يعد سطح عالمنا عبارة عن خليط من الصفائح التكتونية المتدفقة، حيث أنه مع ظهور صفائح تكتونية جديدة تنسحب أخرى تحتها.
وتحافظ هذه الدورة المستمرة على حركة قاراتنا وتدفع الحياة على الأرض. لكن العلماء ظلوا في حيرة من أمرهم عما يحدث عندما تختفي صفيحة في باطن الكوكب.
ما الذي يهدد الحياة على الأرض؟
والآن، في الدراسة التي نُشرت في 11 نوفمبر في مجلة Nature العلمية، يقول العلماء إنهم وجدوا إجابة يمكن أن توضح ما يحدث بالتحديد.
ومن المعروف أن الصفائح التكتونية تقود الزلازل والبراكين، وتخلق سلاسل الجبال والجزر، وهذا هو السبب في أن قارات الأرض، التي كانت ذات يوم قارة عظمى، أصبحت الآن متباعدة. ولكن لا يزال هناك الكثير غير معروف حول كيفية عمل الصفائح التكتونية، مثل ما يحدث عندما تنزلق صفيحة تحت أخرى (في منطقة تسمى منطقة الاندساس) وتختفي في الوشاح (الطبقة الوسطى من الكوكب).
ولمعرفة ذلك، استخدم الباحثون نماذج حاسوبية ثنائية الأبعاد لمناطق الاندساس وبرمجوها باستخدام الفيزياء المعروفة لكيفية تصرف المواد، مثل كيفية تشوه الصخور تحت قوى معينة. وبعد ذلك، لاحظوا النموذج لمعرفة ما حدث في منطقة الاندساس وقارنوا نتائجهم بملاحظات الحياة الواقعية.
وأظهرت النماذج أنه عندما تدخل الصفيحة الوشاح، تنحني فجأة إلى أسفل، ما يؤدي إلى تشقق سطحها البارد والهش. وفي الوقت نفسه، يؤدي الانحناء إلى تغيير بنية الحبيبات الدقيقة للصخور على طول البطانة السفلية للصفيحة وتصبح لينة وأضعف. ومجتمعة، تضغط هذه التغييرات على الصفيحة على طول نقاط ضعفها، ما يجعلها في الغالب سليمة ولكنها مجزأة. وهذا يعني استمرار سحب الصفيحة للأسفل على الرغم من انحنائها وتشوهها.
وقال المؤلف الرئيسي تاراس غيريا، أستاذ الجيوفيزياء في المعهد السويسري للتكنولوجيا بزيورخ، إن هذا يعني أن الصفائح لا تتفكك، وبالتالي تستمر في شد الأجزاء الموجودة خلفها “لفترة طويلة جدا”. وفي الواقع، يمكن للصفيحة أن تظل تنزلق تحت الصفيحة الأخرى لمئات الملايين من السنين، على حد قوله
اكتشاف “أعمق زلزال على الإطلاق” وقع في طبقة من الأرض كان يعتقد استحالة حدوث هزات فيها
وتطابقت عمليات المحاكاة مع الملاحظات والتصوير الزلزالي العميق الذي أظهر مناطق ضعيفة في منطقة الاندساس في اليابان، كما قال غيريا لموقع “لايف ساينس”.
ووصفت كينت كوندي، الأستاذة الفخرية في الجيوكيمياء وعلوم الأرض والبيئة في معهد نيو مكسيكو للتعدين والتكنولوجيا، والتي لم تشارك في الدراسة، النماذج الحاسوبية بأنها “قوية وذات مغزى”.
ووضع الفريق أيضا نموذجا لما كان سيحدث لو كانت درجة حرارة باطن الأرض 270 درجة فهرنهايت (150 درجة مئوية) أكثر سخونة، على غرار درجات الحرارة التي كانت ستصل إليها منذ نحو مليار سنة.
ووجدوا أنه في هذه المحاكاة، تحطمت الصفيحة على بعد أميال قليلة فقط في الوشاح، لأنها لم تكن قادرة على الحفاظ على وزنها في عباءة أقل لزوجة بسبب الظروف الحارة.
ولذلك، على عكس الاندساس الحديث الذي يمكن أن يستمر لمئات الملايين من السنين، كان الاندساس في ذلك الوقت سينتهي بسرعة كبيرة، في غضون بضعة ملايين من السنين، كما قال جريا.
وأضاف أن هذه النتيجة تشير إلى أن الصفائح التكتونية الحديثة ربما لم تبدأ إلا في وقت ما خلال المليار سنة الماضية.
وأوضح غيريا أنه في حين أن الشكل البدائي للصفائح التكتونية ربما كان موجودا منذ ما بين 3.5 مليار و2 مليار سنة، خلال العصور القديمة أو البروتيروزويك، فمن المحتمل أنه كان مختلفا تماما عما يختبره الكوكب اليوم.
“اكتشاف مثير للقلق” في الغلاف الجوي يثير “مخاوف اقتراب نهاية العالم”!
ومنذ نحو 1.8 مليار إلى مليار سنة، كانت هناك فترة هادئة قلّ نشاط الصفائح فيها كثيرا.
لكن هذه مجرد تكهنات، كما قال جريا، وهناك حاليا الكثير من الجدل المحيط بالوقت الذي بدأت فيه الصفائح التكتونية.
وافقت كوندي مع غيريا، قائلة: “الصفائح التكتونية الحديثة، مع كل المؤشرات الجيولوجية … ربما لم تبدأ حتى المليار سنة الماضية. لكن الصفائح التكتونية في شكل ما كانت معنا منذ ما لا يقل عن ملياري سنة”.
ومع ذلك، نظرا لأننا لا نعرف درجات الحرارة الدقيقة لنواة الأرض عبر الزمن، فليس من الممكن حتى الآن إعطاء جدول زمني دقيق للوقت الذي توقفت فيه الصفائح عن الانهيار وبدأت رحلة أكثر استمرارا إلى الوشاح، على حد قول كوندي.
ويأمل العلماء الآن في استكشاف الظاهرة وعلاقتها بالزلازل باستخدام نماذج ثلاثية الأبعاد أكثر تقدما.