حكت المغامرة المصرية راوية عبد الله قصتها مع تسلق الجبال، وقالت إنها جاءت بالصدفة حيث كانت في دبي لدراسة الماجستير في إدارة الأعمال، واستغلت فترة الإجازة في رحلة إلى بيرو عبر إحدى الشركات الخاصة، ومن هنا كانت نقطة تحول في علاقتها بتسلق الجبال.
وأوضحت أن هذه الرياضة تتطلب مواصفات خاصة، منها أن يتمتع المتسلق بلياقة بدنية ومرونة، وقدرة على التعامل مع طبيعة كل جبل، وقوة تحمل وصبر، خاصة وأن تسلق بعض القمم قد يستغرق شهرين مثل جبل إيفرست، ويجب أيضاً التأقلم على قلة الأكسجين.
جاء ذلك خلال حوارها مع الإعلامي أحمد العصار في برنامج «حوار عن قرب» الذي يقدمه على قناة TEN الفضائية.
التحضير والتدريب بجدية
وأوضحت أن التحضير لهذه الرياضة أكد أن الفروق الفسيولوجية بين الرجال والنساء تصبح قليلة جداً، مؤكدة أن المرأة أكثر قدرة على التحمل.
وعن إنجازها التاريخي كأول امرأة مصرية تصل إلى قمة جبال «أكانكاجوا» البالغ ارتفاعها حوالي 7000 متر، قالت إنها أعلى قمة في الأرجنتين وقارة أمريكا الجنوبية، وإن الفكرة جاءتها بعد أن تسلقت أعلى قمة في إفريقيا «كليمنجارو».
وعند وصولها لقمة «أكانكاجوا»، شعرت بالإجهاد لقلة الأكسجين، خاصة في آخر 200 متر، ورغم شعورها بالتعب، لكنها عزمت على الوصول إلى النهاية، وتحقيق هذا الإنجاز التاريخي غير المسبوق بالنسبة لفتاة مصرية.
التمرينات الذهنية والبدنية
وأوضحت «راوية» أن رياضات التحمل عموماً تتطلب جهداً كبيراً وعمل الاستعدادات على أكمل وجه، وقالت: “أفادتني الدراسة في تعزيز الصلابة الذهنية، وبجانب ذلك من المهم تواجد مدرب ينظم الاستعداد لأي لعبة، بتمرينات بدنية وذهنية.”
وأوضحت أنها إلى جانب الرياضة تمارس الكتابة وتستمتع بممارستها من فوق الجبل، وخاصة عند اجتياز كل مرحلة، وتعتبرها نوعًا من وسائل التنفيس والتعبير عن المشاعر، باستغلال الهدوء والبعد عن أي وسائل انشغال، مما يكسبها صفاءً ذهنياً، ومن طقوس متعتها وهي على الجبل سماع صوت الطبيعة، الذي أكدت أنه يزيد من قدرتها على الإبداع.
دعم الأم الكبير
وقالت إن دعم والدتها كان له دور كبير في نجاحاتها، حيث حقنتها بالثقة في النفس، وعدم الخوف من خوض أي مغامرة، بعد التخطيط الجيد، حتى لو كانت رياضة بها مخاطرة، وهو أمر غريب على المرأة في مجتمعاتنا الشرقية عامة، والمصرية على وجه الخصوص، ورأت أن الدعم ووضع تشريعات وقوانين محفزة يمكن أن يزيد من مشاركة السيدات في الرياضات غير التقليدية، لأن هذه الرياضات تعد حكرًا على الرجال.
رياضة سباق الثلاثي
وعن رياضة «سباق الثلاثي»، أوضحت أنها تضم ثلاثة أفرع: السباحة، وركوب الدراجات، والعدو، وتمارس جميعها في زمن محدد، والفصل بينهما يدخل في وقت السباق. وتختلف المسافات فيها من قصيرة إلى طويلة، وأشهرها المسافات الأولمبية وهي 1500 متر سباحة، و40 كيلو متر دراجات، و10 كيلو متر عدو، وتتم ممارسة الرياضات الثلاث بالتتابع في ثماني ساعات ونصف.
وأوضحت أنها مارست هذه الرياضة بالصدفة، وألحت عليها الفكرة بعد تسلق قمة كليمنجارو بإفريقيا، فقررت لعب رياضة الثلاثي بنصف المسافات الأولمبية، وحجزت في إحدى البطولات، وكان ذلك عام 2020، ولكنها لم تشارك بسبب كورونا، وقبلها تعرفت على مدرب ساعدها كثيرًا، وقالت إنها تدين له بكل الفضل، لأنه ساعدها خطوة بخطوة، ولولاه لما كانت وصلت إلى هذا المستوى.
تكاليف رياضة الثلاثي
وعن التكلفة المادية لرياضة السباق الثلاثي، قالت إنها تعد مكلفة نوعاً ما، إذ تحتاج إلى دراجة بمواصفات خاصة، والسباحة تحتاج إلى إتاحة حمام سباحة، ولو بالإيجار.
وتتعدد أعمال ومواهب «راوية عبد الله»، إذ تعمل مستشارة استراتيجية للشراكات، ومذيعة بودكاست، ومدربة أساليب حياة، وكاتبة، ومتسلقة جبال، ولاعبة سباق ثلاثي.
وعن التوفيق بين العمل وممارسة هذه الهوايات، قالت: “أستطيع أداء عملي وممارسة كل هذه الهوايات لأن هناك ثوابت في حياتي أحرص على الالتزام بها. كما أن ضمن هواياتي ما هو موسمي، مثل تسلق الجبال، وأنا أنظم وقتي جيدًا. وأرى أن هذا التنوع ليس بجديد، فمثلاً ابن سينا وغيره من العلماء والفلاسفة العظام انشغلوا بأكثر من مجال وبرعوا فيها جميعًا، كما أن التنوع يكون مثريًا لملكات الشخصية.”
هواية كتابة السيناريو
وعن هواية الكتابة، قالت إنها تعشق الكتابة الأدبية وكتابة السيناريو، واشتركت في ورشة كتابة مسلسل «مفترق طرق»، وكان ثاني مسلسل، وقبله اشتركت في مسلسل «زودياك» عن رواية للراحل أحمد خالد توفيق، بالإضافة إلى سيناريو فيلم قصير.
نصيحة هامة للشباب
ومن نافذة خبرتها كمدربة «أساليب حياة»، نصحت الشباب المبتدئ في أي مجال بأن عليهم خوض أي تجربة بطريقة لا تجعلهم يخسرون كثيراً، بدلاً من التردد والتخبط والتساؤل المحبط: هل سأنجح أم لا؟ كما نصحتهم بالاستعداد النفسي لتقبل الفشل في أي تجربة، وعدم اليأس بالاستعداد لما بعدها.