قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إن للصين حضور في تاريخ العالم نعرفه ونقدره، كما أن لها تأثيراً ضخماً في حاضر العالم ومستقبله نلمسه ونثمنه، وتجربتها في النهضة والتقدم هي محل تقدير واحترام كبير في عالمنا العربي.
وأوضح في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي- الصيني بالعاصمة بكين، إن الاحتفاء اليوم بمرور عشرين عاماً على انشاء منتدى التعاون العربي الصيني الذي تم تأسيسه عام 2004 في القاهرة والذي مثّل طفرة حقيقية في تاريخ العلاقات بين الجانبين، إذ أسهم في وضع هذه العلاقات في إطار مؤسسي شامل، بحيث يمكن متابعة تطورها وإمكانياتها المستقبلية الواعدة، وصار المنتدى منذ إنشائه قصة نجاح في التعاون الدولي متعدد الأطراف، في ضوء ما تمخض عنه من آليات ومذكرات وأُطر مختلف للتعاون في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية.
* بداية مرحلة مهمة في تاريخ العلاقات بين العالم العربي والصين
وأشار للنقلة النوعية، التي تمثلت في القمة العربية الصينية الأولى عام 2022 التي عقدت في مدينة الرياض، لتكرس بداية مرحلة مهمة في تاريخ العلاقات بين العالم العربي والصين، خاصة في ضوء ما أسفرت عنه القمة من مخرجات وتوافقات نسعى لمواصلة الجهود لتنفيذها بما يحقق المصلحة المشتركة لكل من الدول العربية والصين.
ودعا الجانبين إلى النظر في إمكانية اعتماد آلية لدورية انعقاد القمة العربية الصينية لعقد دوراتها بانتظام، بما يضاعف التراكم المتحقق، ويسمح بمتابعة برامج التعاون المشتركة.
وفي السياق ذاته، أشار إلى عمل الجانبان على تنفيذ كافة أنشطة التعاون التي تضمنها البرنامج التنفيذي لمنتدى التعاون العربي الصيني والتي شملت خلال الفترة الماضية عددا من المجالات من بينها التجارة والاستثمار والطاقة، ونقل التكنولوجيا والملاحة عبر الأقمار الصناعية، والمكتبات والمعلومات، والثقافة وحوار الحضارات، والإعلام، والشباب، وتنمية الموارد البشرية وغيرها.
كما دعا إلى مواصلة توسيع هذا التعاون العملي الهام وتعميقه من خلال الآليات القائمة، ووضع آليات أخرى جديدة بما يتماشى مع آفاق التعاون الكبيرة والواعدة بين الدول العربية والصين، والتي يعكسها حجم التبادل التجاري بين الجانبين الذي قفز من 36.4 مليار دولار أمريكي عند تأسيس المنتدى عام 2004 إلى نحو 400 مليار دولار أمريكي عام 2023، كما أن الصين أصبحت خلال هذه السنوات من أكبر الشركاء التجاريين للدول العربية.
ونوه كذلك بمبادرة الحزام والطريق التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينج، والتي جاءت لتضيف لبنة جديدة وهامة إلى صرح منتدى التعاون العربي الصيني القائم على المصالح المتبادلة. وذلك في ضوء ما توفره هذه المبادرة من فرص واسعة للتعاون، خاصة في مجالات البنية التحتية والتجارة والاستثمار،وما نشهده من مشروعاتٍ تنمويةٍ عملاقةٍ يجري تنفيذها في الدول العربية في إطار المبادرة.
*نقطة تحول فارقة في تاريخ منطقتنا
أما فيما يخص العدوان المستمر على غزة منذ أكثر من ثمانية أشهر، أكد أبو الغيط أنه يمثل نقطة تحول فارقة في تاريخ منطقتنا، ثمة شعور بالإحباط العميق حيال عجز المجتمع الدولي عن وقف هذه المذبحة، موضحا أن 35 ألفاً استشهدوا أغلبهم من النساء والأطفال، ومدن القطاع لم تعد صالحة للحياة بعد أن دمرت البنية التحتية على نحو كامل تقريباً، كل ذلك والعجز الدولي مستمر… إننا نتساءل هنا عن مصداقية ما يُسمى بـــ”النظام الدولي القائم على القواعد”.
وتساءل: ” أي مصداقية للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي إن كانت هناك دولة تضع نفسها فوقه؟، مؤكدا أن الوقف الفوري لهذه الحرب الغاشمة ليس فقط ضرورة لإنقاذ أرواح الفلسطينيين، الذين يعيشون اليوم على حافة المجاعة، ولكنها ضرورة لصيانة الضمير الإنساني ومبادئ الأخلاق والعدالة والقانون.
وثمن دور الصين ودعمها الثابت للقضية العادلة للشعب الفلسطيني، ولحقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة، وأعرب عن تطلعه لدور صيني أكبر، بالأخص كونها عضواً دائم العضوية في مجلس الأمن، في تعزيز الإجماع الدولي حول حل الدولتين وتحويله إلى واقع عبر مسار موثوق لا رجعة عنه لإنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو 67، وعاصمتها القدس الشرقية.
* خفض التصعيد في الإقليم
كما أكد على سعى الجامعة العربية ودولها إلى تعزيز استقرار المنطقة عبر العمل على احتواء الأزمات القائمة، وتسويتها سلمياً، وخفض التصعيد في الإقليم من خلال علاقات متوازنة مع دول الجوار تتأسس على مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية، والاحترام المتبادل
ورحب بأدوار إيجابية للقوى الدولية التي تتبنى هذه الأهداف، بما فيها الصين التي لعبت دوراً مقدراً في التوصل إلى اتفاق بين الرياض وطهران في مارس 2023، بما أدى إلى خفض التصعيد الإقليمي.
كما أكد مجدداً على موقف جامعة الدول العربية الذي يقوم على دعم سيادة الصين ووحدة أراضيه والالتزام الثابت بمبدأ “الصين الواحدة”.
وشدد على أن جامعة الدول العربية تحرص على بذل كافة الجهود لبناء مستقبل واعد للمجتمع العربي والصيني نحو العصر الجديد والدفع بعلاقات الشراكة الاستراتيجية بين الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية لمستقبل أفضل ومواصلة تعزيز آليات التعاون المشترك وإيجاد الحلول السياسية للقضايا التي تهم الجانبين على الساحتين الإقليمية والدولية، معربا عن التطلع إلى عقد الدورة الحادية عشرة للمنتدى على المستوى الوزاري في الجمهورية التونسية، والقمة العربية الصينية الثانية عام 2026 في الصين وكذلك إلى انعقاد القمة الثالثة في الكويت كما نص على ذلك قرار قمة البحرين، مشيرا إلى أن مسار هذه العلاقة المهمة يتعين أن يتحرك للأمام باستمرار وباطراد لمصلحة الشعوب في الصين والعالم العربي، ولفائدة الإنسانية كلها.