ويختتم الكاتب بالقول: «صفقة المخطوفين تضع أمام الكابينت اختبارًا عسيرًا، حياة 50 إسرائيليًّا، إذا كانت صفقات أخرى ربما أكثر موضوعة على الكفة. محظور للحسم أن يرتبط بمصلحة شخصية أو سياسية، فالحديث يدور عن مصائر أرواح».
ويتابع: «لعلِّى مخطئ بمشاعر مبالغ فيها، لكن التفكير بـ40 طفلًا محتجزين لـ45 يومًا فى أيدى إرهابيين لا يتركني. مطر شديد يهطل، فهل هم محميون من المطر، من السيول، من المجارى التى فاضت، ومن النار؟ هل يأكلون حتى الشبع؟ وهل النساء محميات؟ المرضى والمسنون؟ هل حكومتى التى تركتهم لمصيرهم فى بيوتهم لا تتركهم لمصيرهم مرة أخرى، للمرض وللمعاناة وللموت؟ لا أدرى ما الذى يثقل على ضمير نتنياهو، لكنه ملزم بأن يفهم أن للمنصب الذى يصر على أن يتبوأه يوجد ثمن. منذ 7 أكتوبر لا توجد وجبات مجانية»(6).
فى هذا الوقت وصفتِ الرئاسة الفلسطينية انتقادات رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو للرئيس الفلسطينى محمود عباس بأنها «مهاترات غير جديرة بالرد».
وصرَّح الناطق باسم الرئاسة نبيل أبوردينة فى بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا»، فى 20 نوفمبر 2023، بأن جهود عباس «تنصبُّ حاليًّا على وقف العدوان الإسرائيلى الهمجى ضد الشعب الفلسطينى ومقدساته فى غزة والضفة الغربية والقدس».
وأضاف أن: «الأولوية الآن وقبل كل شيء، هى وقف حرب الإبادة على الشعب الفلسطينى التى يشنّها نتنياهو وحكومته، وليس الدخول فى مهاترات وقضايا ثانوية غير جديرة بالرد».. فى إشارة إلى تصريحات نتنياهو.
وتابع قائلًا: إن «العالم جميعه يشاهد المجازر الوحشية التى يقوم بها جيش الاحتلال فى قطاع غزة باستهدافه الأطفال والنساء والشيوخ والمستشفيات ودُور العبادة، إضافة إلى جرائم جيش الاحتلال والمستعمرين الإرهابيين فى الضفة الغربية والقدس».
واعتبر أبوردينة أن تصريحات نتنياهو منذ بدء الحرب على غزة «تثبت أن هذا الاحتلال يسعى إلى تكريس احتلاله جميع الأراضى الفلسطينية، اعتقادًا منه أن سياسة الإبادة والقتل تجلب الأمن والاستقرار». وشدد على أن «الحل الوحيد لتحقيق السلام والأمن هو الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطينى وفق الشرعية الدولية والقانون الدولي، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية بعاصمتها القدس الشرقية».
كما أكد أن غزة جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية كالقدس ورام الله وبقية الأراضى الفلسطينية، والشعب الفلسطينى هو مَن يقرر مستقبله ومستقبل الأرض الفلسطينية وفق الشرعية الدولية، وليس أى أحد آخر.
وكان نتنياهو قد هاجم مساء الإثنين 20/11/2023 عباس ووزارة الخارجية الفلسطينية على خلفية بيان قال: إنها نفت فيه هجوم حركة «حماس» على حفل «مهرجان الطبيعة» فى جنوب إسرائيل فى السابع من الشهر الماضي.
وقال نتنياهو: «لا يكفى أن أبومازن (عباس) يرفض منذ 44 يومًا إدانة المجزرة الرهيبة، الآن يقوم رجاله بإنكار هذه المجزرة، وبإلقاء اللوم على إسرائيل. مُنكر المحرقة (الهولوكوست) ينكر الآن أيضًا المجزرة التى ارتكبتها حماس».
وكرر نتنياهو تأكيد عدم موافقته على تسلُّم السلطة الفلسطينية إدارة قطاع غزة بعد نهاية الحرب ضد حركة «حماس»(7).
وكانت هيئة البث الإسرائيلية قد قالت فى هذا اليوم: إن الحكومة الإسرائيلية المصغرة أعطت الضوء الأخضر للجهات المختصة لإتمام صفقة لتبادل الأسرى مع حركة «حماس».
وقالتِ الهيئة: «إسرائيل قبلتِ الشروط التى وضعتها (حماس) لصفقة إطلاق سراح الرهائن والكرة الآن فى ملعب (حماس)». وبحسب الهيئة، فإن الحديث يدور عن إطلاق سراح 50 محتجزًا فى قطاع غزة، وإطلاق سراح فلسطينيات معتقلات فى إسرائيل، بالإضافة إلى هدنة مدتها خمسة أيام(8).
وبينما كان الحديث يدور حول الهدنة والإفراج عن أعداد من الأسرى، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: إن المساعدات التى تتضمن الوقود كانت تصل فقط إلى الأشخاص فى الجزء الجنوبى من قطاع غزة خلال الأسبوعين الماضيين تقريبًا، نتيجة للوضع الأمنى الحرج.
وأضاف المكتب، أنه لا يمكن توزيع المساعدات فى مدينة غزة ومناطق أخرى بالشمال، حيث ما زال يوجد مئات الآلاف من الأشخاص، وفقًا لوكالة الأنباء الألمانية.
وأوضح المكتب أن الأشخاص فى الشمال يقتاتون على الخضراوات النيئة والفاكهة غير الناضجة القليلة التى يستطيعون العثور عليها، حيث الكثير منهم لا يستطيعون الطبخ، كما توقفتِ المخابز عن العمل، ولم يعُد يستطيع المزارعون رعاية حقولهم، كما يتم ذبح الحيوانات، حيث لا يوجد طعام أو مياه لها.
وقدَّر المكتب عدد المواطنين فى شمال قطاع غزة بـ800 ألف شخص، بناءً على أرقام هيئة الإحصاء الفلسطينى فى الضفة الغربية(9).
وفى هذا الوقت قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية، الإثنين 20 من نوفمبر 2023، إن إسرائيل استدعت سفيرها لدى جنوب إفريقيا للتشاور بعد «تصريحات جنوب إفريقية صدرت مؤخرًا».
كان «حزب المؤتمر الوطنى الإفريقي» الحاكم فى جنوب إفريقيا قد قال فى وقت سابق: إنه سيدعم تحركًا برلمانيًّا يدعو إلى إغلاق السفارة الإسرائيلية فى جنوب إفريقيا. وأعلنت حكومة جنوب إفريقيا مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) استدعاء دبلوماسييها لدى إسرائيل للتشاور.. معبِّرةً عن «قلقها» إزاء «الفظائع» التى ترتكبها إسرائيل فى غزة(10).
وفى هذا الوقت قال المكتب الإعلامى الحكومى فى قطاع غزة مساء الإثنين: إن عدد قتلى الهجمات الإسرائيلية على القطاع ارتفع إلى أكثر من 13300 (بينهم أكثر من 5600 طفل و3550 امرأة) منذ السابع من أكتوبر 2023.
وأضاف فى مؤتمر صحافى أن عدد الإصابات تجاوز 31 ألف إصابة، أكثر من 75% منهم من الأطفال والنساء.
وأشار إلى أن القوات الإسرائيلية تركز على استهداف المستشفيات بشكل خاص، وتهديد الطواقم الطبية، ما تسبب حتى الآن فى خروج 25 مستشفى و52 مركزًا صحيًّا عن الخدمة. كما خرجت عشرات سيارات الإسعاف عن الخدمة بسبب نفاد الوقود.
وقال المكتب: إن عدد قتلى الكوادر الطبية بلغ 201 من الأطباء والممرضين، كما قُتل 22 من طواقم الدفاع المدني، و60 صحفيًّا.
وأشار المكتب إلى أن القوات الإسرائيلية «بدأت اليوم 20 من نوفمبر جريمة جديدة باستهداف وقصف المستشفى الإندونيسي.. الأمر الذى أدى إلى استشهاد وإصابة العشرات». وحذَّر من أن القوات «بدأت محاصرة المستشفى، وتتهيأ حاليًّا لاقتحامه، وطرد المرضى والجرحى والطواقم الطبية والنازحين منه تحت تهديد السلاح والقتل، ضمن مسلسل الحرب على المستشفيات».
وحذَّر المكتب أيضًا من تفاقم الحالة الإنسانية وترديها بشكل غير مسبوق، وازدياد الوضع الميدانى كارثية.. مشيرًا إلى أن الأسواق والمحال التجارية باتت تعانى من شُح المواد الأساسية والغذائية المختلفة، وذلك بالتزامن مع التوقف التام لعمل المخابز، واختفاء مئات الأصناف من المواد الغذائية من الأسواق(11).
كان الوفد الوزارى العربي-الإسلامى يواصل جولاته، وفى موسكو (ثانى محطة للوفد) شدد الأمير فيصل بن فرحان (وزير الخارجية السعودي) على أنه «لا يمكن الحديث عن مستقبل غزة قبل وقف إطلاق النار وكافة أشكال العنف ضد المدنيين».. داعيًا إلى «إعادة تفعيل عملية سلام جادة وعادلة وتحظى بدعم المرجعية الشرعية الدولية».
وقال وزير الخارجية السعودى فى كلمته إنه: «لا يمكن تبرير ما يحدث فى غزة بالدفاع عن النفس».. مضيفًا أن «إسرائيل تواصل انتهاك القانون الدولي».
وشدد على ضرورة «إطلاق عملية سلام جادة، ووقف النار، وإدخال المساعدات الإنسانية» إلى غزة. وتابع: «نعمل على تعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين لوقف النار فى غزة».
وأضاف: «ما شهدناه من انتقاء فى تطبيق المعايير القانونية والأخلاقية الدولية والتغاضى عن الجرائم البشعة التى ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلى تجاه المدنيين الفلسطينيين العزل أثار سخط العالم الإسلامى والعربى والمشاعر الإنسانية الخالصة».
من جانبه أكد سيرجى لافروف (وزير الخارجية الروسي)، على وجوب التحضير لإطلاق عملية سلام على أساس «حل الدولتين»(12).
من جانب آخر، رفض الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إقامة «نظام حماية» تحت رعاية الأمم المتحدة فى قطاع غزة بعد انتهاء الحرب الحالية، وفق ما أوردته «وكالة الأنباء الألمانية».
وقال جوتيريش فى مؤتمر صحفى الإثنين 20 نوفمبر 2023: «لا أعتقد أن نظام حماية تحت رعاية الأمم المتحدة فى غزة هو الحل». ودعا عِوضًا عن ذلك إلى مرحلة انتقالية تشارك فيها الولايات المتحدة والدول العربية.
وأضاف: «على الجميع أن يجتمعوا لتهيئة الظروف اللازمة لعملية انتقالية تسمح بسلطة فلسطينية قوية تتولى المسؤولية فى غزة، ومن ثم بناء على ذلك التحرك أخيرًا.. .وبطريقة حازمة لا رجعة فيها، نحو حل الدولتين على أساس المبادئ التى أرساها المجتمع الدولى إلى حد كبير والتى حددتها مرارًا وتكرارًا».
وتابع: «أعتقد أننا بحاجة إلى نهج متعدد الأطراف تتعاون فيه مختلف البلدان والكيانات».
وختم: «بالنسبة لإسرائيل، تُعَد الولايات المتحدة بالطبع هى الضامن الرئيسى لأمنها. وبالنسبة للفلسطينيين تُعتبر الدول المجاورة والدول العربية فى المنطقة ضرورية»(13).
وجاء «يوم الطفل العالمي» الذى أحياه العالم يوم الإثنين 20/11/2023 على وقع حرب غزة وأرقام القتلى والجرحى من الأطفال التى أفرزتها العمليات العسكرية الإسرائيلية، ووصفها مسؤول أممى بـ«المرعبة».
وقال سليم عويس (المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا): إن أرقام القتلى والجرحى فى صفوف أطفال غزة أصبحت مرعبة ومخيفة جدًّا.
وأضاف لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: فى الوقت الذى تحتفل فيه الأمم المتحدة بيوم الطفل العالمى «ما زال الأطفال فى غزة يعانون أشد المعاناة بسبب النزاع الدائر». وتابع: «حسب التقارير الواردة حتى الآن، قُتل أكثر من 4900 طفل، وأصيب أكثر من 9000 طفل بإصابات مختلفة، وهناك أكثر من 1500 طفل مفقود يُعتقد أنهم لا يزالون تحت الأنقاض، وهى أرقام مرعبة ومخيفة جدًّا».
كانت وزارة الصحة الفلسطينية قد نشرت أحدث إحصائية للضحايا، اشتملت على ارتفاع عدد القتلى إلى 12 ألفًا و916 شخصًا، بينهم نحو 5350 طفلًا، كما ارتفع عدد الإصابات إلى نحو 32 ألفًا و850 مصابًا، منذ بداية الحرب على قطاع غزة والضفة الغربية.
فى هذا الوقت أعلن رئيس المكتب السياسى لحركة «حماس» إسماعيل هنية، فجر الثلاثاء 21 نوفمبر 2023 أن الحركة «تقترب من التوصل لاتفاق» على هدنة بينها وبين إسرائيل فى الحرب الدائرة بين الطرفين منذ شهر ونصف الشهر.
وقال هنية فى رسالة مقتضبة نشرها حساب «حماس» على تطبيق «تلجرام» إن «الحركة سلَّمت ردها للإخوة فى قطر والوسطاء، ونحن نقترب من التوصل لاتفاق الهدنة»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وتوقع مسؤول فى «حماس» الثلاثاء، إعلان الوسيط القطرى خلال ساعات تفاصيل صفقة مع إسرائيل.. مشيرًا إلى إحراز تقدم فى مفاوضات الهدنة وتبادل المحتجزين بين الجانبين.
وأضاف المسئول لوكالة أنباء العالم العربى (AWP) أن الحركة سلَّمت قطر ردّها على آخر صيغة من الصفقة المطروحة مع إسرائيل. وأشار إلى أن الصفقة تراعى الجانب الإنسانى وتشمل عملية تبادل للمحتجزين.
بدوره، قال عزت الرشق (القيادى فى الحركة) فى تصريحات تليفزيونية إن: «المحادثات مستمرة حول هدنة لعدة أيام وترتيبات لدخول المساعدات لغزة واتفاق تبادل للأسرى والرهائن».. موضحًا أن «إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين سيكون مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال».
وكانت هيئة البث الإسرائيلية قالت أمس الإثنين 20 من نوفمبر 2011 إن الحكومة الإسرائيلية أعطتِ الضوء الأخضر لإتمام صفقة تبادل محتجزين مع «حماس»(14).
الهوامش:
(6) يديعوت أحرنوت الإسرائيلية: 20/11/2023.
(7) وكالة الأنباء الألمانية: 20/11/2023.
(8) الوكالات: 20/11/2023.
(9) وكالة الأنباء الألمانية: 20/11/2023.
(10) الوكالات: 20/11/2023.
(11) الوكالات 20/11/2023.
(12) الوكالات: 21/11/2023.
(13) الوكالات: 21/11/2023.
(14) وكالة أنباء العالم العربي: 21/11/2023.