نعود في هذه الحلقة إلى عام 1998، عندما عرض مسلسل الضوء الشارد على شاشة القناة الأولى في التلفزيون المصري، وظهرت شخصية فرحة، التي قدمتها منى زكي في أولى بطولة تلفزيونية لها، ومسلسل الضوء الشارد من علامات الدراما المصرية، من تأليف محمد صفاء عامر وإخراج مجدي أبو عميرة.
– فرحة التي أصبحت شريرة في عصر السوشيال ميديا
كانت شخصية فرحة في المسلسل تتسم بالهدوء والطيبة، وهي فتاة تبدو عليها ملامح الرومانسية وتنتمي لأسرة بسيطة، يعمل والدها ميكانيكي، منعزلة عن العالم بسبب ورشة والدها الواقعة في مكان نائي، وهذا الانعزال هو سبب إعجابها بأول شخص يتعلق بها ويحاول التقرب منها، وهو فارس العزايزي (محمد رياض)، وهذا الخط الدرامي يقلب ويؤثر على باقي الخطوط الرئيسية الأخرى، والتي يتركز محورها في الصعيد، نجع العزايزة، كما أطلق عليه المؤلف، حيث يعيش رفيع الشقيق الأكبر لفارس، وهو حامل لواء العائلة ومسئول عنها بعد وفاة الأب، ووالدتهما.
لم تكتمل سعادة فرحة كثيرة حيث توفي زوجها في حادث ووجدت نفسها في مواجهة مع الشقيق الأكبر، الذي عرف عنه القسوة والقوة، رغم أنه يخفي جانبا آخر من الطيبة والمودة داخله، وتنقلب هذه المواجهة إلى قصة حب، يحاول الاثنان نكرانها، والضوء الشارد يمكن اعتباره هو الاسم الذي يرمز لرفيع والذي يجد ضالته عندما يقع في غرام فرحة.
على الرغم من أن شخصية فرحة قدمت في الأساس بصورة رقيقة وفتاة رومانسية، إلا أنها مع مرور الزمن وتغير أذواق الناس وتحديدا جمهور السوشيال ميديا، تحولت إلى شخصية شريرة في وصفهم، ورأى كثيرون أنها شخصية هوائية انجذبت لفارس لمجرد كونه شابا وسيما ثريا ثم تعلقت بل وتقربت من شخصية رفيع وهي تعلم أنه متزوج.
وفقا للأحداث فرحة لم تتلاعب برفيع لكي تجبره على حبها أو توقعه في شِباك غرامها، ووفقا للمواصفات التي رسمها محمد صفاء عامر، فهي كانت تقاوم هذا الحب وحاولت الابتعاد ولكنها لم تستطع، ويميل الكاتب إلى جعل إبراز فرحة كتعويض عن القسوة التي عاشها رفيع مع والده وأنها الحب الذي يغير حياته، ولكن يرى البعض أنها قامت ببعض التصرفات جعلته يتعلق بها، مثل زياراتها المتكررة له في استراحته (إسطبل الخيول)، ومحاولة التظاهر أنها شخصية نسائية مختلفة، التي يفتقدها رفيع فيمن حوله من نساء.
شخصية فرحة ليست مهمة على مستوى العمل الدرامي فقط، بل في الواقع أيضاً كانت نقلة نوعية لمنى زكي، الممثلة الشابة حينها، بل وبلغ الأمر أن في حوارتها الصحفية كان يتم التنويه في العنوان إلى جوار اسمها ب”فرحة” بطلة الضوء الشارد، كما حدث في جريدة المصور في الحوار الصادر بتاريخ 19 مارس 1999، وكانت منى قبل هذا العمل قد شاركت في عدد من المسلسلات في أدوار صغيرة، مثل نصف ربيع الآخر، وخالتي صفية والدير، والعائلة، وزيزينيا الجزء الأول، وشاركت في عدد من المسرحيات ولكن الضوء الشارد جعل اسماها لامعاً أكثر في الدراما التلفزيونية.
والمفارقة أن هذا النجاح لم تستثمره منى بل انقطعت عن التلفزيون تقريبا لسنوات وأصبحت نجمة سينما، لأن في نفس العام عرض فيلم صعيدي في الجامعة الأمريكية والذي حقق نجاحا كبيرا، تحول جميع المشاركين فيه فيما بعد إلى نجوم شباك سينمائيين على رأسهم محمد هنيدي وأحمد السقا.