تعتبر إسبانيا هي بوابة الإسلام إلى أوروبا وهي البلد الذي ربط قديما الشرق بالغرب وبخاصة عندما استقرت وعاشت الحضارة الإسلامية في الأندلس لقرون طويلة نهضت وتقدمت خلالها الحضارة الإسلامية في شتى العلوم والفنون والازدهار حتى سقطت في النصف الثاني من القرن الخامس عشر، ثمانية قرون من التاريخ الإسلامي عاشت وتركت الكثير من التراث الإنساني ورغم الأحداث السياسية والتاريخية وخروج المسلمين من الأندلس فمازالت الحياة الإسلامية تعيش بمظاهرها المختلفة حاضرة بقوة في هذا البلد وتعيش في عاداتها وتقاليدها وعمارتها وفنونها ومورثها الثقافي، كما أنها لا بعد إلا حوالي 14كم من المملكة المغربية وهو الأمر الذي أدى إلى انتشار الثقافة الإسلامية والعربية في كل مظاهرها وشجع المهاجرين المسلمين من عرب وأفارقة لأن يعيشوا فيها معتمدين على عبق الماضي الإسلامي الذي تذخر به المدن الأسبانية، وأسبانيا بلد ساحر وذو طبيعة خلابة وتعتبر مكان رمزي للتعايش والتعاون والتحاور بين الشرق والغرب باعتبارها أيضا أنها كانت يوما ما مركزا للحضارة الإسلامية وذلك بعد أن فتح المسلمين جزيرة أيبريا عام 93 هجرية ثم سيطرة المسلمين عليها حتى سقوط غرناطة، يوجد بها العديد من المساجد التي تصل إلى حوالي 300 مسجد ومصلى أكبرها في مدريد ويعتبر مزارا لكل المسلمين في شهر رمضان مع وجود المركز الثقافي الإسلامي وهو أكبر مؤسسة ثقافية بالبلاد وكذلك المركز الأسباني المغربي، والدار العربية المغربية، ويصل عدد المسلمين الآن في أسبانيا إلى ما يقارب الثلاثة ملايين مسلماً أي ما نسبته تقريباً ٦ بالمائة من إجمالي السكان البالغ عددهم 46 مليون نسمة، وتوجد النسبة الكبرى في مدن كاتالونيا، والأندلس ومدريد، فالنسيا، وموروسيا وبرشلونة، وسبته، وجزر الكناري وأكثرهم من بلاد المغرب العربي والدول الأفريقية المسلمة.
ويحرص المسلمين في المدن الأسبانية على الاحتفال بقدوم شهر رمضان بمظاهره وعاداته وتقاليده المختلفة باختلاف الجاليات المسلمة، ولكنهم يحرصون على أداء الصلاة وصلاة التراويح بالمساجد وتناول الإفطار الجماعي من خلال أهل الخير من التجار ورجال الأعمال المسلمين الذين يمدون المساعدات للمراكز الإسلامية والخيرية وأئمة المساجد وتصل ساعات الصيام في المدن الأسبانية ما بين 14: ١٥ ساعة هذا العام 2024، وقد قامت السلطات الأسبانية باعتبار يوم الجمعة يوم أجازة للمسلمين لأداء صلاة الجمعة وكذلك تخفيض في بعض المدن في شهر رمضان.
ومن المظاهر الاحتفالية هو أن تقوم الدار المغربية بأسبانيا بتنظيم الاحتفال بالليالي الرمضانية التي يعرض فيها الكثير من مظاهر الاحتفال برمضان مما يجعل شهر رمضان معروف لدى الوعي العام عند الشعب الأسباني، كما يقوم المركز الإسلامي في مدريد بتقديم وجبات الإفطار مع وجود علماء يقومون بعرض الدروس الدينية للمصلين وفي مدينة أشبيلية بإشعال الشموع من خلال المسلمين الذين يعيشون فيها وبخاصة في ليلة القدر، وتعتبر قرطبة عاصمة أوروبا المسلمة، كما يصبح المركز الثقافي الإسلامي من أكبر المؤسسات الثقافية مع المركز الأسباني المغربي، وفي مدينة تيرسا تنظم موائد للإفطار الجماعي مما يعطي لرمضان رونقه في المدن الأسبانية بعد أن أصبح طقسا مميزا وهاما من طقوس المسلمين ويرفرف بمظاهره الاحتفالية وأجوائه الدينية على المدن الأسبانية ويعيد ربط الحاضر بالماضي من الزمن الجميل للفتوحات الإسلامية وأمرائها الأبطال.