(كتبت منة
إن الله عز وجل يحثنا في تلك الآية الكريمة على النظر إلى مخلوقاته وتأمل ما فيها من عبر ودلائل في قدرته العظيمة وأنه رب العالمين جميعًا.
فخلق الإبل التي تقلنا حيثما شئنا ونأكل لحومها وننتفع من جلودها أيضًا.
كما خلق السماوات ورفعها عن الأرض بغير عمد وأنزل منها الغيث ليسقي الحرث والنباتات.
وخلق الجبال ذو الإرتفاعات الشاهقة بما فيها من معجزات وعبر لتكون أوتادًا للأرض، وبسط الأرض مستوية للناس وللدواب والنبات والحيوان، كما أوجد عليها البحار والأنهار والمحيطات والهضاب والجبال.
ويعد من أغرب الجبال الذي قد انتشر عنها الكثير من الخرافات والأساطير الواهية؛ جبل “رورايما”، الذي ينضم لسلسلة من الهضاب التي ترتفع لأكثر من 2743 متر فوق سطح الأرض.
ذلك الجبل الذي يقع بين ثلاث دول في قارة “أمريكا الجنوبية”، حيث يقع من أراضيه 85٪ في فنزويلا، 10٪ في غيانا، و5٪ في البرازيل.
ويقع أيضًا بالقرب من منتزه كانيما الوطني.
ويبلغ عمره ما يقرب من ملياري عام تقريبًا، ثم أُكتشف سنة1884من قِبل المستكشفين ومنهم على سبيل المثال لا الحصر “ايفيرارد ايم ثورن” و “هاري بيركنز.”
اللذان تحدثا عنه بعد عودتهما في مؤتمر عالمي بلندن، والذي قد حضره السير “آرثر كونان دويل” صاحب الرواية العظيمة ( العالم المفقود ) فقد استوحى كتابتها من هذا المؤتمر.
كما أن ذلك المكان يعتبر مصدر الإلهام لفيلم : “شلالات الجنة”، حيث تبدو تلك الهضاب من الأعلى وكأنها جزر في السماء.
ويتميز جبل رورايما بشكله الذي يشبه المنضدة فهو مرتفع بشكل عمودي بارتفاع 400 متر من جوانبه الأربعة.
تنمو فيه آلاف الأنواع من النباتات، أنواع غير موجودة إلا على هذه الهضاب.
وكان جبل رورايما معزولًا ونائيًا، ولم يقترب منه سوى السكان الأصليون، أي كان عالمًا ضائعًا ومفقودًا بحق.
يُعتقد أن الهضاب الجبلية نشأت عندما كانت قارة أمريكا الجنوبية متصلة بقارة أفريقيا، شكلتا وقتها ما يُعرف بقارة غوندوانا، مما يعني أن تاريخ نشوء تلك الهضاب يعود إلى 400 مليون وحتى 250 مليون سنة.
في تلك الفترة وجدت الصخور المصهورة طريقها عبر التصدعات والشقوق في الأرض والحجار الرملية. وفي الفترة نفسها اجتاحت المياه والرياح قارة غوندوانا وحوّلت الهضاب المرتفعة إلى سلاسل جبلية.
وبالتالي أصبح شكل الهضاب اليوم مشابهاً لما كان عليه منذ 20 مليون عام.
ولأن تلك الهضاب كانت نائية؛ فهي تحتوي على ما يقرب من 10 ألاف من النباتات الفريدة المحصورة في تلك المنطقة فقط دون غيرها، ولا يزال اكتشاف المزيد من أصناف النباتات جاريًا.
وقال المستكشف الألماني “إوفي جورج” بعدما تسلق الجبل عام 1989 بناءًا على طلب من “جمعية ناشيونال جيوغرافيك”: “لم يعثر أي شخص اتبع مسار “إم ثورن” على أي كائنات بدائية أو بقايا حفريات هناك، فالتربة صعبة وتسلقها أمرٌ شاق، ولم يُكتشف سوى 44 ميل مربع من الجبل حتى الآن.”
وبسبب ما جاء في كتابات (جورج)، أُجريت المزيد من التحقيقات هناك، ولكن لم يُعثر على أي آثار لأي كائنات غريبة أو بقايا حفريات منقرضة.
حيث ادعى عالم النباتات البريطاني “إدفارد إم ثورن” بعد زيارته جبل رورايما سنة1884، بوجود ديناصورات ونباتات آكلة للحوم، وخلق عالمًا خياليًا أسطوريًا، أُعجب به دويل وذكره في روايته الشهيرة “العالم المفقود.”
ووفقًا لهنود “البيمون” الذين عاشوا هناك على تلك المنطقة؛ أن جبل رورايما هو: “ما بقي من شجرة عملاقة حملت كل أنواع الفاكهة والخضار في العالم.”
وأيضًا وفقًا للأسطورة، فقد طُرحت الشجرة أرضًا على يد أحد القدماء، ونتج عنها طوفان عظيم.
فاعتقد السكان المحليون أن أي شخص يصعد قمة الهضبة لن يعود سالمًا، أو ربما لن يعود على الإطلاق.
وذلك لاكتفائهم بالسماع لما ذُكر وتداول بينهم فقط، دون خوض أي تجارب لمعرفة الحقيقة.
فقصة الديناصورات والنباتات آكلة اللحوم مجرد أسطورة لا أساس لها في تلك المنطقة، فلم يعثر المستكشفون في عصرنا على تلك الديناصورات والكائنات الأخرى على جبل رورايما.
ولكن لربما يجدوا أو وجدوا الضفادع السوداء وعناكب الرتيلاء التي لا تعيش سوى في هذه المناطق.
فقال الله تعالى في سورة النحل: (وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ ).
وفي سورة يوسف: وفوق كل ذي علم عليم.
“صدق الله العظيم”
(جبل رورايما)
#منة_الهلالي