لا يخدعُكَ مظهرنا الذي دائمًا ما نطل به أمام الجميع؛ فنحن نظهر بوجوه تغلفها القوة والبرود، ندعي الهدوء والثبات، والابتسامة لا تبارح وجوهنا. ذلك القناع الذي نرتديه لينفي ما بداخلنا؛ فبداخلنا يعُمه الظلام، يسود الخراب، تتكدس الفوضى، تصدح الضوضاء، تندثر الكلمات، ونختنق بالبكاء. هناك الحروب والنزاعات المستمرة باستنزاف أجزائنا الممزقة. شعور قاسي يعتصر قلوبنا؛ شعور الغربة، الغربة التي باتت تلازمنا وتخبرنا أننا لا ننتمي لأي من الأماكن التي نذهب إليها، ولا لأي شخص من الأشخاص المتواجدين معنا، حتى غرفتنا منذ الطفولة تخبرنا ذلك، وكأنها ملت كآبتنا التي لا تظهر سوى بها. ولكننا نتجاهل كل ذلك، ربما في ذلك التجاهل مقاومة منا، ولو ضعيفة إلى أنها تُعد انتشال لما نحن قابعين فيه. نعم، ذلك التجاهل ربما يكون أيضًا طوق نجاتنا ونحن نظنه استنزاف لنا بالتظاهر بما لا نشعر به.