كشفت مصر عن أسرار حول المومياء الذهبية، التي ظلت محفوظة ببدروم المتحف المصري بالقاهرة لأكثر من قرن من الزمان.
هل من لغز في بناء الأهرامات وما حقيقة “لعنة الفراعنة”؟
وكشفت الأسرار الدراسة العلمية والتي نشرت في مجلة Frontiers in Medicine في 4 يناير2023 للدكتورة سحر سليم أستاذ ورئيس قسم الأشعة بكلية الطب جامعة القاهرة بمصر.
وفقا لبيان وزارة السياحة المصرية تم العثور على هذه المومياء ملفوفة بالكامل بالكتان عام 1916، داخل مقبرة من العصر البطلمي (حوالي 300 ق.م.) بمدينة إدفو بمحافظة أسوان حيث تم نقلها وحفظها، آنذاك، ببدروم المتحف المصري بالتحرير دون فحص لأكثر من قرن من الزمان، حتي تم فحصها لأول مرة عام 2015.
وأوضحت الدكتورة سحر سليم أن المومياء لصبي توفي عن عمر يناهز 15 عام وأنه تم تحنيطها بإتقان كبير، وتم إزالة المخ من خلال فتحة الأنف ووضع الحشوات والراتنج داخل تجويف الجمجمة.
كما تم إزالة الأحشاء من خلال شق صغير أسفل البطن ووضع الحشوات والراتنج بداخل الجسم، بينما حرص المحنطون على الإبقاء على القلب الذي تم رؤيته في صور الأشعة بداخل تجويف الصدر.
وأضافت أن الأشعة أوضحت ما بداخل اللفائف حيث ترتدي المومياء ترتدي قناعًا ذهبيًا وصدرية مصنوعة من الكارتوناج وصندلًا من النسيج.
كما أوضحت صور الأشعات المقطعية الثنائية والثلاثية الأبعاد عن وجود حوالي 49 تميمة مرتبة ترتيبا منمقا في ثلاث أعمدة بين طيات اللفائف الكتانية وبداخل تجويف المومياء. كما أظهرت الأشعة أيضا 21 شكلًا مختلفًا للتمائم مثل عين المعبود حورس والجعران وتميمة الأفق والمشيمة وعقدة إيزيس والريشتان، وغيرهم.
ومن خلال نتائج قياسات الأشعة تبين أن 30 تميمة من التمائم المكتشفة داخل المومياء صنعت من الذهب بينما باقي التمائم صنعت من الأحجار أو الفيانس، بالإضافة إلى تميمة علي شكل لسان من الذهب وضعت بداخل فم المتوفي ليتمكن من التكلم في العالم الآخر، كما يوجد تميمة على شكل أصبعين أسفل الجذع لحماية فتحة التحنيط، وتميمة أخرى كبيرة من الذهب لجعران القلب موجودة بداخل تجويف صدر المومياء، والذي تم عمل مستنسخ منه باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد.
وأكدت د. سحر سليم أن الدراسة كشفت عن وجه المومياء لأول مرة بعد إزالة اللفائف بشكل افتراضي بتقنية الأشعة المقطعية، حيث أتاحت الدراسة فرصة فريدة لاكتشاف أسرار تحنيط المومياء دون المساس باللفائف، وكما تركها المصريين القدماء.
وأوضحت الأستاذة صباح عبد الرازق أن الدراسة ألقت الضوء علي الحياة الاجتماعية في مصر القديمة منذ آلاف السنين؛ فأعطت الدراسة فهمًا عميقًا لمعتقداتهم وطقوسهم الجنائزية، وبراعتهم التقنية في التحنيط والحرفية في صياغة التمائم وعمل الأقنعة والزخارف.
كما أشارت الدراسة على تقدير قدماء المصريين للأطفال، حيث تمتعت هذه المومياء بطقوس جنائزية مميزة تمكنها من البعث والحياة الأخرى حسب معتقدات المصريين القدماء، بالاضافة إلى إظهار المكانة الاجتماعية الرفيعة لصاحب المومياء فهو صبي حظي بطقوس جنائزية عالية المقام، إلى جانب حالته الصحية الجيدة حيث أنه كان يتمتع بأسنان وعظام سليمة وبلا علامات تدل علي أمراض أو أعراض سوء تغذية.
وساعد إستخدام التكنولوجيا والتقنيات الحديثة في التصوير الطبي بالأشعة ثلاثية الأبعاد في تقديم رؤية قيمة للمومياء، مما دعم قرار إدارة المتحف المصري بالقاهرة لنقل المومياء من بدروم المتحف لعرضها داخل قاعات العرض به، حيث لقبت بـ “مومياء الصبي الذهبي”.
وتساهم عرض صور الأشعة المقطعية بجانب المومياء في عرض متحفي مميز يمنح زوار المتحف تجربة فريدة تدعم تواصلهم مع الحضارة المصرية القديمة.