قد يكون باحثو المادة المظلمة على أعتاب اختراق كبير في البحث عن أكثر مادة مراوغة في الكون، حيث يكشفون عن طرق جديدة لتعقب مرشح محتمل للمادة المظلمة – السحب البوزونية.
ويُقال إن زهاء 85٪ من كل مادة في الكون تفسرها المادة المظلمة، ومع ذلك لم يثبت أحد على الإطلاق وجود هذه المادة. وتعتبر “مظلمة” على وجه التحديد لأنه لا يمكن رؤيتها، ولا تتفاعل مع أي شكل معروف من أشكال الإشعاع، ونجت حتى الآن من جميع وسائل الكشف المعروفة. ومع ذلك، يمكن للعلماء رؤية تأثير المادة المظلمة على الكون ككل، وطرحوا عددا من النظريات التي قد تحل يوما ما اللغز الكوني. وإحدى هذه النظريات هي وجود ما يسمى بسحب البوزون التي تدور حول الثقوب السوداء.
وتعرف البوزونات بأنها فئة من الجسيمات دون الذرية تكون خفيفة بشكل لا يصدق ويصعب اكتشافها على الأرض بشق الأنفس.
ولكن فريقا من الباحثين في أستراليا بالتعاون مع LIGO-Virgo-KAGRA، اقترحوا طريقة جديدة للكشف عن سحب هذه الجسيمات باستخدام موجات الجاذبية – تموجات في نسيج الزمان والمكان.
وفي دراسة جديدة نُشرت مسبقا على خادم arXiv، اقترح باحثون من الجامعة الوطنية الأسترالية (ANU) بالتعاون مع LIGO-Virgo-KAGRA البحث عن موجات الجاذبية التي تنتجها سحب البوزون المحتملة بالقرب من الثقوب السوداء التي تدور بسرعة.
علماء يحققون اكتشافا مثيرا في “أرض العرب” على سطح المريخ
ووُصفت دراستهم بأنها أول مسح شامل للسماء في العالم مصمم للبحث عن هذه الظاهرة المحددة.
وقالت الدكتورة ليلي صن، من مركز ANU لفيزياء الجاذبية الفلكية: “يكاد يكون من المستحيل اكتشاف جسيمات البوزون الخفيفة للغاية على الأرض. الجسيمات، إذا كانت موجودة، لها كتلة صغيرة جدا ونادرا ما تتفاعل مع مادة أخرى – وهي إحدى الخصائص الرئيسية التي يبدو أن المادة المظلمة تمتلكها. والمادة المظلمة هي مادة لا يمكن رؤيتها مباشرة، لكننا نعلم أن المادة المظلمة موجودة بسبب تأثيرها على الأشياء التي يمكننا ملاحظتها. ولكن من خلال البحث عن موجات الجاذبية المنبعثة من هذه الغيوم، قد نتمكن من تعقب جسيمات البوزون المراوغة وربما فك شيفرة المادة المظلمة. ويمكن أن تسمح لنا عمليات البحث التي أجريناها أيضا باستبعاد بعض جسيمات البوزون الخفيفة جدا التي تقول نظرياتنا إنها يمكن أن توجد ولكنها في الواقع غير موجودة”.
وإذا كانت هذه السحب البوزونية موجودة، فيجب أن تكون كاشفات الموجات الثقالية هنا على الأرض قادرة على التقاط إشارات الجاذبية الخاصة بها.
وكشفت كواشف مثل LIGO بالفعل عن موجات الجاذبية الناتجة عن اصطدام الثقوب السوداء على الرغم من وقوع هذه الأحداث على بعد مليارات السنين الضوئية.
وقالت صن: “اكتشافات الموجات الثقالية لا توفر فقط معلومات حول الأجسام المدمجة الغامضة في الكون، مثل الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية، ولكنها تتيح لنا أيضا البحث عن جسيمات جديدة ومادة مظلمة. وستفتح كاشفات الموجات الثقالية المستقبلية بالتأكيد المزيد من الاحتمالات. وسنتمكن من الوصول إلى عمق أكبر في الكون واكتشاف المزيد من الأفكار حول هذه الجسيمات. وعلى سبيل المثال، فإن اكتشاف السحب البوزونية باستخدام كاشفات الموجات الثقالية من شأنه أن يجلب رؤى مهمة حول المادة المظلمة ويساعد في تقدم عمليات البحث الأخرى عن المادة المظلمة. كما أنه سيعزز فهمنا لفيزياء الجسيمات على نطاق أوسع”.
وألقت الدراسة أيضا ضوءا جديدا على احتمالية وجود غيوم بوزونية في مجرة درب التبانة من خلال مراعاة أعمارها.
ووفقا للدكتورة صن، ستعتمد قوة الموجة الثقالية من سحابة البوزون على عمر السحابة – فكلما تقدمت في السن، كانت الإشارة أضعف.
وقالت: “سحابة البوزون تتقلص لأنها تفقد طاقتها بإرسال موجات الجاذبية. تعلمنا أن نوعا معينا من سحابة البوزونات أصغر من 1000 عام من غير المحتمل أن يوجد في أي مكان في مجرتنا، بينما من غير المحتمل أن توجد السحب التي يصل عمرها إلى 10 ملايين سنة على بعد حوالي 3260 سنة ضوئية من الأرض”.