في الأيام الأخيرة، قصفت القوات الأوكرانية محطة زابوروجيه للطاقة النووية، الخاضعة للسيطرة الروسية، بشكل شبه يومي، فهل تلك مصادفة؟
يدرك الجميع أن الحرب الدائرة في أوكرانيا ليست حربا بين روسيا وأوكرانيا، وإنما هي حرب بين الغرب وروسيا، تلعب فيها أوكرانيا دور علف المدافع لصالح الولايات المتحدة الأمريكية.
كما يعرف الجميع أن الجيش الأوكراني، يخضع لقيادة مستشارين من دول “الناتو”، تحت إمرة القيادة العامة لـ “البنتاغون”.
لماذا تشعل الولايات المتحدة الأمريكية النار في العالم الآن؟ (باقي من الزمن عام على انهيار أمريكا)
بل وقد اعترف ممثل المديرية الرئيسية للاستخبارات الأوكرانية، فاديم سكيبيتسكي، مؤخرا، بأن الصواريخ الأوكرانية لا تنقض على أهدافها بمساعدة الأقمار الصناعية الأمريكية فحسب، وإنما تنسق أوكرانيا كذلك الأهداف مع “البنتاغون” قبل كل استخدام للصواريخ الأمريكية، والولايات المتحدة الأمريكية قادرة على وقف الهجوم في أي وقت.
أي أنه، ومن الناحية الفنية، لا يوجد ما يمنع تدمير أوكرانيا لأكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا بمنطقة زابوروجيه، ما سيؤدي إلى تكرار تشيرنوبيل على نطاق أوسع بكثير. بعد ذلك، ستجعل السحابة المشعة وهطول الأمطار مناطق شاسعة غير صالحة للسكن في جنوب وشرق أوكرانيا وجنوب روسيا.
لكن، هل سيتم اتخاذ القرار السياسي بتدمير المحطة؟
دعونا نتذكر أن الحرب الأهلية في أوكرانيا، والتي بدأت قبل 8 سنوات، كانت نتيجة لانقسام طويل وكبير في البلاد، بين غرب أوكرانيا، الناطق باللغة الأوكرانية، حيث تنتشر الأفكار النازية حول أوكرانيا، ما يعتقد أنه وطن العرق الأبيض، الساعي نحو أوروبا، ويعد موطن النخبة الحالية، والدعامة الأساسية للنظام الحالي، وبين جنوب وشرق أوكرانيا، الناطقان باللغة الروسية، والذي يسعى إلى توثيق العلاقات مع روسيا، أو حتى العودة إلى أحضانها.
والآن، يتبع الجيش الأوكراني، بقيادة ضباط من غرب أوكرانيا، سياسة الأرض المحروقة في الشرق والجنوب، بينما يستخدم المدنيين الناطقين بالروسية في الجنوب والشرق كدروع بشرية، وينشر الأسلحة في المناطق السكنية.
ويستخدم الجيش الأوكراني هذه الممارسات على نطاق واسع لدرجة أن حتى المنظمات الغربية المتحيزة، مثل منظمة العفو الدولية فشلت في تجاهل هذه الممارسات وأصبحت مضطرة لتوثيقها في تقاريرها.
لكن واشنطن، فيما يبدو، قد منحت أوكرانيا تسهيلات في ارتكاب أي جرائم حرب أو أي ممارسات بشكل عام. فبعد تقرير انتقد الجيش الأوكراني، تم إعفاء ممثلة منظمة العفو الدولية، أوكسانا بوكالتشوك، من منصبها، وتقدمت المنظمة نفسها باعتذار.
مثال آخر على التضييق والضغط على عضوة الكونغرس الأمريكي، المولودة في أوكرانيا، فيكتوريا سبارتز، والتي انتقدت الرئيس الأوكراني زيلينسكي بسبب أساليبه الديكتاتورية في الحكم. سرعان ما أرغمت هي الأخرى على الصمت، مع توضيح بأن انتقاد أوكرانيا الآن ممنوع.
وبعد أن قصفت أوكرانيا المعسكر الروسي الذي تضمن أسرى الحرب الأوكرانيين في يلينوفكا، يدعم الغرب الاتهامات الكاذبة من أوكرانيا ضد موسكو، كما لو أن روسيا هي من قصفت معسكرها.
وها هو وضع مماثل يتطور الآن حول محطة الطاقة النووية في زابوروجيه، التي تسيطر عليها القوات الروسية، حيث تقول أوكرانيا، بدعم من الصحافة والسياسيين الغربيين، إن القصف من صنع روسيا.
من ربح أو خسر من زيارة نانسي بيلوسي إلى تايوان؟
إن الحكومات الغربية والصحافة تدعم أي أكاذيب لأوكرانيا، وتحيل اللوم عن الجرائم الأوكرانية إلى روسيا.
في غضون ذلك، وقع أمس رئيس منطقة زابوروجيه (الخاضعة للسيطرة الروسية) مرسوما بشأن استفتاء على انضمام المنطقة إلى روسيا.
وكان زيلينسكي قد أعلن في وقت سابق بدء هجوم أوكراني على خيرسون، أولا في يونيو، ثم في يوليو، والآن في أغسطس… ومع ذلك، لا يوجد هجوم حتى الآن. حتى يبدو أن الجيش الأوكراني لن يكون قادرا على منع استفتاء 10 سبتمبر بالوسائل التقليدية.
علاوة على ذلك، قال زيلينسكي إنه في حالة إجراء الاستفتاء، لن يكون من الممكن إجراء مفاوضات مع روسيا، وبالتالي الاعتراف بأن أوكرانيا لا يمكن أن تمنع الاستفتاء بالوسائل العسكرية.
في الوقت نفسه يتراجع الجيش الأوكراني تحت ضغط القوات المسلحة الروسية، إلا أنه يدمر البنية التحتية والصناعية في الأراضي التي ينسحب منه، وهو ما ذكرته آنفا بشأن سياسة الأرض المحروقة.
ليس لدي أدنى شك في أن زيلينسكي ونصف غرب أوكرانيا سيكونون سعداء بترتيب تلوث إشعاعي لجميع الأراضي التي ستذهب إلى روسيا.
لكن السؤال المطروح هو ما إذا كان الأمريكيون مستعدون لذلك؟ بالنظر إلى درجة سيطرتهم على تصرفات الجيش الأوكراني، فمن غير المرجح أن تتخذ مثل هذه الخطوة دون مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية.