يضرم نيران الذعر بقلبي، لتتسلل إلى ثنايا روحي، هو قدرتي في إحالة من كان محور الكون بالنسبة لي، إلى العدم، إلى غريب عابر لم يكن يوماً بين طيات صفحات حياتي، ما يثير الرعب بي حقاً هو الاعتياد والتأقلم على الأمر سريعاً، سواء قرباً أو بعداً، فلم يعد هناك شيئاً يؤرق صفو ذهني ويشغل بالي، لم يعد هناك من يسلب النوم من بين أجفاني، ولكني أعترف بأنني لم أصل إلى تلك المرحلة من فراغ، فهناك العديد والعديد من التضحيات والتنازلات التي ذهبت هباءً، هناك العديد من ليالي سهد يؤنسها البكاء. فحتى أثناء القرب كنت أخشى البعد فجأة، ولكن مالم أتوقعه بأن تأتي تلك اللحظة وتمر هكذا دون أن أبكي كعادتي، دون أن أحزن حتى، فكانت تلك اللحظة، هي لحظة النضج حقاً، لأعلم بأن الراحة تكمن في البعد، في البعد فقط.