أكمل العلماء العاملون في مجمع التلسكوب الراديوي ALMA في صحراء أتاكاما في تشيلي أكبر دراسة لمجموعة مجرات العذراء.
وبعد تحليل توزع أول أكسيد الكربون في 51 مجرة، وجد الباحثون أن البيئات القاسية يمكن أن تقتل المجرات، عن طريق سحب الغازات اللازمة لتشكيل النجوم. ونشر العلماء مقالا بهذا الشأن في مجلة Astrophysical Journal الفلكية العلمية.
ناسا تشارك صورة سديم يشبه “ملك الوحوش” في كوكبة القوس!
وأُجريت الدراسة في إطار مشروع VERTICO باعتباره أول مسح عالي الدقة للغاز الجزيئي في تاريخ عمليات رصد الفضاء، وتم إجراؤه في مجموعة من مجرات العذراء، بصفتها مجموعة كونية تحتوي على 1300 إلى 2000 مجرة، حيث أولى علماء الفلك اهتماما خاصا ببيئة الكتلة، أي وجود أول أكسيد الكربون فيها.
وقال مدير المشروع، توبي براون، عضو المجلس القومي للبحوث في كندا:” سمح لنا تحليل نتائج الدراسة بالإجابة على السؤال الطويل الأمد للفيزياء الفلكية حول ماذا يقتل المجرات، فاتضح أنها تفقد الغاز، وهو أمر ضروري لعملية تكوين النجوم”.
وتتعرض المجرات، حسب العالم، لدخول البلازما الساخنة المحيطة بها. وتتوغل تلك البيئة القاسية إلى داخلها وتسحب غازها الجزيئي، بصفته وقودا لازما لتكوين نجوم جديدة وإبقاء المجرات على قيد الحياة.
ومضى قائلا: “نحن نعلم أن المجرات تموت بسبب محيطها، لكننا أردنا معرفة السبب. وما كشف عنه مشروع VERTICO بشكل أفضل من أي وقت مضى هو كيفية تأثير العمليات الفيزيائية على الغاز الجزيئي، ما يقرر بدوره حياة وموت المجرة.”
وقالت الدكتورة، كلوديا لاغوس من المركز الدولي لبحوث الفلك اللاسلكي ICRAR في أستراليا: “يوفر لنا VERTICO فرصة غير مسبوقة لرصد سلوك الغاز الجزيئي، مما يسمح لنا بتحديد ماذا يقتل هذه المجرات.
وقد أظهرت نتائج تحقيق مشروع VERTICO دليلا على أن البيئة تتوغل بعيدا إلى داخل المجرات، مما يؤدي إلى تهيج الغاز الجزيئي، ما يؤثر على تكوين النجوم وهيكل أقراص الغاز المجري”.
واستنتج العلماء أن قدرة المجرة على تكوين النجوم تعتمد على مكانها في الكون وكيفية تفاعلها مع بيئتها.
ومضت الدكتورة قائلة: “باستخدام VERTICO، درسنا خزان الغاز في 51 مجرة في مجموعة برج العذراء. وتمكّنا من رسم الخريطة الأكثر تفصيلا لتوزع الغاز في مجموعات المجرات التي تم رصدها. وسمحت لنا تلك الخريطة بالاقتراب من حل لغز كيفية تأثير البيئة على توزع الغازات في المجرات، ولا سيما الغازات الكثيفة والباردة، وبالتالي على قابليتها لتكوين النجوم”.
ومن بين العديد من البيئات المختلفة في الكون، تعد مجموعة برج العذراء واحدة من أكثر البيئات ضخامة وسخونة والأكثر تطرفا، مما يجعلها مثيرة للاهتمام بشكل خاص للعلماء الذين يدرسون تطور المجرات.
إضافة إلى ذلك، فإنها تقع بالقرب منا نسبيا، ما يسهّل رصدها. ويبلغ عرض عنقود المجرات 7 ملايين سنة ضوئية، وإنه يحتوي على آلاف المجرات التي تجتاحها بلازما شديدة الحرارة بسرعات تصل إلى عدة ملايين كيلومترات في الساعة. وتعتبر هذه البيئة قاسية لدرجة أن عمليات تكوين النجوم يمكن أن تتوقف في المجرات التي تطيرعبرها، ويمكن أن تختفي المجرات نفسها.