مُنِيَت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس بهزيمة كبيرة، معلنةً عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ليبدأ الحزب الديمقراطي مرحلة من المراجعة الذاتية وإلقاء اللوم بين أعضائه للبحث في أسباب الانهيار الكبير الذي كلفهم خسارة أصوات شرائح كانت دائمًا تُعدّ من القواعد الثابتة للحزب، وفقًا لمجلة “التايم” الأمريكية.
– بايدن: المتهم الأول
تُوجه أصابع الاتهام في كل الاتجاهات، لكن هاريس لم تكن محور الانتقادات؛ إذ يعتبر البعض أن حملتها كانت مقبولة إلى حد ما قبل يوم الانتخاب المخيب للآمال. بدلاً من ذلك، كان اللوم موجهاً إلى الرئيس جو بايدن، الذي أصر على خوض الانتخابات رغم التراجع الواضح في صحته، مما تسبب – وفقًا لبعض الديمقراطيين – في هذه الخسارة الشاملة.
ويقول ديفيد أكسلرود، المستشار الاستراتيجي لحملة باراك أوباما سابقًا: “ربما كان الأمر ليكون مختلفًا لو اتخذ بايدن قرارًا في الوقت المناسب بالانسحاب، وسمح للحزب بالمضي قدماً”.
ومع تكشّف حجم الهزيمة، يتزايد التركيز على إخفاقات هاريس. لم تكتفِ بخسارة الولايات المتأرجحة، بل فقدت أراضي في ولايات زرقاء كانت الديمقراطيون يعتبرونها معاقلهم، مثل رود آيلاند، حيث تراجعت الفجوة الديمقراطية الكبيرة التي شهدتها انتخابات أوباما. ومع أن بايدن كسب 57% من أصوات النساء، إلا أن هاريس حصلت على 54% فقط. وبين الفئات العاملة والأقليات، كانت الأرقام أسوأ، إذ حصلت على 65% فقط من أصوات الناخبين من الأعراق الملونة، مقابل 71% لبايدن.
– التركيز على النساء وتجاهل الرجال.. استراتيجية غير موفقة لهاريس
ووفقًا لتقرير “التايم”، فإن استراتيجية هاريس، التي ركزت على اجتذاب النساء عبر قضايا حقوق الإنجاب، أثبتت خطأها خاصة بين الرجال من الأقليات؛ فمعظم الناخبين من أصول لاتينية، رغم دعمهم لقضية حقوق الإجهاض، فضلوا بايدن الذي كان أقل صراحةً في التعبير عن هذا الموقف.
تواجه هاريس انتقادات بأنها سمحت للجمهوريين بتعريف صورتها بشكل سلبي، مع اكتفائها بالدعم من رموز يسارية مثل النائبة ألكسندريا أوكاسيو كورتيز. كما جرى توجيه اللوم لفريقها لتجاهل الناخبين الذكور ولفئات من الديمقراطيين الشباب الذين لم يظهروا الدعم الكافي.
– سوء حظ وأزمات عالمية
يعزو البعض ضعف موقف هاريس أيضًا إلى تداعيات ما بعد الجائحة، حيث استفاد الجمهوريون من حالة السخط الشعبي.
يقول أكسلرود: “ربما كانت هناك قوى أكبر من أن يتغير مسارها بأي قرارات استراتيجية”.
ويعتقد آخرون أن الحظ كان دائمًا لصالح الفشل الديمقراطي في مواجهة مرشح مثل ترامب، وسط أزمة اقتصادية عالمية وتضخم أثر على شعوب عديدة حول العالم، فيما يرى البعض الآخر أن التحيز ضد النساء قد لعب دورًا في هذا الانتصار.
لماذا فاز دونالد ترامب؟
وتشير التحليلات إلى عدة عوامل حاسمة ساهمت في فوز ترامب، حيث تمكن من استغلال الحالة الاقتصادية المتردية التي أثقلت كاهل الأمريكيين نتيجة التضخم وارتفاع الأسعار. فبدور ناقد لسياسات الإدارة الديمقراطية، ركز ترامب على أخطاء بايدن التي أضرت بالطبقات الوسطى والعاملة، ما أكسبه دعمًا قويًا بين الناخبين القلقين من مستقبلهم الاقتصادي.
بالإضافة إلى ذلك، استطاع ترامب الاستفادة من مشاعر السخط الاجتماعي والسياسي، وقدم نفسه كمرشح “من خارج المؤسسة” وخيار مغاير للسياسة التقليدية، الأمر الذي جذب تأييد شريحة كبيرة من الناخبين الباحثين عن التغيير.
كذلك، جاءت حملة هاريس لتدعم موقف ترامب بطريقة غير مباشرة، حيث ركزت على القضايا الاجتماعية، مثل حقوق الإجهاض، بينما أغفلت القضايا الاقتصادية التي كانت محور اهتمام عدد كبير من الناخبين، خاصة بين الأقليات والطبقات العاملة.
وبحسب تحليلات من مؤسسات بحثية بارزة مثل مركز بيو للأبحاث، فقد طرأ تحول ملحوظ في توجهات الشباب والأقليات نحو ترامب نتيجة شعورهم بتجاهل الحزب الديمقراطي لهم وتراجع الثقة في قدرته على تحسين ظروفهم المعيشية.