البشعة : تقليد غريب يدعي مستخدموه الماورائية والصدق، ربما تعود لطقوس قبلية بدائية ليس موثقة، استخدمها الأولون لحسم الجرائم بشكل نهائي، حيث لا وجود للدلائل ولا القرائن، وإنما في النهاية مجرد «لحسة» قد تغير مستقبل فاعلها للأبد.
وصفتها دار الإفتاء أنها ليس لها أصل في الشرع في إثباتِ التُّهَمِ أو مَعرِفة فاعِلِها، والتعامل بها حرامٌ؛ لِمَا فيها مِن الإيذاء والتعذيب، ولمَا فيها مِن التَّخَرُّص بالباطل بدعوى إثبات الحَقِّ، وإنَّمَا يجب أن نَعمَل بالطُّرُق الشرعية التي سَنَّتْها لنا الشريعة مِن التراضي أو التقاضي.
الغريب أن مستخدميها لازالوا يلجأون إليها حتى وقتنا الحالي، وتحديدًا في مركز ملوي الواقع جنوب المنيا، ولمعرفة السر وراء هذا الاعتقاد قابلت بوابة أخبار اليوم المُبشِّع خلف عبد العال، الرجل الخمسيني، الذي يؤمن هو من يتبع تلك المهنة أن «النار» هي السبيل الأوحد في معرفة الحقيقة.
المُبشِّع خلف
«أنا من أبناء مدينة ملوى، توارثت البشعة من أبي الذي توارثها من جده، فأعمل في تلك المهنة منذ ما يزيد عن 35 عاما».. هذا ما تحدث به عم خلف عبد العال، مضيفاً: أن البَشْعة جاء تسميتها بسبب بشاعة الموقف، فما هي إلا لحظات قد تحدد مصيرك القادم إما أن تعيش برئ أو تعيش طيلة حياتك مذنبا.
ما هي البَشْعة
وعن هذا السؤال قال المُبشِّع خلف عبد العال: «البَشْعة هي إحدى الطرق التي استخدمتها القبائل العربية في البادية والحضر للحكم على براءة أو إدانة المتهم، بعد استنفاذهم لجميع الأدلة لإظهار المجرم، وذلك بتلحيس النار للسانه، حيث تتم عملية (البَشْعة) بأن يجلس المتهم بجانبي، كذلك يجلس الخصوم والشهود لمشاهدة ما يجري».
يؤكد المُبشِّع خلف عبد العال، بأن البَشْعة تعد نوعا من أنواع المساعدة لكشف المتهم، وزعم أنها محاولة لتخفيف العبء عن كاهل الشرطة، فيوجد العديد من الأسر لا تحب اللجوء إلى الشرطة لخصوصية الموقف.
والد يتهم أبنائه بالسرقة
وتحدث عن إحدى هذه الخصوصيات، قائلًا: على سبيل المثال، جاءني رجل يتهم أبناءه وزوجته بأن هناك مبلغا ماليا كبيرا فقده خلال تواجد هذا المبلغ بالمنزل، الأب هنا لا يحبذ اللجوء إلى الشرطة لحساسية الموقف، وبالفعل وبعد أن قمنا لنصب البَشْعة، خاف الشاب من منظر البَشْعة وهي كالجمر واعترف بأنه قام بالسرقة، ولدينا العديد والعديد من الأسرار لا نستطيع أن نفصح عنها.
قراءات لا يعرفها إلا المُبشِّع
وتابع: «لا يستطيع أي شخص أن يعمل جلسة بالبَشْعة، لأنها تحتاج إلى قراءات خاصة لا يعرفها إلا المُبشِّع، ولكن في النهاية تكون ثقتك في الله وحده وليس في البشعة، لأنه هو الذي يستطيع أن ينجي شخص برئ، أو يأذي ويظهر شخص صمم على كذبه».
أبشع وأظهر لسانك
ويقول عبد العال: يضرم المبشع نارا، ويضع فيها كمية كبيرة من الفحم حتى يحمر، ثم يقوم بوضع قطعة حديدية تنتهي بشيء من الحديد على شكل دائري تشبه الملعقة ولكن تتميز بحجمها الكبير على النار.
ظهر على لسانه بقع
ثم يضعها عم خلف على لسانه ثلاث مرات ليرى الناس أن النار لا تضر الأبرياء، ثم يقول له: أبشع.. على المتهم قبل أن يبشع ويلحس المتهم ثلاث مرات، بعد ذلك يتناول الرجل الذي بُشع قليلًا من الماء، ويتمضمض به ثم يبصقه، فإذا ظهر على لسانه بقع تدل على أنه احترق أو ظهر أثر للنار فيه فهذا يكون المتهم.