أكد الدكتور حسن أبو طالب مستشار مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن الموقف المصري واضح وحاسم منذ اللحظة الأولى التي اندلعت فيها أحداث طوفان الأقصى وما قبل ذلك.
وفي تصريح لـ «الأسبوع» حول تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن، قال الدكتور حسن أبو طالب، إن مصر داعمة للقضية الفلسطينية من خلال أربعة جوانب تتلخص في وقوف مصر مع القضية الفلسطينية قلبًا وقالبًا لإقامة دولتهم المستقلة منذ 1967م، وهذا أمر حاسم في الموقف المصري.
وأشار أبو طالب إلى الجانب الثاني وهو رفض الدولة المصرية جملةً وتفصيلاً حل أو تصفية القضية الفلسطينية من خلال إلقاء أعدائها على أطراف أخرى، مشددا على أن أرض فلسطين ستظل لفلسطين، وغزة ستظل للفلسطينيين، والضفة الغربية والقدس الشرقية ستظل للفلسطينيين، ولا يستطيع أحد أن يغير هذه الحقيقة على الإطلاق.
أما عن الجانب الثالث يقول الدكتور حسن أبو طالب «نحن نعطي الأولوية لتطبيق اتفاق الهدنة التي بدأت قبل عدة أيام، ونحن نعلم جيدًا أنه في الداخل الإسرائيلي يريدون التملص من هذه الهدنة والعودة إلى ممارسة العدوان والإبادة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وأيضًا فإن ما يحدث في الضفة الغربية هو امتداد لعملية الإبادة التي بدأت في قطاع غزة، فمصر ترفض هذا الامر تمامًا وتذكر على تطبيق الاتفاق وأن تلتزم به إسرائيل وتلتزم به حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى كما تم الإعلان عنه والاتفاق عليه».
وتابع «الجانب الرابع يهدف إلى نظر مصر بأن هذا الاتفاق يجب أن يتبعه جهد فائق سواء من الولايات المتحدة أو من إسرائيل أو من الجانب الفلسطيني وأيضًا من بعض الدول العربية للتوصل إلي حل للدولتين، وأن هذا ما سيحقق الاستقرار والتوازن والأمن لكل الأطراف في المنطقة، لهذا نحن نرى ما قاله الرئيس ترامب باعتباره محاوله لإجهاض القضية الفلسطينية، وهذا أمر مرفوض تماما».
وعن موقف مصر والأردن في حال إصرار ترامب على تصريحاته، أشار أبو طالب إلى أن الرئيس الأمريكي يعطي الضوء الأخضر لهز أمان المنطقة، ولكي ينظر أيضًا إلى ردود الأفعال المترتبة على تصريحاته.
وقال أبو طالب «نحن قد عبرنا في هذا الشأن عن رد الفعل الغاضب والرافض لهذا الامر، بل أيضًا قامت الأردن من ناحيتها برفض هذا الأمر، ومن ناحية أخرى قامت السلطة الوطنية الفلسطينية والفصائل الفلسطينية والعشائر الفلسطينية الموجودة في غزة والضفة الغربية برفض هذا الأمر، بل أن الجانب الأوروبي أيضًا أكد من خلال متحدثين رسميين لهم رفضهم هذا الأمر، أيضًا قامت المفاوضة الدولية لحقوق الانسان باعتراضها على هذا الأمر، بالتالي فهذا الأمر لا يمثل قدراً علينا الالتزام به».
وأضاف: ما يقوله الرئيس ترامب ليس قدرًا نهائيًا، إنما القدر النهائي هو الذي نسعى إليه والذي نستطيع أن نحققه وهو حماية الشعب الفلسطيني وأرضه وإعطائه المزيد من الدعم لكي يصمد في مواجهة مثل هذه الأفكار السلبية والمرفوضة تماما.
وعند سؤاله عن مستقبل القضية الفلسطينية في ظل عهد ترامب، قال الدكتور حسن أبو طالب، إن مواقف الدعم الأمريكية لإسرائيل ليست جديدة، وقد يتغير التعبير عنها في الشكل ولكنها ثابتة في الجوهر العام، فنحن رأينا ما الذي قدمه الرئيس السابق بايدن لمساعدة إسرائيل في استكمال الإبادة والتدمير الذي حدث في قطاع غزة، فلو كان هناك أحد داخل الولايات المتحدة يحترم حقوق الانسان لم يكن ليحدث هذا الدعم الذي حدث بالفعل، وعلينا أن ندرك هذه الحقيقة ونتعامل معها، فنحن نرفض هذه الأفكار التي تريد أن تحرم الشعب الفلسطيني من حقوقه، من وطنه وسيادته على أرضه الأصلية التي لا يمكن الاستغناء عنها.
وقال أبو طالب إن ترامب يريد مساندة اليمين الإسرائيلي لكي يمارس سطوته وهيمنته على المنطقة العربية، ولكنه أمر صعب الحدوث لأن الدول العربية ترفض هذا السلوك الأمريكي المتطرف، فنحن في العالم العربي قد تحدث بيننا اختلافات ولكن عند لحظة المعاينة ويرى الجميع أن هذه الاختلافات تضر المواقف الفردية والجماعية، فنحن قادرون على إلغاء هذه الأفكار السلبية التي يحملها ترامب والنخبة المحيطة به.
وبسؤاله عن إلغاء ترامب الحظر على إرسال قنابل مدمرة تزن حوالي ألفي رطل لإسرائيل، أوضح أن ترامب منذ توليه الرئاسة وقع على أكثر من 200 أمر تنفيذي ألغى فيها الكثير من القرارات التي اتخذتها إدارة الرئيس السابق بايدن، مشيرا إلى أن ما قرره الرئيس ترامب في رفع الحظر عن هذه القنابل المدمرة وإعطائها لإسرائيل، هو جزء من إلغاء قرارات الإدارة السابقة، وفي نفس الوقت هو تقرب لنتنياهو ولليمين المتطرف في الداخل الإسرائيلي، وهو أمر ليس جديدًا على ترامب، ولكن الجزء السيء في هذا الأمر هو أن هذا القرار تحديدًا سيعطي لإسرائيل مبررًا لمزيدٍ من التدمير واستخدام القوة ضد غزة ولبنان والضفة الغربية، بل وأيضًا ضد إيران ومنشئاتها النووية.
وفي ختام حديثه لـ «الأسبوع» أكد أن هذا القرار يزيد من التوتر، واصفا إياه بـ «إشعال عود من الكبريت بجانب برميل من البنزين»، قائلا: هذا القرار غير إيجابي للاستقرار في المنطقة، ولكنه تعبير عن التصرف الأمريكي في مساندة التطرف الإسرائيلي.