– إثيوبيا تعلن انتهاء 95.8% من السد وتستعد للملء الخامس
– أديس أبابا حجزت 40 مليار متر مكعب في 4 سنوات
– استمرار الملء دون اتفاق مخالفة قانونية وانتهاك لإعلان المبادئ
– تشغيل 5 توربينات إضافية لتوليد الكهرباء هذا العام
– أديس أبابا تخطط للاستفادة من 70 جزيرة صناعية وصيد الأسماك من بحيرة السد
– تقرير إثيوبي يتحدث عن مخطط لبناء 70 سدا لتوليد الكهرباء في جميع أنحاء البلاد
– مصر تعاملت من أضرار سد النهضة.. وعلى إثيوبيا أن تدفع الثمن يوما ما
– انخفاض مياه النيل مليار متر مكعب واحد يهدد بفقدان 290 ألف شخص لمصادر دخولهم
بالتزامن مع احتفالها بمرور 13 عاما على وضع حجر الأساس، في 2 أبريل 2011، أعلنت إثيوبيا انتهاء 95.8% من مشروع سد النهضة بينما تستعد للملء الخامس بحلول الصيف، دون اتفاق مع مصر والسودان.
وحجزت إثيوبيا نحو 40 مليار متر مكعب في بحيرة سد النهضة بعد 4 سنوات من الملء، في خطوات “أحادية” وصفتها القاهرة بأنها “مخالفة قانونية وانتهاك لإعلان المبادئ”.
ولم تفلح المفاوضات المباشرة وجهود الوساطة طيلة 13 عاما في التوصل لاتفاق بين مصر والسودان وإثيوبيا حول ملء وتشغيل سد النهضة، حيث تواصل أديس أبابا أعمال البناء دون توقف.
* انتهاء المفاوضات *
وفي ديسمبر الماضي، أعلنت مصر انتهاء “المسارات التفاوضية” بشأن سد النهضة بعد سنوات من استغلال الغطاء التفاوضي “لتكريس الأمر الواقع على الأرض”.
ورفضت إثيوبيا الأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسطى التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث، بينما تمادت في “النكوص عما جرى التوصل له من تفاهمات ملبية لمصالحها المعلنة”، وفق بيان سابق لوزارة الري.
وأكدت القاهرة أنها ستراقب “عن كثب” عملية ملء وتشغيل سد النهضة، بينما تحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حالة تعرضه للضرر.
ومؤخرا، قال وزير الري الدكتور هاني سويلم أن انتهاء المسار التفاوضي بشأن سد النهضة كان قرار دولة، وليس هناك أي تطور في الموقف، مؤكدا عدم العودة إلى المفاوضات بشكلها السابق.
وأكد وزير الري التوصل لاتفاق بشأن سد النهضة أكثر من مرة لكنّ “الجانب الآخر” كان ينسحب، مضيفًا: “كان هناك استهلاك للوقت، ومراوغات”؛ لذا كان هناك موقف واضح بعدم استكمال المفاوضات، وأن تتحمل كل جهة مسئوليتها، ومن حق الدولة المصرية اتخاذ الإجراءات اللازمة في حالة التهديد المباشر لها.
* الموقف الميداني *
وميدانيا، أعلنت إثيوبيا انتهاء 95.8% من مشروع سد النهضة، بحسب نائب رئيس الوزراء تيمسين تيروناه في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية ENA.
وقال تيروناه إن “المحاولات التي بذلها الكثيرون لعرقلة جهود إثيوبيا كانت بلا جدوى”، مضيفًا أن ما وصفه بـ”الانتصار” تحقق بـ”مشاركة فعالة من الشعب والتزام غير مسبوق من القيادة”.
وفي هذا الصدد أيضًا، شبّه مكتب خدمات الاتصال الحكومي الإثيوبي ما تحقق في سد النهضة بـ”انتصار عدوة التاريخي”، في إشارة إلى المعركة التي تصدت فيها أديس أبابا لمحاولة غزو إيطالية عام 1896.
وأشار البيان إلى أن مشروع سد النهضة دخل مراحله النهائية؛ بعد تغلبه على “التحديات والمصاعب التي واجهته طوال السنوات الماضية رغم الضغوطات الخارجية والحملات الدولية لتعطيله”.
وزعم المكتب الحكومي الإثيوبي أن الهدف من بناء سد النهضة هو “توفير الكهرباء للشعب الإثيوبي دون التأثير سلبًا على أي جهة أخرى”، حسبما أوردت إذاعة فانا الإثيوبية.
* توليد الكهرباء *
وفيما أكد رئيس فريق التفاوض الإثيوبي وسفير أديس أبابا لدى الولايات المتحدة، سيلشي بيكلي، انتهاء أعمال بناء سد النهضة “خلال شهور قليلة”، أشار في تغريدة على حسابه بموقع X (تويتر سابقا) إلى أنه من المتوقع دخول 5 توربينات إضافية الخدمة هذا العام.
وفي عام 2022، أعلنت إثيوبيا بدء تشغيل توربينتين من إجمالي 13 توربينة لتوليد الكهرباء من سد النهضة، ستولد 5150 ميجاوات، حسبما صرّح مسؤولون حكوميون.
ويشير تقرير لوكالة الصحافة الإثيوبية إلى أن سد النهضة يستهدف توفير الكهرباء إلى 70% من مواطنيها، البالغ تعدادهم 120 مليون، وتوفير طاقة إضافية لتصديرها إلى الدول المجاورة، ومنها السودان وكينيا وجيبوتي وتنزانيا.
* مكاسب إثيوبية أخرى *
وبخلاف إنتاج الطاقة، يشير التقرير إلى مكاسب إثيوبية أخرى من سد النهضة، منها السياحة وصيد الأسماك.
وأعلن نائب رئيس مكتب الزراعة بمنطقة بني شنقول جوموز، برهانو إيتيتشا، صيد حوالي 753 طنًا من الأسماك من بحيرة سد النهضة، فيما أشار إلى وجود 4 اتحادات مرخصة لصيد الأسماك بالإقليم، مع تزويد 38 اتحادا للشباب برخص الصيد.
وفي وقت سابق من العام الماضي، صرّح رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بأن سد النهضة “أصبح الآن موطنًا لحوالي 70 جزيرة تتمتع بإمكانات هائلة لتطوير الوجهات السياحية”.
وأشار تقرير وكالة الصحافة الإثيوبية إلى أن الجزر السبعين ستكون مفتوحة أمام المستثمرين المحليين والأجانب في صناعة الضيافة، لافتةً إلى أن ثلاث شركات محلية أعربت بالفعل عن اهتمامها بهذا القطاع.
* المزيد من السدود *
وتعتزم إثيوبيا بناء حوالي 70 سدًا، بمرور الوقت، في جميع أنحاء البلاد لتوليد المزيد من الطاقة للصناعة المتنامية في البلاد التي تتطلب زيادة سنوية بنسبة 30% في احتياجات الطاقة، فق التقرير.
وتمتلك أثيوبيا 12 نهرًا، منها النيل الأزرق، وعطبرة، وستيت، وهي من روافد نهر النيل، بالإضافة إلى أومو، وأواش، وشبيلي.
* تهديد خطير *
وتتخوّف القاهرة من تأثير سد النهضة، المقرر أن يحجز 74 مليار متر مكعب من مياه النيل الأزرق المصدر الرئيسي لنهر النيل، الذي يمثل نحو 98% من موارد مصر المائية المتجددة، بينما تعاني عجزًا يصل إلى 55% من احتياجاتها المائية التي تبلغ 120 مليار متر مكعب.
وحذّرت مصر من أن انخفاض مياه النيل مليار متر مكعب واحد يهدد بفقدان 290 ألف شخص في قطاع الزراعة لمصادر دخولهم، وخسارة 130 هكتار من الأراضي الزراعية (الهكتار يساوي حوالي 2.4 فدان)، وزيادة 150 مليون دولار في فاتورة الورادات الغذائية، وخسارة قدرها 430 مليون دولار في الإنتاج الزراعي، وفق تقديرات رسمية أوردت مصر في خطاب إلى مجلس الأمن في مايو 2020 قبل الملء الأول.
وجاء في الخطاب، الممهور بتوقيع وزير الخارجية سامح شكري، أن ملء هذا السد، من جانب واحد، قبل الاتفاق مع دولتي المصب على القواعد المنظمة لملئه وتشغيله، يمكن أن يشكل “تهديدا خطيرا للسلم والأمن في جميع أنحاء المنطقة”.
وأضاف أن السد الإثيوبي “يمكن أن يعرض للخطر الأمن المائي والغذائي، بل ووجود أكثر من 100 مليون مواطن يعتمدون اعتمادا كليا على نهر النيل لكسب رزقهم”.
* مخاوف مصرية *
وتتخوف القاهرة من حالتين لتشغيل سد النهضة “دون اتفاق”، وأكد وزير الري اهتمام الوزارة مستقبلا بحالات الجفاف المطول، الذي يستمر 7 أو 10 سنين، موضحًا: “حينها سيتنزف مخزون السد العالي، بينما تخزّن إثيوبيا المياه في سد النهضة لتوليد الكهرباء”.
وتابع: الحالة الثانية تخص إعادة الملء بعد الجفاف المطول، حيث تكون جميع السدود فارغة، فلو اتجهت إثيوبيا لملء سدها أولا، سنتعرض إلى سنوات طويلة من الجفاف، الطبيعي والصناعي بفعل ملء السد، وهذا عنق الزجاجة في المفاوضات، وقد سعينا للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم لماذا يحدث في الجفاف الممتد ومرحلة إعادة الملء.
* من يدفع الثمن؟ *
وقال «سويلم» إنه لا يمكن القول بأن سد النهضة لم يضر بمصر، مضيفا: “لكن هذا الضرر تعاملت معه الدولة المصرية بتكلفة ما، ولابد أن مصر ستطالب بها إثيوبيا يوما ما استنادا إلى اتفاق إعلان المبادئ”.
واستند وزير الري إلى البند الثالث من إعلان المبادئ، والخاص بـ”عدم التسبب في ضرر ذي شأن”، والذي ينص على أن الدول الثلاث ستتخذ الإجراءات المناسبة لتجنب التسبب في ضرر ذى شأن خلال استخدامها للنيل الأزرق/ النهر الرئيسي.
كما تضمنت أنه على الرغم من ذلك، ففي حالة حدوث ضرر ذى شأن لإحدي الدول، فان الدولة المتسببة في إحداث هذا الضرر عليها، في غياب اتفاق حول هذا الفعل، اتخاذ كافة الإجراءات المناسبة بالتنسيق مع الدولة المتضررة لتخفيف أو منع هذا الضرر، ومناقشة مسألة التعويض كلما كان ذلك مناسبا.
* التعاون من أجل السلام *
وفي 22 مارس الماضي، احتفلت الأمم المتحدة باليوم العالمي للمياه، تحت شعار “المياه من أجل السلام”، محذرة من أنها “قد ترسي السلام أو تشعل فتيل النزاع”.
وأوضحت، في تقرير على بوابتها المعنية بالمياه، أنه عندما تكون المياه شحيحة أو ملوثة، أو عندما يفتقر الناس إلى الفرص المتكافئة للحصول على المياه أو تنعدم فرص حصولهم عليها، فإن التوترات قد تتصاعد بين المجتمعات والبلدان.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، أهمية تكثيف الجهود تيسيرا للتعاون عبر الحدود، فيما حثَّ جميع البلدان على الانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة للمياه وعلى تنفيذها، لكونها تشجّع إدارة الموارد المائية المشتركة على نحو مستدام.