في حادثة بشعة وصفها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، بـ”جريمة حرب”، روعت إسرائيل الشعب اللبناني أمس الأربعاء، بعد استهدافها ما يزيد على ألفي عنصر من حزب الله في البلاد، بتفجير أجهزة “بيجر” المستخدمة في الاتصال اللاسلكي بين عناصر الحزب.
ونتيجة ذلك أصيب نحو 3 آلاف شخص، فيما توفي 12 آخرين.
والهجوم الذي وقع الثلاثاء منسوب إلى إسرائيل، علما أن الأخيرة لم تعلن مسئوليتها عنه بعد.
وفقدت مستشفيات بيروت عن القدرة الاستيعابية للمرضى ونصبت الخيام للتبرع بالدم، في الوقت الذي أعلن فيه أطباء الجراحة عن إصابات خطيرة في العيون والآذان لم يشاهدوها من قبل، تركت العديد من المصابين في حالة حرجة.
وتمخضت احتمالات كثيرة عن كيفية تنفيذ إسرائيل التفجيرات، خاصة بعدما أفادت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية عقب الحادث، بأن العناصر أُصيبوا في هجوم سيبراني، في إشارة لاختراق إلكتروني أدى لتسخين البطاريات ومن ثم انفجارها، لكن تبقى شدة الانفجارات ونوع الإصابات الخطرة، التي أصابت مناطق العين والأذن والخصر، تشير إلى سبب أكبر أدى لحدوث ذلك.
– ما هو جهاز بيجر ولماذا اختاره حزب الله؟
يعتبر “بيجر” جهاز لاسلكي قديم كان يُستخدم في التسعينات بين العامة في دول الوطن العربي، ويعمل على التقاط الإشارات والرسائل والتعليمات لأصحابها الذين يمتلكونها فيما لا يستطيع الشخص الملتقى الرد على تلك الرسائل، وقد اختاره حزب الله اعتقادات منه أنه بدائي ويصعب اختراقه.
– سيناريوهات مختلفة ترسم كيف حدث ذلك؟
1. السيناريو الأول.. إرسال فيروس لتفجير البطارية
في البداية يوضح الأستاذ الدكتور جلال نديم، أستاذ الاتصالات المتفرغ بكلية الهندسة جامعة الفيوم، أنه لا مستحيل في عالم التكنولوجيا حيث يمكن اختراق وتفجير أي جهاز مهما كان متقدما أو بدائيا، وذلك باستخدام الإشارات، ذاكرا أن ذلك يحدث مع الهواتف المحمولة والأجهزة اللاسلكية.
وقال نديم في تصريحات خاصة لـ”أخبار مصر”، إن السيناريو الأول لانفجار جهاز “بيجر” هو إرسال برمجية فيروسية تم تطويرها لاختراق تلك الأجهزة، ومن ثم تؤذي هذه البرمجية (الفيروس) النظام الإلكتروني للجهاز فترتفع حرارته بما يؤثر على البطارية ويجعلها ساخنة جدا فتنفجر محدثة إصابات لمستخدم الجهاز تتراوح شدتها تبعا لدرجة القرب منه.
وأضاف نديم، أن انفجار البطارية ليس اختراعا ولكنه وارد الحدوث بشكل طبيعي مع الهواتف المحمولة في حال التحدث أو استخدامه وهو في عملية شحن البطارية أو عند تركه في الشمس.
وأكد أن هذه الإشارة البرمجية المؤذية لا يتطلب وصولها لأى جهاز وجود خاصية الإنترنت، موضحا أن إسرائيل أرسلت الفيروس على إحدى الشبكات اللاسلكية التي ترسل الرسائل إلى الأشخاص حاملي أجهزة “بيجر” ومن ثم وصلت لهم جميعا.
2. السيناريو الثاني.. إرسالة فيروس لتفجير اللوحة الإلكترونية للجهاز
يقول الدكتور نديم إن السبب الثاني المؤدي للانفجار قد يكون تضرر اللوحة الإلكترونية للجهاز نفسه وليس البطارية.
وأوضح أن ذلك ربما حدث على نفس النحو المشروح سابقا وهو أن إسرائيل ارسلت برمجية فيروسية أعطت أوامر كثيفة للوحة الإلكترونية للجهاز ما أدى لسخونتها وانفجارها محدثة إصابات لحاملي الجهاز.
وتابع نديم: “حزب الله ارتكب خطًأ فادحا كلفه استهداف أعداد كبيرة من أنصاره وهو ربط جميع الأجهزة بشبكة لاسلكية واحدة”، مفسرا أنه لا يمكن استهداف هذا العدد الضحم في سوريا ولبنان في آن واحد إلا من خلال إرسال رسالة في نفس الوقت أو بفارق دقائق لجميع من يحملون الجهاز، وهذا يتحقق عندما تكون جميع الأجهزة مرتبطة بشبكة واحدة رئيسية.
وفسر نديم كيفية استهداف العناصر على المدى البعيد في لبنان وسوريا رغم استخدام جهاز لا سلكي قصير المدي، بأن الشبكة اللاسلكية الرئيسة ترسل التعليمات والرسائل لشبكات لاسلكية أخرى متصلة بها متفرقة على طول الخط بين لبنان وسوريا، بما يسمح بتحويل الاتصال اللاسلكي من محدود المحدى إلى واسع المدى.
3. السيناريو الثالث الأقرب.. تفخيخ أجهزة بيجر
مع الساعات الأولى للحادث ظهرت تحليلات تشير إلى أن قوة الانفجار التي أحدثت شهداء ومصابين، نتجت عن وجود عنصر الليثيوم في بطاريات أجهزة بيجر، وهو عنصر قابل للاشتعال والانفجار، وقد وثقت الصحافة الأمريكية في وقت سابق حوادث لحرائق داخل منشآت وقعت بسبب بطاريات الليثيوم.
لكن مصادر مختلفة بينهم العميد خليل الحلو الباحث اللبناني في الشئون السياسية والاستراتيجية، قالت لقناة الحدث أمس الأربعاء، إن الخبراء يرجحون أن السيناريو الأقرب لسبب حدوث الانفجارات بهذه القوة هو تفخيخ إسرائيل لشحنة أجهزة “بيجر” التي استوردها حزب الله من تايوان مؤخرا بعد توجيه حسن نصر الله لعناصر الحزب بعدم استخدام هواتفهم المحمولة التي تمثل “جاسوسا متنقلا”.
هذه الفرضية أكدتها صحيفة “نيويورك تايمز”، التي أفادت اليوم الخميس أن أجهزة النداء اللاسلكية “بيجر” التي انفجرت بأيدي عناصر حزب الله بشكل متزامن تم تصنيعها في تايوان وقامت إسرائيل بتفخيخها قبل وصولها إلى لبنان.
وما يؤكد على تورط إسرائيل في هذا الهجوم هو أن توباز لوك، المستشار المقرب لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ألمح إلى أن إسرائيل كانت وراء تفجير أجهزة البيجر، حسبما نقلته “روسيا اليوم”.