تدخل ألمانيا في أزمة سياسية جديدة بعد قرار مستشار الحكومة أولاف شولتز إقالة وزير المالية، مما أدى إلى تعميق الأزمات داخل الحكومة وأثار دعوات لحلها. وناشد زعيم المعارضة الألمانية، فريدريش ميرز، إجراء انتخابات مبكرة في يناير المقبل، بعد انهيار حكومة شولتز، محذرًا من أن البلاد لا يمكنها تحمل فترة طويلة من عدم اليقين السياسي.
ورفض رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ، يوم الخميس، الجدول الزمني الذي حددته المستشارة الألمانية، بعد أن قام بتفكيك الائتلاف الحاكم، وهي الخطوة التي مثلت ذروة الخلاف الطويل حول كيفية تعزيز النمو الاقتصادي، مما أوقع أكبر اقتصاد في أوروبا في اضطرابات سياسية عميقة.
– اقتصاد ألمانيا في مأزق
يُحذر خبراء الصناعة من أن تأخر ألمانيا في الابتكار والتحول البنيوي يشكل ضغطًا كبيرًا على نموذجها الاقتصادي. ومع ذلك، لا تزال قطاعاتها الأساسية و”أبطالها الخفيون” يجذبون اهتمامًا استثماريًا عالميًا قويًا. وقد خفضت الحكومة الفيدرالية الألمانية توقعاتها للنمو الاقتصادي لعام 2024 من 0.3% إلى -0.2%، مما يعكس انزلاق الاقتصاد إلى الركود وسط توقعات قاتمة.
وأصبحت بعض الشركات الألمانية، التي تعاني من ضعف مالي، عرضة بشكل متزايد للاستحواذ الأجنبي، حيث وصفت صحيفة فاينانشال تايمز الوضع بأنه “الشركات الألمانية معروضة للبيع”.
– ارتفاع حاد في عمليات الاستحواذ الأجنبية
أشارت صحيفة برلينر تسايتونج إلى أن الشركات الأجنبية تسرع وتيرة استحواذها على الشركات الألمانية في ظل الركود الاقتصادي. ومع تزايد الضغوط الاقتصادية، بدأت العديد من الشركات الألمانية في البحث عن طرق للتغلب على هذه الظروف، مثل “نقل” عملياتها إلى الخارج بحثًا عن فرص نمو أفضل. ويلجأ العديد منها إلى التمويل الأجنبي أو بيع الأصول.
وشهد هذا العام زيادة ملحوظة في عمليات الاستحواذ الأجنبية على الشركات الألمانية. ففي أكتوبر، استحوذت مجموعة تكساس باسيفيك كابيتال على شركة إدارة الطاقة الألمانية تيشيم مقابل نحو 6.7 مليار يورو (7.2 مليار دولار أمريكي). كما أبرمت شركة الخدمات اللوجستية الدنماركية العملاقة دي إس في صفقة بقيمة 14 مليار يورو (15.04 مليار دولار) لشراء وحدة الخدمات اللوجستية شينكر التابعة لشركة دويتشه بان.
وبحسب بيانات مجموعة بورصة لندن، شارك مستثمرون أجانب في صفقات الاندماج والاستحواذ الألمانية بقيمة إجمالية بلغت 111 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، مما يمثل زيادة بنسبة 39% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
– الشركات الألمانية بين التمويل الأجنبي وبيع الأصول
على الرغم من أن ألمانيا تظل رائدة في مجال التصنيع، فإن التقدم البطيء في التكنولوجيات الناشئة، مثل الرقمنة والمركبات الكهربائية، يقوض قدرتها التنافسية العالمية، وقد أشار محللون صناعيون إلى أن الضغوط الاقتصادية المستمرة تعمل على إعادة تشكيل المشهد المؤسسي في البلاد.
وفي محاولة لمواكبة التحولات السريعة في الاقتصاد العالمي، تتجه بعض الشركات الألمانية الآن إلى رأس المال الأجنبي لدفع عجلة التحول. وأدى ذلك إلى زيادة عمليات الاستحواذ الأجنبية، حيث يسعى المستثمرون الدوليون للاستفادة من الخبرة التكنولوجية الألمانية في مجالات معينة، وكذلك الاستفادة من حاجة الشركات الألمانية إلى التجديد.
– ذعر في سوق الأوراق المالية
في ظل الركود الاقتصادي، اشتدت موجة من عمليات بيع الشركات في البورصات، مما يعكس حالة من الذعر تشبه تلك التي تحدث في سوق الأوراق المالية.
وفي أكتوبر، توقع نائب المستشارة الألمانية ووزير الاقتصاد، روبرت هابيك، انكماشًا إضافيًا بنسبة 0.2% للاقتصاد الألماني في 2024، مما يشير إلى عام ثانٍ على التوالي من الركود، وقد صنف صندوق النقد الدولي ألمانيا في المرتبة 39 من بين 41 اقتصادًا متقدمًا من حيث النمو، مما يسلط الضوء على التحديات الاقتصادية التي تواجهها.
وأشار هابيك إلى وجود تحديات هيكلية كبيرة، بما في ذلك نقص العمالة الماهرة، ونقص الاستثمار في البنية التحتية، والبيروقراطية المفرطة، التي لا تزال تحد من إمكانات النمو في ألمانيا على المدى الطويل.