لأداء العمرة في شهر رمضان المبارك طابع إيماني وروحاني يرتق بالعبد المؤمن إلي درجات إيمانية عالية وذلك عندما يجمع المسلم بين الصوم والصلاة والاعتمار وأداء الصدقات والتقرب إلي الله بالعبادة وعدم الانشغال عنه بملذات الدنيا ولهوها حيث تخشع القلوب المؤمنة التي تمتلئ قلوبها بالهدوء والسكينة والقرب من الله فما أحلاه من جو وما أحلاه من صفاء وخلو صادق مع النفس لمحاسبتها علي التقصير في العبادة وعلي ما ارتكبت من ذنوب، ولهذا ينبغي للمسلم أن يحرص على فضائل الأعمال والعبادات في شهر رمضان المبارك ويتذكر أن مضاعفة الأجر والأعمال تكون لشرف المكان كالحرم الذي تضاعف الصلاة في مسجدي مكة والمدينة ومنها شرف الزمان كشهر رمضان وعشر ذي الحجة، فيا سعادة زوار البيت العتيق حين يمكثون في رحاب المسجد الحرام، فيشاركون الناس في إفطارهم، ويرونهم وهم يطوفون بالكعبة، ومنهم القائم، ومنهم الراكع، ومنهم الساجد، ومنهم من يتلو القرآن، ومنهم الداعي لربّه ومولاه أن يتقبّل منه ويسأله من فضله، ولو لم يكن للمرء إلا هذه الفضيلة لكفى بها من نعمة.
إنها فريضة عظيمة يضاعف أجر العمرة فيها وتصل إلي أن تعدل ثواب حجة فعن عطاء رحمة الله عن أبن عباس قال، قال رسول الله لامرأة من الأنصار سماها ابن عباس فنسيت اسمها: ما منعك أن تحجي معنا؟ قالت كان لنا ناضح فركبة أبو فلان وابنه لزوجها وابنها وترك ناضحاً ننضح عليه قال: فإذا كان رمضان اعتمري فيه فإن عمرة في رمضان حجة، رواه البخاري، أي تقابلها وتماثلها في الثواب لأن الثواب يفضل بفضيلة الوقت ولا تقوم مقامها في إسقاط الفرض بالإجماع، والعمرة في مقدار الأجر وليس في جنس العمل ونوعه، فالحج أفضل من العمرة في جنس العمل، لما له من فضائل ليست في العمرة، كالدعاء في عرفة، وذبح والنسك ونحوها، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: من طاف بالبيت أسبوعاً لا يضع قدماً، ولا يرفع أخرى إلا حطّ الله عنه بها خطيئة، وكتب له بها حسنة، ورفع له بها درجة أخرجه ابن حبان، وصححه الألباني، وفي رواية أخرى: (من طاف سبعاً، فهو كعِدْل رقبة رواه النسائي، ولهذا على المسلم وبخاصة خلال شهر رمضان أن يحرص على كثرة الجلوس في الحرم ويجتهد في قراءة القرآن وصلاة التراويح أو القيام ويقبل على الله تعالي بالذكر والدعاء والتسبيح والتهليل والصدقة ومتذكرا لفضل الصلاة في المسجد الحرام لحديث الرسول صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وعلى المسلم أن يتأدب ويتخلق بأخلاق الإسلام فلا يزاحم ولا يؤذي المسلمين خصوصاً في الطواف والسعي وليكن ذو حلم وصبر حتى لا ينقص أجره، كما عليه أن يكون هيناً ليناً يفسح المجال لا خوانه المسلمين ويغض بصره عن الحرام ويساعد المحتاجين من الفقراء والمساكين، وهو سبحانه يرغب في أداء العبادات من صلاة وصوم وزكاة وحج في الحرم الشريف، فثواب الطاعة فيه مضاعف.