بعد أن غيّب الموت الفنان التشكيلى الكبير حلمى التونى، بقى لنا إرثه العظيم من الأعمال الفنية الخالدة عبر أغلفته التى قدمها لأعمال كبار المؤلفين المصريين، والرسومات التوضيحية التى عكست اهتمام الفنان الراحل الجلى بأصالة الفن المصرى وأيضًا بالأطفال، وحرصه على تثقيفهم فى عالم الفن والرسم من خلال مجموعة من الكتب والرسومات التى تم الإشادة بها على الصعيدين المحلى والدولى.
فى سبعينيات القرن الماضى، انتقل «التونى» لفترة وجيزة إلى بيروت بلبنان، حيث عمل مع اليونيسيف لإنتاج كتاب عن سُبل السلامة والأمان موجّه للأطفال تم ترجمته لاحقًا إلى ثمانى لغات مختلفة، ونال كتاب «أجمل الحكايات الشعبية» (الصادر عن دار أخبار مصر عام 2001) على جائزة الآفاق الجديدة من معرض بولونيا لكتب الأطفال عام 2002، والكتاب إعداد يعقوب الشارونى ورسومات حلمى التونى.
وقالت عنه فى السابق الباحثة الأمريكية وأستاذة التعليم بجامعة تكساس، جينا م. دويبكر، أنه كرس جهوده لكتب الأطفال على مدى الأربعين عامًا الماضية والتى ساعدت فى إطلاق مسيرة العديد من الكتاب الشباب الواعدين.
ووصف معرض بيكاسو الفنى بالقاهرة عبر موقعه الناطق باللغة الإنجليزية عام 2018 إرث الفنان الراحل حلمى التونى بـ «الإرث العظيم للفن الشعبى المصرى»، موضحًا أنه عندما يُذكر الفن الشعبى يتبادر إلى الذهن والقلب حلمى التونى على الفور، وقد أثرت أعماله على عدد كبير من الفنانين المحليين وغير المحليين مما جعله مصدرا للإلهام الخالد فى عالم الفن.
كما عكست أعمال «التونى» الفنية أهم جوانب التراث المصرى الغنى والهوية العربية، وساعدت مساهمته فى تشكيل وجه الهوية العربية الحديثة، مما جعل عمله المميز إرثًا فنيًا مميزًا يربط بين الماضى والحاضر.
وذكر المعرض أن حلمى التونى يعد واحدًا من أفضل رسامى أغلفة الكتب والمصممين الجرافيكيين فى العالم العربى، وله باع طويل فى تأليف وتقديم الرسومات للعديد من كتب الأطفال التى نشرتها منظمات الأمم المتحدة بالعديد من اللغات.
وحصل «التونى» على العديد من الجوائز العربية والدولية، مثل ميدالية معرض لايبزج الدولى عن كتاب الأميرة المظلومة تأليف راجى عنايت وذلك عام 1982. كما أقام العديد من المعارض الفردية فى معظم الدول العربية وشارك فى العديد من المعارض الجماعية الدولية. وطالما تميزت أعماله بالرمزية المستوحاة من الأنماط الفولكلورية والأسطورية.
كما أشادت دار «روزبيرى» للمزادات الخاصة بالفنون الجميلة والأعمال الفنية بلندن عام 2020 بمجموعة حلمى التونى الهائلة من الأعمال التى تتراوح بين اللوحات الأيقونية ورسومه التوضيحية لآلاف أغلفة الكتب ورسوم كتب الأطفال والملصقات السياسية والشعارات الشهيرة فى تاريخ التصميم الجرافيكى العربى.
وذكرت بعض المعارض الفنية الفردية التى شارك بها حلمى التونى ومنها: «سنوات بيروت» فى 4 مايو 2009 بالجامعة الأمريكية بالقاهرة؛ «التونى: معرض استعادى للتصميم» فى 19 أكتوبر حتى 13 نوفمبر 2014، معرض الشارقة للفنون بالقاهرة؛ معرض «ليه يا بنفسج» فى 16 مارس 2018 بمعرض بيكاسو؛ معرض «وجوه النساء» فى مارس 2019 بمعرض بيكاسو بالقاهرة.
وأشادت المنظمة المانحة لجائزة «هانز كريستيان أندرسن»الدنماركية التى تُمنح لأفضل كاتب قصص أطفال وأفضل رسام إيضاحى لكتب الأطفال بأعمال الفنان الراحل عام 2004، وتحدثت عن بداياته فقالت أن أول تجربة لـ «حلمى التونى» مع عالم الرسم كانت فى نادى الرسم بالمدرسة الابتدائية عندما كان فى السابعة من عمره فقط، وكان الوقت الذى يقضيه فى الرسم والتلوين يقتصر على حصة الفنون خلال العام الدراسى، ولكن خلال العطلة الصيفية لم تكن هناك قيود فكان يقضى جل وقته فى الرسم.
وقد قال «التونى» بنفسه ذات مرة: «عندما ينتهى اليوم الأخير من المدرسة، كنت أطلب من والدتى قرشين، وأركض لشراء دفتر رسم، ثم أعود لأرسم وأرسم وأرسم حتى تفرغ الورقة وأضطر إلى الركض وشراء واحدة جديدة».
وبعد نجاحه المبكر، واصل «التونى» رسم أكثر من مائة كتاب للأطفال، ومنها كتب التلوين والمجلات فى جميع أنحاء العالم العربى، وعكف فى حياته على تعريف الأطفال الصغار بعالم الفن الساحر.
وكان أسلوب «التونى» الفنى يعبر عن الفن الشعبى المصرى التقليدى الأصيل، وهو يرى أنه من المهم للأطفال أن يختبروا الفن الأصيل الذى يجسد تراثًا خفيًا لابد من دراسته والتعمق به.
ومن الإنجازات البارزة التى حققها التونى: أنه حصل على الجائزة الأولى من مسابقة سوزان مبارك لأدب الأطفال فى عام 1999 عن «غزالة وصياد» (التى صدرت عن دار أخبار مصر عام 1998)، ومرة أخرى عام 2001 عن «هلال القدس البسام» (التى صدرت عن دار أخبار مصر عام 2001).