت، أن الدعم النقدى يجب أن لا يكون ثابت وانما يتم ربطه بمعدلات التضخم، كما لا يجب ان تكون معدل الزيادة في المبلغ ثابتة، فيجب تحديد نسبة زيادة مبالغ الدعم بناء على معدلات التضخم وأسعار السلع والقدرة الشرائية.
وأضافت العربي، أن رفع الدعم عن السولار والبنزين والكهرباء يكون تدريجيا حتى لا يكون تأثيره عنيف على التضخم، كما أنه فى المقابل يجب ان يكون هناك سيطرة على التضخم من خلال الإنتاج، وتخفيض العجز الدولارى الذى يمثل السبب الرئيس لزيادة التضخم فى مصر، عن طريق زيادة الإنتاج والتصدير، إذا لم تعمل الدولة على خطة لتوفير هيكل انتاجى منتظم خلال من 3 إلى 5 سنوات، ستتضاعف معدلات التضخم مع رفع الدعم.
وقال محمد محمود عبد الرحيم، الباحث اقتصادي، إن رفع الدعم يوفر تكلفة للحكومة مما يساهم في خفض عجز الموازنة العامة ولكن في نفس الوقت يساهم في زيادة العبء على المواطن، في ظل نسبة التضخم المرتفعة بالفعل، لاسيما أن الدعم أحد أهم أدوار الحكومات لخفض تكاليف المعيشة على المواطن البسيط ولذلك يعد أداة اجتماعية بالدرجة الأولى أكثر من كونها أداة اقتصادية تحقق وفر في بنود الموازنة العامة للدولة.
وفيما يخص تحويل الدعم العيني إلى دعم نقدي، أوضح أنه يجب دراسة الأمر من زوايا المخاطر ومدى استفادة المواطن، والإجابة على عدة أسئلة حول مدى ارتفاع الأسعار ومدى التزام الحكومات المتتالية بتطبيق زيادات سنوية تمتص التضخم؟ وكيف سيكون شكل الدعم النقدي؟، كما أن الدعم النقدي في حال تطبيقة يجب أن يضمن أن يكون توزيع عادل ومتصاعد وفقًا للأسر الأكثر احتياجا ووفقًا لقواعد بيانات ووفقًا لآليات محددة، وكل ذلك يصب في محاربة الفقر بشكل كبير، قائلا “صحيح وأن كل هذه المتطلبات تشكل عبئ جديد على الموازنة العامة للدولة ولذلك هو تحدى والتطبيق ليس بالأمر بالسهل”.