وبينما تشتد الضغوط الداخلية على بايدن الذي يخوض حملة انتخابية طامحا في إعادة انتخابه لولاية رئاسية ثانية، رأت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية أن الرئيس الأمريكي يبدو الآن رهينة لنتنياهو، بعدما ربط نفسه بأهداف الحرب الإسرائيلية في غزة.
وذكرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، خلال تقرير منشور عبر موقعها الإلكتروني، أن نتنياهو صنع هذا الأسبوع أزمة في تلك العلاقة الخاصة بعد امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على قرار لوقف إطلاق النار في مجلس الأمن، وانتقد الإدارة الأمريكية وألغى زيارة لوفد إسرائيلي رفيع المستوى إلى واشنطن.
ووفقاً للمجلة، بالتأكيد بدأ صبر بايدن ينفذ؛ إذ بعد نحو ستة أشهر من حرب يبدو أنها لا تنتهي، قدم الرئيس الأمريكي فيها لإسرائيل نوع الدعم الثابت الذي ربما تجاوزه فقط دعم الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون لتل أبيب خلال حرب أكتوبر عام 1973، لكن بايدن لم يحصل سوى على القليل في المقابل.
وبالرغم من ذلك، رأت المجلة الأمريكية أن هناك عدد من الأسباب وراء تردد بايدن في استغلال النفوذ الذي يتمتع به، بل إنها اعتبرت أنه حتى إذا استغله قد لا يفلح الأمر.
* علاقة بايدن مع إسرائيل
وقالت “فورين بوليسي” إن الضغط على إسرائيل ليس في طبيعة بايدن. وكما الحال مع زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، فإن دعم إسرائيل مسألة تثير استجابة قوية.
وأضافت المجلة: “يمكنك أن تجادل بأن الرؤساء لا ينبغي أن يضعوا سياسة قائمة على الأحكام المسبقة أو المشاعر العاطفية. لكن الرؤساء الأمريكيين يجلبون معهم تاريخهم وحساسيتهم وآرائهم التي تشكلت على مدى حياتهم”.
وتابعت: “بايدن ليس مغرما بصديقه نتنياهو، لكنه يحب أمن إسرائيل”، مشيرة إلى أنه من بين رؤساء أمريكا، يعتبر بايدن نفسه جزءا من قصة مع التزام عاطفي يعززه عقود من التواصل مع قادة إسرائيل والانغماس في مجلس الشيوخ، حيث يُنظر إلى الأداء الجيد بشأن إسرائيل باعتباره سياسات جيدة.
ومن بين جميع نقاط الضغط المتوفرة أمام بايدن، فإن أكثر واحدة سيتردد في استخدامها هي تقييد أو فرض شروط على المساعدات العسكرية إلى إسرائيل، ناهيك عن وقفها – لا سيما في أزمة تعمل فيها إسرائيل ضد حماس في غزة وربما تواجه تصعيداً كبيراً مع حزب الله في الشمال.
وأيا ما كانت ماهية رهانات الصراع الحالي بالنسبة للولايات المتحدة، فقد ازدادت على نحو استثنائي بالنسبة لإسرائيل، وهو ما يعني أنه بغض النظر عن مدى قوة الضغط والإقناع، فإن الإسرائيليين مستعدين لمواجهة أولئك الذين يحاولون الضغط عليهم.
وقد استخدمت الولايات المتحدة الضغط بنجاح على إسرائيل حتى أثناء الأزمات، لكن لا إدارة أمريكية أو حكومة إسرائيلية واجهت ظروفاً مثل الحالية، حيث انخرطت إسرائيل على مدار حوالي ستة أشهر في عمليات قتالية. وعلى عكس عام 1973، لا تتوسط الولايات المتحدة في صراع بين طرفين مهتمين بإبرام اتفاقية سلام، بحسب “فورين بوليسي”.
وسيتعين على أي رئيس أمريكي أن يخطو بحذر شديد ويختار معاركه بعناية عندما يتعلق الأمر بممارسة الضغط على النخبة العامة والسياسية التي يبدو أنها مصممة على دعم الحرب في غزة حتى يتم التأكد من أنه لن يكون هناك المزيد من الهجمات التي تشنها فصائل المقاومة على إسرائيل.
* سياسات إسرائيل الداخلية
وتشير المجلة الأمريكية إلى أنه إذا كان بايدن يستعد لمواجهة نتنياهو، فقد يكون من الأسهل تخيل الضغط على زعيم لا يحظى بشعبية فقد ثقة غالبية الإسرائيليين. وبالفعل، فقد نتنياهو تلك الثقة.
وإذا أجريت انتخابات مبكرة في إسرائيل اليوم، تشير معظم استطلاعات الرأي إلى أن نتنياهو لن يتمكن من تشكيل حكومة، لكن هذا لا يعني أن الإسرائيليين يعارضون سياساته الصارمة المتعلقة بمواصلة الحرب في غزة.
وذكرت “فورين بوليسي” أن بيني جانتس، الخليفة الأكثر ترجيحاً لنتنياهو، لا يزال بمكانه في حكومة الحرب ولا يزال يفضل عملية إسرائيلية في رفح جنوب القطاع، مشيرة إلى أن غالبية الإسرائيليين لا يهتمون بالوضع الإنساني المروع في غزة ولا يركزون عليه، ولا حتى حريصين على قبول آراء إدارة بايدن بشأن أهمية حل الدولتين.
وعلى الأقل في الوقت الراهن، لا يزال الائتلاف اليميني الحاكم في إسرائيل على حاله. وفي حين يتمتع بايدن بشعبية داخل إسرائيل، فلا حرب كلامية بين بايدن ونتنياهو ستقنع الإسرائيليين بأن رئيس الوزراء غير لائق للمنصب، وفقا للمجلة الأمريكية.