صباح السبت 7/3/2015 من مدينة السويس، الصباح يبدو رائعًا، كذلك الشمس ترسل ضوئها وحرارتها برقة وحنان، كأنها تشعر بمعاناة الشعب. السائقون هادئون تمامًا لا تكاد تسمع صوتك من شدة هدوئهم. الضوضاء منعدمة، وكذلك يختفي التلوث والروائح الكريهة. صناديق القاذورات فارغة عن آخرها، يبدو أن الجميع توقف عن انتاج القاذورات المنزلية.
كابلات الكهرباء ممتلئة بالحرارة والطاقة، كأنها تخبرنا أنها لن تنقطع اليوم أكثر من بضع ساعات .
عمال النظافة جالسون علي المقاهي لا يشعرون بمشقة معنوية أو جسدية. بعض الأغنياء يحتسون فناجين القهوة مع فقراء المدينة، وهم يتبادلون النكات والضحك بصوت عالي تتلاقي أيديهم؛ لتقرر كم هي رائعة تلك المزحة. بينما تسير فتاة ليل وحيدة لا تجد لها شريكة أو تجد ضالًا لتغويه؛ فتقرر التوبة أو تقرر الرحيل إلي مدينة أخري تعشق العاهرات.
القتلى يرفعون أصابعهم مشيرون؛ أنهم لم يموتوا في الورطة المقدسة والجرحى ضمدت جراحهم؛ فاستحقوا المال والمعاش الذي سيضمد شرخ قلوب آبائهم وأمهاتهم.
سياسي يرتدي قلبًا مزيف وثياب مطرزة بالنفاق. ومشاعر مصنوعة من الحديد، وضمير من الاسفنج ليمتص دماء الجهلاء.
العقلاء يحيطون المدينة من الداخل والخارج، يرتدون حِكَمِهم الواقية ويتخذون من الأفكار؛ سيوف يحاربون بها الحمقى في حروب الردة الثانية.
الشعراء لا يهيمون في كل وادٍ، ولا يبحثون عن المال أو الشهرة؛ فكل ما يشغلهم تنبيه الغافلون ونشر الفضيلة.
الأطفال جمعوا مع براءتهم حسن الخلق؛ فلم يعودوا يسبوننا كلما مررنا بهم. يجتمعون لا ليلعبوا بل ليصنعوا ما لم يستطع آبائهم الأولون.
ضحكات تتراشق هنا وهناك في كل شوارع المدينة أينما تولي تصيبك ضحكة أو قبلة.
لم يكن هناك ما يُحزِن؛ فالجميع رائعون، غير أن الكاذب الوحيد كنت أنا.