أمضى جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من عام في حربه متعددة الجبهات بين غزة ولبنان والضفة الغربية.
وبجانب خسائره الميدانية، يعاني الجيش من استنزاف داخلي ومشاكل متنوعة منها، توفير الجنود اللازمين للقتال، وتحديات للحصول على الذخائر وسط توجه عالمي لعدم إرسال السلاح لجيش الاحتلال، لتجتمع تلك المشكلات كعائق إضافي أمام الجيش الغارق في وحل الحرب.
وتسرد جريدة أخبار مصر أهم الأزمات الداخلية التي يعيشها جيش الاحتلال الإسرائيلي كعوائق إضافية له خلال سنة من الحرب.
-جيش الاحتلال ونزيف أسلحة متواصل
وعانى جيش الاحتلال خلال حربه على قطاع غزة ولبنان من نزيف متواصل بمختلف الأسلحة والذخائر تحت وطأة حرب طويلة شهدت استخدام الاحتلال لجميع إمكانياته العسكرية.
وذكر تحقيق لنيويورك تايمز، أن جيش الاحتلال واجه تراجع في الكميات المتاحة من قذائف الدبابات والمطلوبة في العمليات القتالية بقطاع غزة، بينما أضافت الصحيفة أن قطع غيار الدبابات تنخفض أيضا رغم الحاجة لها لإصلاح الآليات المتضررة.
وتخطى انخفاض الأسلحة الذخائر ليشمل الدبابات نفسها، حيث نقلت الجيروزاليم بوست بيانا من جيش الاحتلال يؤكد تراجع عدد الدبابات، كما أصدر جيش الاحتلال بيانه ردا على انتقادات تلقاها لعدم توفير دبابات لتدريب الكتائب النسائية.
وأوضح موقع كالكاليست العبري، أن تراجع كميات الذخائر والسلاح وقع نتيجة نوع من المقاطعة الصامتة، حيث تتراجع شركات عسكرية لعدد من الدول الأوروبية عن بيع الذخائر لإسرائيل، بينما تستخدم دول أخرى كالولايات المتحدة الذخيرة كورقة ضغط على إسرائيل وذلك من خلال تأخير الشحنات المطلوبة.
وأكد الموقع أن حركة المقاطعة العالمية لعبت دورا في إعاقة وصول السلاح، حيث منعت إسبانيا مرور سفن محملة بالذخائر لإسرائيل عبر مياهها الإقليمية ما زاد الأمر صعوبة.
ولا تقتصر الأزمة على السلاح فقط، حيث كشف تحقيق لجيروزاليم بوست عن عدم توافر الخوذ والقمصان المضادة للرصاص للجنود الإسرائيليين، موضحة أن عدد من الجمعيات تقوم بالتبرع بتلك المستلزمات الهامة لحماية الجندي الإسرائيلي بأموال خاصة.
وتجدر الإشارة إلى أن جيش الاحتلال عدل أساليبه القتالية للتكيف على نقص الذخائر تزامنا مع تأخر إحدى الشحنات الأمريكية ليقوم جنود الاحتلال بحرق بيوت فلسطينيين في غزة بدلا من ضربها بالقذائف المتفجرة، وهو ما أظهرته عدد من المقاطع المصورة.
-أزمة نقص الجنود
ويعاني جيش الاحتلال أزمة لعجزه عن توفير القوة البشرية اللازمة من الجنود لتغطية جبهات القتال الـ3، خلال معركة طوفان الأقصي، ما سبب أزمة سياسية وعسكرية واقتصادية واسعة.
ووفقا للتايمز الإسرائيلية يونيو الماضي، بدأت أولى ملامح الأزمة مع اشتداد الخلاف حول قوانين ضم الجنود الحريديم للجيش، وكان الحل باقتراح تشريع يوسع الفئة العمرية المطلوبة للجيش بسنة إضافية.
وذكر موقع واينت، أنه في الشهر التالي تم اقتراح قانونين أحدهما بإطالة فترة الخدمة الإجبارية بـ3 سنوات إضافية، والآخر بإعادة الجنود الذين أدوا الخدمة العسكرية والذين لم يتخطوا الأعمار الصالحة للخدمة العسكرية.
وتم تنفيذ قانون إعادة الجنود الذين أنهوا الخدمة أغسطس الماضي، وفقًا للتايمز وطبق القانون على 15 ألف مجند إسرائيلي.
وتسبب الضغط على المجندين الاحطياطيين المطلوبين للقتال بأزمات اقتصادية واجتماعية، وفقًا لموقع واينت، نظرا لخسارة المجندين لوظائفهم وخسارة الزوجات أيضا للوظائف نظرا لتراكم المسئوليات مع غياب الأزواج في الحرب.
ولجأ جيش الاحتلال لأساليب لتعويض النقص العددي وإنهاك الجنود ليتم التبديل المتكرر بين الكتائب المقاتلة، وفقا لفرانس 24، لإعطاء الجنود فرصة للاستراحة.
وتضيف فرانس، نقلا عن خبراء، أن سبب الضغط على جيش الاحتلال هو تكوينه بالأساس بحجم صغير غير فعال في خوض الحروب الطويلة.
وأوضح موقع جويش كرونيكال، أن تنوع الجبهات بين غزة ولبنان والضفة الغربية يتطلب تحرك مكثف لمجندين الاحطياط ما يزيد الضغط عليهم لتلبية الاحتياجات العسكرية.
-الحريديم مخزون بشري مستعصي على جيش الاحتلال
وأوضح خبراء عبر وسائل إعلام إسرائيلية متنوعة، أن أزمة نقص الجنود بجيش الاحتلال يمكن حلها بسهولة عند ضم الشباب من اليهود الحريديم الذين يفوق عددهم الـ60 ألف من القادرين على القتال، ولكن عدد من التشريعات الإسرائيلية سمحت لهم بالإعفاء من الخدمة العسكرية تبعا لمعتقداتهم الدينية على مدار عشرات السنوات.
وذكرت التايمز الإسرائيلية، أن حكما تاريخيا من المحكمة الإسرائيلية العليا يونيو الماضي قلب الموازين باعتباره أي إعفاء للحريديم من الخدمة العسكرية أمر غير قانوني ليتم فتح الباب أمام تجنيد الحريديم.
وأعلن جيش الاحتلال إرساله طلبات التحاق بالجيش لـ3000 من الحريديم، ما أشعل موجة غضب عارمة وفقا لـ سي إن إن.
وذكرت القناة الـ13 الإسرائيلية، أن الحكم تبعه موجة من المظاهرات العنيفة في القدس شملت إشعال النيران في الشرطة الإسرائيلية ورشق سيارة أحد الوزراء بالحجارة.
ووفقا للجيروزاليم بوست، اقتحام عدد من المتظاهرين الحريديم بداية يوليو أحد معسكرات جيش الاحتلال بالقوة احتجاجا على الحكم لتقوم الشرطة بعدد من الاعتقالات بحق الحريديم.
وعن الضغط السياسي، أوضحت سي إن إن، أن حزبي شاس ويهودية التوراة المتحدة كل منهما عارض القرار، مؤكدة أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يحاول استرضاء الحزبين للحفاظ على تماسك الحكومة.
وتجدر الإشارة إلى عدم تجاوب الحريديم مع أوامر الانضمام للجيش وفقا للجيروزاليم، حيث لم يتجاوب سوى 8% في أول أيام إرسال طلبات الالتحاق.
-صراع نتنياهو ووزير الدفاع
وشهدت حرب طوفان الأقصى صراعا سياسيا محتدما بين رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو مع وزير دفاعه يوؤاف غالانت المنتمي للتيار المعارض لينتج عن هذا الخلاف السياسي سلسلة من الاشتباكات المتكررة في كابينيت الاحتلال.
وأوضحت بي بي سي، أن جذور الصراع السياسي بين نتنياهو وغالانت ترجع لأزمة الإصلاحات القضائية مارس عام 2023، حين قرر نتنياهو عزل غالانت لأول مرة، ولكن موجة من التظاهرات المؤيدة لغالانت أجبرت نتنياهو على التراجع.
وبدأت الخلافات بين نتنياهو وغالانت مبكرا خلال طوفان الأقصى، إذ تمسك نتنياهو وفقا للجيروزاليم باستمرار الغزو عسكري في غزة بينما كرر غالانت موقفه المعارض للبقاء العسكري في غزة.
وتمثلت إحدى نقاط الخلاف الكبيرة وفقا لرويترز حول محور فيلادلفيا، حيث قرر نتنياهو طرح بقاء جيش الاحتلال بالمحور مقابل تعطيل مفاوضات الأسرى للتصويت، وهو الأمر الذي اعتبره غالانت مخاطرة بحياة الأسرى الإسرائيليين، وفق تصريحاته.
وشكل ملف تجنيد الحريديم نقطة خلاف إضافية بين نتنياهو وغالانت، إذ حرص نتنياهو على استرضاء الأعضاء اليمينيين بحكومته والرافضين لتجنيد الحريديم، بينما سعى غالانت لتطبيق قرارات ضم الحريديم للجيش.
وانتهت المعركة السياسية بإقالة نتنياهو لغالانت في قرار مفاجئ، والذي قد تكون له توابع على سير الحرب، إذ ذكرت سي إن إن، أن وزير الدفاع الجديد يسرائيل كاتس رغم توافقه مع نتنياهو إلا أنه يفتقد خبرات غالانت العسكرية في الحروب.