موريتانيا هذا البلد الإسلامي الذي يقع شمال غرب أفريقيا يعج بالكثير من العادات والتقاليد العريقة الموروثة من الإسلام والتراث العربي والأفريقي مما يجعله متميزا عن أي بلد آخر، فالشعب الموريتاني يتميز بالالتزام الديني وحب العرف إذ يبلغ سكانه 3.2مليون نسمة يدينون بالإسلام ومعظمهم من أهل السنة والجماعة واعتناق المذهب المالكي ومنذ الاستقلال عن فرنسا 1960م تم اعتماد النظام الجمهوري الإسلامي وذلك بعد الميثاق الدستوري لعام 1985 الذي أقر بأن الإسلام هو دين الدولة، وأن الشريعة هي مصدر القوانين بالبلاد، وقد دخلها الإسلام مبكرا مع حركة التجارة والحرفيين والصوفيين من العرب والأفارقة فظهر الإسلام مطلع العام 1016هجرية بعد غزوة أبي عبيدة بن عقبة بن نافع في الغرب الأقصى في فترة ولاية عبد الله بن الحجاج للقيروان ومعه فقد دخلت القبائل هناك في الإسلام وعلى رأسها قبيلة لمتونة، وفي القرن الحادي عشر الميلادي نشأت حركة المرابطين في موريتانيا بقيادة قبائل لمتونة وهم فرع من الصنهاجة الملثمين الذين تفقهوا في الإسلام وبدءوا الجهاد في الدول المجاورة واجتاحوا الغرب وأنشئوا مدينة مراكش وعبروا إلى الأندلس وشكلوا نجدة للمسلمين هناك وأطالوا عمر الدولة الإسلامية بالأندلس وبهذا يكون القرن الخامس الهجري هو الزمن المثبت لهجرة القبائل العربية وقبائل من صعيد مصر ضمن هجرة الهلالية للمغرب العربي حتى شكل المهاجرين من العرب والمرابطين والأمازير السكان الذين يعيشون في موريتانيا الآن، يتميز شعب موريتانيا بالحفظ وقوة الذاكرة الشفاهية التي حفظت القرآن وحفظت الأحاديث النبوية والحفاظ على الكثير من المخطوطات الدينية النفيسة والنادرة تلك التي كتبت بالخطوط العربية المذاهبة والجميلة المكتوبة باليد إذ يبلغ عدد المخطوطات المليون مخطوطا منها 23 ألف مخطوطة موجودة بالبيوت في موريتانيا ويحتفظ بها النساء حسب الإرث ويقومون بلفها ووضعها في أماكن خاصة وسرية الأمر الذي اعتبرته اليونسكو ملكا خاصا للإنسانية ودعت للحفاظ على هذا التراث الديني والعلمي النفيس في مدن موريتانيا التاريخية كمدينة شنقيط ومدينة وادان، ومدينة تشيت، ومدينة تنيكي، ومدينة ولاتة وهي مدن تذخر بالإشعاع الثقافي والفكري والديني على مر العصور من المغرب العربي وأفريقيا، ويصف المؤرخون مدينة وادان بأنها عبارة عن واديان الأول يحتوي على العلم والدين والثاني يحتوي على النخل والتمر وتعتبر الكتب القديمة ملك للسيدات في الأسر الموريتانية، وتعتبر اللغة العربية هي اللغة الرسمية مع وجود اللغة الفرنسية بسبب الاستعمار الفرنسي، وتذخر موريتانيا بالكثير من المساجد التاريخية والحديثة ويبلغ عدد المساجد أكثر من 8000 مسجد ومصلاه أكثرها شهرة وتاريخ هو المسجد العتيق في شنقيط وهو يتميز بعمارته النادرة والفريدة من نوعها ويحرص المصلون والمتعبدون على الذهاب إليه خلال المناسبات الدينية الجميلة ومنها احتفال هذا الشعب بشهر رمضان.
ومع حلول رمضان في هذا البلد تعم الفرحة الجميع ويقوم الناس بتنظيف المساجد والبيوت ويرتدون الثياب التقليدية الجديدة ويحرصون على لبس الطواقي عند الذهاب إلى المساجد، ويقوم الرجال بحلق رؤوسهم تبركا بهذا الشهر، ويدرب الأطفال من سن 8 سنوات على حفظ القرآن على الألواح الخشبية ويكتبون الآيات بالريشة ويذهبون إلى الخيام الكثيرة التي تنتشر عند المساجد خلال شهر رمضان ويقوم الشيوخ والفقهاء بتحفيظ الأطفال القرآن، ويبدأ استقبال الشهر عبر لجنة دينية خاصة لمراقبة الأهلة وإعلان رؤية رمضان رغم قيام البعض بتتبعها عبر العين المجردة في بعض المدن والقرى البعيدة والنائية، ويبدأ الفطور بتناول التمر وشرب حليب الإبل الذي يقدم في أكواب من الخشب وبعض الحساء من القمح والشعير والفول السوداني الذي يطبخ مع الحليب والسمن، ورغيف الخبز هو الرغيف الملاوي المغربي، ومن الأطباق الرئيسية طبق يسمى أطاجين وهو يشبه الطاجين المغربي، وفي السحور يتم تناول الأرز بالحليب مع الشاي الأخضر المركز، وتمتلئ المساجد بالمصلين الذين يحضرون من الرجال والنساء بملابس زاهية وهم يتراحمون فيما بينهم في هذا الشهر ويقدمون على فعل الخير وتقديم موائد الرحمن والصدقات والزكاة في هذا الشهر لدرجة أن الفقراء يقولون في رمضان بأننا أغنياء بسبب التكافل الاجتماعي الذي حث عليه الإسلام، فالمرأة المتزوجة تهدي زوجها خروف قبل العيد بيومين ويقوم الزوج بإهداء أم زوجته الهدايا والحناء، ويوم 27 رمضان يحرقون البخور بالمساجد والمنازل وتقوم الجمعيات الخيرية بتوزيع التبرعات على المحتاجين، كما تقوم الدولة بإرسال شحنات كثيرة من السلع الرمضانية لتوزع على الفقراء في أرجاء البلاد إلى جانب المساعدات العينية والأغطية والعلاج لسكان البوادي والمناطق النائية، كما يحرصون على مشاهدة صلاة التراويح منقولة من الحرم المكي بسبب اختلاف التوقيت الذي يصل إلى 3 ساعات يمكنهم من مشاهدتها قبل صلاة العشاء والتراويح ويقومون بقراءة القرآن والإطلاع على كتب التفسير وحلقات الدرس ويحرصون على السحور من خلال طعام يسمى العيش وهو العصيدة عند أهل السودان كما يشربون بعد الإفطار شراب يسمى الزريك وهو خليط من اللبن الحامض مع الماء والسكر، وحلوى التمر المدعوكة بالزبدة الطبيعية، ويقسمون رمضان إلى ثلاث أعشار، العشرة الأولى عشرة الخيل، والعشرة الثانية بعشرة الجمال، والثالثة بعشرة الحمير، والمقصود أن العشر الأوائل تجري بسرعة الخيل والثانية أبطئ ثم العشرة الثالثة وهي بطيئة في سرعتها وتنتهي بنهاية رمضان مما يجعل هذا البلد متميزا بكل ما فيه من مظاهر فلكلورية وتراثية تهتم بالأعياد والمناسبات الدينية.