ومن أهم شخصيات المسلسل هو السلطان “ملك شاه”، والذي يقوم بدوره الفنان إسلام جمال، هو أبو الفتح ملك شاه “جلال الدولة” بن ألب أرسلان محمد بن داود بن ميكائيل بن سلجوق بن دقاق (16 أغسطس 1055 – 19 نوفمبر 1092 / 9 جمادى الأولى 447 – 15 شوال 485هـ).
السلطان ملك شاه، ثالث سلاطين الدولة السلجوقية، تولى الحكم بعد أبيه ألب أرسلان عام (465هـ /1072م) حتى وفاته (عام 485 هـ / 1092م)، كانت الدولة في عهده قد اتسعت اتساعا عظيما، فامتدت من كاشغر في أقصى المشرق (حيث توقفت الفتوح الإسلامية) إلى بيت المقدس في الغرب، وبهذا فقد كانت تشمل كامل الجزء الإسلامي من قارة آسيا عدا الجزيرة العربية، ودول جنوب شرق آسيا.
ويُقال عن ملك شاه، إنه كان من أفضل السلاطين سيرة، وأن القوافل كانت تعبر من أقصى المشرق إلى الشام في عهده آمنة دون التعرّض إلى هجوم أو أذى، وذلك وفقا لكتاب “حركة الحشاشين.. تاريخ وعقائد أخطر فرقة سرية في العالم الإسلامي” للدكتور محمد الخشت.
بعد معركة سمرقند التي قام بها السلطان ألب أرسلان سنة 465هـ، وقبل وفاته على أثر جرحه بيد يوسف الخوارزمي أمر القواد بمبايعة ابنه، ملك شاه، للمرة الثالثة، وعيَن وزيره نظام الملك وصيا عليه وطلب احترامهما وطاعة أوامرهما.
لما توفي أبوه ألب أرسلان، كان ملك شاه في صحبته، ولم يصحبه قبلها في سفر غير هذه المرة، فولي الأمر من بعده بوصية والده وتحليف الأمراء والجناد على طاعته، ووصى وزيره نظام الملك أبا علي الحسن على تفرقة البلاد بين أولاده، ويكون مرجعهم إلى ملكشاه، ففعل ذلك وعبر بهم جيحون راجعا إلى البلاد.
وحينما وصل إلى البلاد وجد بعض أعمامه وهو قاروت بك صاحب كرمان قد خرج عليه، فعاجله وتصافا بالقرب من همذان، فنصره الله عليهم وانهزم عمه، فتبعه بعض جند ملك شاه فأسروه وحملوه إلى ملكشاه، فبذل التوبة ورضي بالاعتقال وأن لا يقتل، فلم يجبه ملكشاه إلى ذلك، وذلك وفقا لرواية “سمرقند” للكاتب أمين معلوف.
فأنفذ له خريطة مملوءة من كتب أمرائه، وأنهم حملوه على الخروج عن طاعته وحسنوا له ذلك، فدعا السلطان بالوزير نظام الملك فأعطاه الخريطة ليفتحها ويقرأ ما فيها، فلم يفتحها، وكان هناك كانون نار فرمى الخريطة فيه فاحترقت الكتب.
فسكنت قلوب العساكر وأمنوا، ووطنوا أنفسهم على الخدمة، بعد أن كانوا قد خافوا من الخريطة لأن أكثرهم كان قد كاتبه، وكان ذلك سبب ثبات قدم ملك شاه في السلطنة، وكانت هذه معدودة في جميل آراء نظام الملك.
ثم إن ملك شاه أمر بقتل عمه فخنق بوتر قوسه، واستقرت القواعد للسلطان، وفتح البلاد واتسعت عليه المملكة، وملك ما لم يملكه أحد من ملوك الإسلام بعد الخلفاء المتقدمين فكان في مملكته جميع بلاد ما وراء النهر، وبلاد الهياطلة وباب الأبواب والروم وديار بكر، والجزيرة والعراق، والشام وخطب له على جميع منابر الإسلام سوى بلاد المغرب.
فإنه ملك من كاشغر وهي مدينة في أقصى بلاد الترك وسوريا إلى بيت المقدس طولاً، ومن القسطنطينية إلى بلاد الخزر وبحر الهند عرضًا، وكان قد قدر لمالكه ملك الدنيا، ما كاد الأمر يستقر لملك شاه حتى انصرف إلى إكمال ما بدأه أبوه من الفتوح، وبسط نفوذ دولة السلاجقة حتى تشمل جميع أنحاء العالم الإسلامي، فولَى وجهه أولا شطر بلاد الشام، وكان قد دخلها في عهد أبيه حتى وصل إلى بيت المقدس عام (463هـ/1070م)، واستطاع أن يضم إلى دولته معظم بلاد الشام.
وأرسل جيشا للاستيلاء على مصر، فتوغل في أراضيها حتى بلغ القاهرة وحاصرها، غير أنه فشل في فتحها، لاستماتة الفاطميين في الدفاع عنها، وارتد راجعا إلى الشام، ولم يفكر في غزو مصر مرة أخرى.
وحرص ملك شاه على تأمين بلاد الشام بعد انتزاعها من الفاطميين، فأسند حكمها إلى أخيه تاج الدين تتش في سنة (470هـ/1077م)، وفوضه فتح ما يستطيع فتحه من البلاد المجاورة وضمها إلى سلطان السلاجقة.
ارتبط نجاح ملك شاه في سياسة الدولة بوزيره “نظام الملك” الذي كان له أثر لا يغفل ويد لا تنسى في ازدياد قوة الدولة السلجوقية، واتساع نفوذها، وازدهار حركاتها الثقافية، واستطاع بحسن سياسته، ورجاحة عقلة أن يجعل الأمور منتظمة في جميع أنحاء الدولة، وأن يوجه سياسة السلاجقة نحو الثغور الإسلامية المتاخمة للروم، وهو ما أكسب السلاجقة احترام المسلمين وتقديرهم، وبث الهيبة في نفوس أعدائهم.
في أواخر القرن الخامس الهجري ظهرت حركة جديدة في المشرق هي حركة الحشاشين، والذين استولوا على قلعة آلموت عام 483 هـ، فحاول ملك شاه أن يرسل إليهم دعاة يعدينهم إلى المذهب السني لكنه فشل.
فأرسل في عام 485 هـ جيشا ليحاصر القلعة لكنه هزم مجددا، فقرر السلطان السلجوقي أن يتجاهل هذه الحركة بالرغم من تحذيرات وزيره نظام الملك الكثيرة له، وعلى أي حال فلم يملك ملك شاه وقتا طويلا لمقاومة هذه الحركة، لأنه توفي عام 485 هـ تاركا دولة يتنازعها أولاده فيما بينهم، وذلك وفقا لكتاب “الحشاشون.. فرقة ثورية في تاريخ الإسلام” للباحث والمستشرق برنارد لويس.