شغلت الخطوات التصعيدية الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله اللبناني – خاصة اغتيال الاحتلال الإسرائيلي لعدد ليس بالقليل لقادة الحزب، بجانب الضربات المتكررة التي يوجهها حزب الله إلى إسرائيل- بال العديد من المحللين والمهتمين بالشئون السياسية والعسكرية.
وكثرت التساؤلات حول مدى تأثر كل طرف بالضربات التي يوجهها الطرف الآخر، وما حجم الخسائر التي يتكبدها الطرفين، إلى جانب التوقعات المتعددة لشكل ومستقبل المنطقة، والخطوات التالية التي ستُتخذ.
وكان حزب الله اللبناني تعرض لسلسلة من الضربات القاسية في فترة وجيزة وبشكل غير متوقع، خلال حربه مع إسرائيل دعما لحركة المقاومة الفلسطينية “حماس”، بلغت ذروتها باغتيال حسن نصر الله الأمين العام للحزب والرمز التاريخي له، مع الأغلبية العظمى من قيادته.
ففي 27 سبتمبر الماضي، استهدفت غارة إسرائيلية بصواريخ أمريكية الصنع عدة مبان سكنية في ضاحية بيروت الجنوبية، مما أدى إلى مقتل حسن نصر الله، الأمين العام التاريخي لحزب الله، كما قُتل خليفته المحتمل هاشم صفي الدين، وقضى العديد من القادة العسكريين البارزين أيضا تحت وطأة الضربات الإسرائيلية المتواصلة مثل نبيل قاووق، إِبراهيم عقيل، وعلي كركي.
وتوسعت حينها الضربات الإسرائيلية لتشمل قلب العاصمة اللبنانية بيروت واستهدفت المؤسسات المالية الأساسية المرتبطة بالجناح السياسي لحزب الله، وتزامنا معها، عبرت القوات الإسرائيلية الحدود لتنفيذ عمليات “محدودة” تسببت في معارك دامية.
* توقعات بضعف حزب الله بعد مقتل قادته
وخرج رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها محتفلا بانتصاره بقتل الأمين العام لحزب الله وخلفائه وقادته السياسيين والعسكريين، مؤكدا أن حزب الله أصبح أضعف مما كان عليه قبل سنين، فيما قال وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف جالانت إن “حزب الله أصبح منظمة من دون قائد، بعدما قُضي على نصر الله وخلفائه”.
مع تلك الأحداث، توقع بعض المسئولين والمحللين وخاصة الأمريكيين والإسرائيليين ضعف حزب الله، بعد الضربات الإسرائيلية المدمرة، التي أودت بقادته، أبرزهم القائد “التاريخي” لهم حسن نصر الله، حيث قال مسئولون أمريكيون، لموقع “أكسيوس” الأمريكي إنه مع مقتل نصر الله وصل “حزب الله” لأضعف حالاته ليس فقط قبل الضربة القاتلة ولكن منذ سنوات.
وراح محللون إلى أن إسرائيل بذلك استطاعت بشكل كبير تعطيل نظام القيادة والسيطرة لدى حزب الله، وقوّضت عددا ضخما من قياداته السياسية والعسكرية، وحيدت جزءا كبيرا من قدراته الاستراتيجية.
وأكد محللون أمريكيون حينها لصحيفة “وول ستريت جورنال” إن مقتل نصر الله “سيشكل نهاية حقبة، وتحولا في مسار الحزب”، مع تدهور قدراته العسكرية بشكل كبير، مؤكدين أن قدراته العسكرية على تنفيذ هجمات كالسابق أصبحت أقل بكثير.
* تحقيق يرصد عكس ذلك
ولكن، “أخبار مصر” أجرت تحليلا موسعا وشاملا استنادا إلى البيانات الرسمية التي يصدرها حزب الله اللبناني عبر القناة الرسمية للإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في لبنان “حزب الله”، عبر تطبيق “تليجرام”، حول عملياته العسكرية وهجماته على إسرائيل، في إطار ما أطلق عليه الحزب “معركة الإسناد” لجبهة غزة، التي اشتعلت فيها الحرب صباح السابع من أكتوبر 2023.
وشمل التحليل الذي أجرته “أخبار مصر” الفترة من نهاية شهر أغسطس الماضي وحتى بداية شهر نوفمبر الحالي، وتحديدا خلال الشهر الذي سبق إعلان حزب الله اغتيال الأمين العام حسن نصر الله وعدد من أبرز قياداته، في نهاية سبتمبر، وخلال الشهر التالي له، واستمر التحليل أيضا ليشمل الأسبوع التالي للشهرين، والذي تولي فيه نعيم قاسم منصب الأمين العام لحزب الله خلفا لنصر الله.
وحلل تحقيق “أخبار مصر” ما يصل إلى 1300 بيان رسمي صادر عن حزب الله اللبناني، بشأن ضرباته وهجماته، التي شنها على مناطق مختلفة من الداخل الإسرائيلي، ومواجهاته في ساحات القتال، والتي استخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة والمعدات العسكرية بين صليات الصواريخ وأسراب المسيرات وقذائف المدفعيات والأسلحة الرشاشة وغيرها.
* عمليات حزب الله وهجماته تتضاعف 250%
وجدت “أخبار مصر” أن عدد العمليات والهجمات والاستهدافات التي أعلن عن شنها الحزب بعد اغتيال حسن نصر الله وقادته العسكريين والسياسيين، تضاعفت عما قبل الضربة القاسية للحزب اللبناني.
ورصدت “أخبار مصر” إصدار حزب الله 304 بيانات رسمية عن هجمات وعمليات عسكرية واستهدافات شنها على إسرائيل قبل مقتل قادته، وتحديدا في الفترة من 28 أغسطس إلى 28 سبتمبر الماضي، والتي شملت ضربات عنيفة أيضا للحزب شملت مجزرة “البيجر” والأجهزة اللاسلكية، في 17 سبتمبر، وذلك بمعدل حوالي 10 هجمات خلال اليوم الواحد.
ورصدنا خلال التحقيق أيضا أنه في الشهر التالي للضربة الأعنف لحزب الله، أصدر الحزب 741 بيانا رسميا عن هجمات وعمليات عسكرية واستهدافات شنها على إسرائيل، بمعدل 25 هجمة خلال اليوم الواحد، أي ما يزيد على الضعف، أو حوالي مرتين ونصف، أي ما يعادل 250%، وذلك خلال الفترة من 28 سبتمبر عشية اغتيال نصر الله وقادة الحزب إلى 28 أكتوبر.
* بعد نعيم قاسم.. تصعيد متزايد
بعد أن قضى حزب الله أكثر من شهر كامل بدون أمينا عاما، أعلن الحزب اللبناني، في يوم 29 أكتوبر الماضي، عن تعيين نعيم قاسم، نائب الأمين العام السابق، أمينا عاما له، في أول إعلان عن قيادة جديدة تخلف حسن نصر الله، الذي اغتالته إسرائيل، حيث قال الحزب في بيان: “عملا بالآلية المعتمدة لانتخاب الأمين العام، توافقت شورى حزب الله على انتخاب سماحة الشيخ نعيم قاسم أمينا عامّا لحزب الله”.
ورصدت “أخبار مصر” أنه منذ إعلان القيادة الجديدة لحزب الله بقيادة نعيم قاسم أعلن حزب الله عن 188 عملية استهدافات وهجمات للداخل الإسرائيلي، خلال أسبوع واحد، وتحديدا في الفترة من 29 سبتمبر إلى 5 نوفمبر الماضي، أي ما معدله حوالي 27 ضربة خلال اليوم الواحد، في تصعيد متزايد.
ووصل عدد الهجمات والاستهدافات بعد تولي نعيم قاسم قيادة حزب الله إلى حوالي ثلاث أضعاف ما قبل اغتيال قادة الحزب اللبناني، وذلك في أول أسبوع فقط من توليه، مع رصد تغييرات في أنواع الأسلحة وتكثيف أعدادها.
* عمليات يومية لم تتوقف أبدا
ورصد “التحقيق” أنه في الشهر السابق لاغتيال حسن نصر الله وقادة الحزب وفي الشهر التالي وحتى بعد اختيار القيادة الجديدة لم تتوقف العمليات العسكرية والهجمات والاستهدافات من حزب الله ضد إسرائيل، حيث نشر الحزب بيانات رسمية بشكل يومي.
ودائما ما نشرت القناة الرسمية للإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في لبنان “حزب الله”، بياناتها الرسمية بصيغة واحدة وواضحة تقول: “بيان صادر عن المقاومة الإسلامية: بِسْمِ اللَّـهِ الرحمن الرَّحِيمِ ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ على نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ صدق الله العلي العظيم”.
وتتابع: “دعماً لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسناداً لمقاومته الباسلة والشريفة، ودفاعًا عن لبنان وشعبه، استهدف مجاهدو المقاومة الإسلامية …”، مضيفة: “﴿وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيم﴾”.
* معدل الهجمات التي شنها حزب الله
وتراوحت عدد الهجمات التي شنها حزب الله على إسرائيل في الشهر السابق لمقتل زعيمها حسن نصرالله وقادتها السياسيين والعسكريين، وتحديدا في الفترة من 28 أغسطس إلى 28 سبتمبر، بين 4 عمليات في اليوم الواحد، وذلك في يوم 18 سبتمبر، عشية مجزرة تفجيرات “أجهزة البيجر” لأعضاء حزب الله، التي وقعت في 17 سبتمبر، فيما بلغ أعلى عدد هجمات خلال الشهر ذاته 18 عملية عسكرية، كانت في يوم 24 سبتمبر.
أما في الشهر التالي لاغتيال حسن نصرالله وقادة الحزب السياسيين والعسكريين، تراوحت عدد الهجمات التي شنها حزب الله على إسرائيل بين 18 عملية عسكرية، وذلك في يومي 27 و28 سبتمبر خلال الضربة الأعنف باغتيال نصر الله وقادة الحزب، فيما بلغ أعلى عدد هجمات خلال الشهر ذاته 31 عملية عسكرية، كانت في يوم 21 أكتوبر، و29 عملية في 14 و23 و27 أكتوبر.
* تتراوح ما بين 4 و36 عملية خلال اليوم
ورصد “التحقيق” أن أكبر عدد هجمات وعمليات عسكرية شنها الحزب على الاحتلال خلال الفترة ما قبل وبعد اغتيالات قادة حزب الله على رأسهم نصر الله وحتى بعد اختيار الإدارة الجديدة للحزب بقيادة نعيم قاسم، كانت في يوم 29 أكتوبر، عشية الإعلان عن أمين حزب الله الجديد نعيم قاسم في 28 أكتوبر، بمعدل 36 عملية خلال يوم واحد، تلاها اليوم التالي 30 و21 أكتوبر بواقع 31 عملية خلال اليوم، فيما كان 28 أكتوبر بواقع 30 عملية في اليوم.
أما أقل عدد هجمات وعمليات عسكرية شنها حزب الله على إسرائيل خلال الفترة ذاتها، فقد وقع في يوم 18 سبتمبر عشية “تفجيرات أجهزة البيجر”، بواقع 4 عمليات فقط خلال هذا اليوم، تلاها يوم 28 و30 و31 أغسطس وأيضا 10 سبتمبر، بواقع 6 عمليات فقط خلال اليوم الواحد.
* تزايد استخدام المسيرات بنسبة 600%
وفي حين رصدت “أخبار مصر” انخفاض عدد العمليات التي استخدم فيها حزب الله المسيرات بنسبة 10% بعد مقتل نصر الله وقادته، إلا أننا رصدنا أن عدد المسرات المستخدمة خلال تلك العمليات كان في زيادة ملحوظة، حيث أطلق الحزب عشرات الأسراب من المسيرات الانقضاضية على الداخل المحتل، ففي حين كان يستخدم الحزب مسيرة أو اثنين فقط تطورت الأوضاع لتصبح أسراب من المسيرات خلال العملية الواحدة.
ووجدت “أخبار مصر” أيضا، أنه بعد تولي نعيم قاسم دفة القيادة ظهر جليا تزايد استخدام المسيرات بأنواعها المتطورة، حيث زاد عدد العمليات التي استخدم فيها حزب الله المسيرات بنسبة وصلت إلى 600%، كانت تطلق فيها أسراب المسيرات أيضا خلال العملية الواحدة، ففي حين هاجم حزب الله إسرائيل بـ 28 سرب من المسيرات خلال الشهر التالي لاغتيال نصر الله، فقد هاجمها قاسم بـ37 سربا خلال أسبوع واحد فقط.
* استخدام غير محدود للأسلحة الصاروخية
خلال التحليل أيضا رصدنا زيادة ضخمة في أعداد الأسلحة الصاروخية التي استخدمها حزب الله بعد الضربة العنيفة التي واجهها، بين صواريخ موجهة ودفاعية أرض جو وأرض أرض والبالستية التي دخلت لأول مرة وغيرهم، بينما أدخل العديد من الصواريخ النوعية والدقيقة خلال غاراته.
وزاد استخدام حزب الله للأسلحة الصاروخية والصورايخ بعد الضربة التي استهدفت قادته بنسبة 310%، حيث وصل إلى 18 ضربة خلال اليوم الواحد، جميعها يشمل صليات صاروخية وعدد من الصواريخ ليس صاروخا واحدا أو اثنين.
وبعد تولي نعيم قاسم استمر تزايد إطلاق الحزب للصليات الصاروخية على الداخل المحتل يوميا، حيث زادت عمليات إطلاق الرشقات الصاروخية على إسرائيل بنسبة 130% خلال أسبوع واحد.
* تزايد استخدام قذائف المدفعية مع العمليات البرية
ورصدت “أخبار مصر” أيضا تزايد العمليات التي استخدم فيها حزب الله قذائف المدفعية، بعد مقتل نصر الله، وتزامنا مع العمليات البرية التي شنها جيش الاحتلال، حيث زاد استخدامها بنسبة 150%، خلال مواجهاته مع العدو.
وانخفض استخدام قذائف المدفعية خلال الأسبوع الذي تولى فيه قاسم، بنسبة 66%، حيث تغيرت خطة الأسلحة المستخدمة في القتال للتركيز على الأسلحة الصاروخية والمسيرات بأنواعها، بسبب تغير متطلبات ساحة القتال أيضا.
* إدخال الأسلحة الرشاشة بنسبة 1400%
وزاد استخدام حزب الله للأسلحة الرشاشة خلال الشهر التالي للضربة التي استهدفت قادته على رأسهم نصر الله، بنسبة 1400%، حيث دخل في عملياته العسكرية في عمليات عديدة، بسبب المواجهات البرية مع قوات الاحتلال، في حين لم تستخدم خلال الأسبوع الذي تولى فيه نعيم قاسم قيادة الحزب.
* استخدام المتفجرات والعبوات الناسفة
وأدخل حزب الله أيضا المتفجرات والعبوات الناسفة حيث استخدمها في هجمات عديدة لاستهداف الدبابات والآليات الإسرائيلية وجنود الاحتلال في ساحة القتال، وبرز استخدامها بعد مقتل نصر الله والقادة فيما لم يستخدمها قبل ذلك.
* تزايد استخدام الدفاعات الجوية
وزاد أيضا استخدام حزب الله لدفاعاته الجوية للتصدي لهجمات جيش الاحتلال، وأدخل أسلحة جديدة فيها، حيث أعلن مرات عديدة عن نجاح سلاحه الجوي في التصدي للضربات والطائرات المقاتلة الإسرائيلية، وأيضا تحييد المسيرات التي أرسلتها إسرائيل وإخراجها خارج مجاله الجوي، وبرز ذلك بعد ضربة قادة الحزب وليس قبلها.
* إدخال أسلحة جديدة لساحة القتال
ورصدت “أخبار مصر” في تحقيقها أن حزب الله استطاع إدخال أسلحة جديدة لساحة القتال مع إسرائيل بعد الضربة الأعنف، فلم يستخدم الحزب صواريخه الباليستية إلا في نهاية شهر سبتمبر الماضي، لقصف مقرّ “الموساد” في تل أبيب، الذي قال إنه “المسئول عن اغتيال قادته، على رأسهم نصر الله، إضافة إلى مجزرة البيجر والأجهزة اللاسلكية”.
وأشارت إذاعة الجيش الإسرائيلي إلى أن الحزب بات يكثف استخدام الصواريخ الباليستية، بعد ضربة قادته، كما استخدم لأول مرة صواريخ “كورنيت” المحمولة المضادة للدبابات، والمصنوعة في روسيا، وصواريخ من طراز “فادي 1” و”فادي 2″، وهما صاروخا “أرض – أرض” تكتيكيان، يتراوح مداهم بين 80 إلى 105 كيلو مترا.
وفي الدفاعات، أدخل الحزب صواريخ “أرض – جو، المضادة للطائرات، إيرانية الصنع، لساحة القتال، لإسقاط طائرات من دون طيار إسرائيلية، فضلا عن صواريخ موجهة بالرادار يمكنها الوصول إلى أهداف على ارتفاع 90 ألف قدم تقريباً ضد الطائرات المقاتلة الإسرائيلية، ما أجبرها على التراجع والخروج من الأراضي اللبنانية.
* تصاعد في مدى مواجهات حزب الله
وبمقارنة بسيطة بين أبعد نقاط استهداف وصل لها حزب الله خلال حربه مع الاحتلال الإسرائيلي قبل وبعد مقتل قادته، وجدنا أن الحزب استطاع توجيه عدة ضربات صاروخية طالت العمق الإسرائيلي حتى مدينة حيفا وضواحيها، على بعد حوالي 40 كيلومترا من الحدود اللبنانية، وكانت هى أبعد مسافة وصلتها صواريخ الحزب، قبل 27 سبتمبر الماضي، ومنذ اندلاع المواجهات بين الجانبين في 8 أكتوبر 2023.
وحينها كان يريد حزب الله من خلال هجماته ضد العمق الإسرائيلي التأكيد على فشل الاحتلال في ردعه، رغم الخسائر الكبيرة التي مٌنى بها الحزب حينها بعد عملية تفجير أجهزة البيجر واللاسلكي في أيدي مقاتليه، والتي أسفرت عن مقتل37 منهم وإصابة عدة آلاف آخرين.
ولكن، بعد مقتل حسن نصر الله ومع التوقعات بتراجع قوة الحزب اللبناني، استهدف حزب الله مناطق أكثر عمقا في إسرائيل، تبعد حوالي 70 كيلومترا عن الحدود اللبنانية، لأول مرة في تاريخ المواجهات بين حزب الله وإسرائيل منذ بدء الحرب.
ووصل الحزب اللبناني لمنزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في 19 أكتوبر، حيث ضربت طائرة مسيّرة أطلقت من لبنان منزل نتنياهو في قيساريا وأحدثت انفجارا كبيرا، فيما أوضح ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي أن رئيس الوزراء وزوجته لم يكونا في منزلهما وقت انفجارها.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن انفجار الطائرة المسيرة بمنزل نتنياهو في قيساريا أحدث دويا كبيرا، رغم مطاردة مروحيات عسكرية إسرائيلية لها طيلة الوقت، معتبرين أن ذلك أدى لفقدان رئيس الوزراء الإسرائيلي أمنه الشخصي بشكل مباشر.
ونقلت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية أن المؤسسة الأمنية التي تضم الجيش والموساد والشاباك والاستخبارات العسكرية والشرطة اعتبرت الاستهداف فشل أمني خطير للغاية، متابعة: “لحسن الحظ أن رئيس الوزراء لم يكن في البيت، لكن هذا لا يقلل من حجم الفشل”.
ووصل الحزب أيضا لمقر قيادة الاستخبارات الإسرائيلية “الموساد” في ضواحي تل أبيب، حيث ضربه لأول مرة بصواريخه الباليستية في نهاية شهر سبتمبر الماضي، الذي قال إنه المسئول عن اغتيال قادته، إضافة إلى مجزرة “البيجر” والأجهزة اللاسلكية.
* الحزب يستعد لحرب استنزاف طويلة
بعد الإعلان عن القيادة الجديدة برئاسة نعيم قاسم، كشفت مصادر لوكالة “رويترز” البريطانية، أن حزب الله يستعد لحرب استنزاف طويلة مع إسرائيل في جنوب لبنان من خلال تأسيس قيادة عسكرية جديدة تدير إطلاق الصواريخ والعمليات البرية.
ونقلت “رويترز” عن 4 مصادر مطلعة على عمليات حزب الله إن الجماعة لا تزال تملك مخزونا كبيرا من الأسلحة، ومن بينها أقوى صواريخها الدقيقة التي لم تستخدمها بعد، رغم موجات الغارات الجوية التي تقول إسرائيل إنها استنفدت ترسانة الحزب بشدة.
وقال مصدران، وأحدهما قائد ميداني في الجماعة والثاني مقرب منها إن قيادة حزب الله كانت مضطربة في الأيام الأولى التي أعقبت اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، في 27 سبتمبر، لكنها شكلت “غرفة عمليات” جديدة بعد 72 ساعة، حت تولي قيادات الحزب الجديدة.
ونقلت الوكالة البريطانية عن المحلل الإسرائيلي، إفراهام ليفين، إنه ينبغي افتراض أن حزب الله “مستعد جيدا وينتظر” القوات الإسرائيلية وأنه ليس هدفا سهلا.
وأضاف ليفين لرويترز: “حقيقة تدمير سلسلة القيادة لا تنفي قدرة حزب الله حتى الآن على استهداف التجمعات السكنية في إسرائيل أو محاولة ضرب القوات الإسرائيلية”.
* صفعة لأحلام نتنياهو بالعودة
في سبتمبر الماضي، تزامنا مع استهدافات قادة حزب الله، وقبيل مرور عام على اندلاع حرب إسرائيل على غزة في 7 أكتوبر 2023، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تغيير أهداف الحرب.
فبعد الدمار الشامل في قطاع غزة، الذي أدى لاستشهاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتشريد مئات الآلاف، اتجه تركيز دولة الاحتلال إلى حدودها الشمالية مع لبنان، حيث دفعت هجمات حزب الله المساندة لغزة مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى النزوح بعيدا عن الحدود.
وحينها أعلن نتنياهو أن أهداف الحرب أصبحت تشمل عودة المدنيين الإسرائيليين إلى منازلهم بأمان، عن طريق ردع حزب الله، إلا أنه وبعد أكثر من شهر على إعلان نتنياهو وما تلاه من حملة برية وجوية مدمرة وقصف يومي ضد حزب الله، بات منزل نتنياهو نفسه هدفا للهجمات ليس فقط الإسرائيليين الفارين.
ويرى محللين أن أهداف إعادة المستوطنين إلى الشمال كما يرغب نتنياهو لن تتحقق، مشيرين إلى أنه “من المحتمل أن تشهد الحرب تزايد نزوح آلاف المستوطنين من المناطق الشمالية نحو حيفا”، ليلحقوا بحوالي مليون إلى مليوني إسرائيلي يعيشون بجوار الملاجئ، مع تفاقم معاناتهم بسبب الاستهدافات المتكررة.