وحتى الآن مازالت هذه الشخصيات يتردد ذكرها ضمن حالة النوستالجيا والتقدير الكبيرة للمسلسلات التي صنعها أسطوات الدراما التلفزيونية، وأصبح لها مجموعات على منصات التواصل الاجتماعي للحديث عنها وعن شخوصها وصُناعها.
نعود في هذه الحلقة إلى عام 2003، مع شخصية رُحيم المنشاوي التي جسدها الدكتور يحيى الفخراني، ورحيم من الشخصيات المُحيرة للجمهور، مثلما ذكرنا في الحلقة السابقة أن شخصية فرحة في الضوء الشارد تحولت من الطيبة إلى الشر “خطافة رجالة” في عصر السوشيال ميديا واختلاف تفسيرات الجمهور للشخصيات، هذا أيضاً حدث مع شخصية رُحيم، الذي جعلت قصته مع حسنات قلوب الجمهور يتعاطف معهما، ولكن مع الوقت رآه البعض شخصية ظالمة.
رحيم المنشاوي هل أخطأ عندما أُغرم بحسنات؟
عرض مسلسل الليل وآخره في 26 أكتوبر 2003، وكان يتكون من 35 حلقة، وهو عدد حلقات طويل مقارنة بأعمال هذه الفترة، وهو من تأليف محمد جلال عبد القوي، وإخراج رباب حسين، وبطولة مجموعة كبيرة من النجوم، هدى سلطان، ورشوان توفيق، إبراهيم يسري ونبيل نور الدين ونهال عنبر، ونرمين الفقي وطارق لطفي، وغيرهم.
تدور الأحداث حول رُحيم المنشاوي وعائلته في طرف و”حسنات” حبيبته في الطرف الآخر، وبين الاثنين وقع رحيم في فخ القسوة والظلم، حيث أصبحت الشخصية في عصر السوشيال ميديا مُدانة بخيانة الزوجة الأولى، وظلم الإخوة والقسوة على الأبناء، فقد تسبب انتقام رحيم من أشقائه الذين فرقوا بينه وبين مُغنية الموالد حسنات إلى حرمانهم من حقهم الشرعي في ميراث والدهم، وحرمان ابنه الأكبر وجيه من حبه لابنة عمته، فتعلم الابن القسوة من والده وعندما أصبح رجل أعمال ومسئول عن تجارة والده طبق ما فعله الأب وحرم الجميع، حتى قتلته لعنة المال.
رسم محمد جلال عبد القوي الشخصيات بشكل رمادي، لم يدن أحدا بعينه ولم يبرئ شخص على حساب الآخر، عندما تنظر لشخصية رحيم مجردة من السياق، فهو إنسان لديه قلب من حقه أن يشعر بالحب مثل جميع أشقائه، لم يعش حياته بشكل طبيعي بسبب عمله الشاق مع والده، حُرم من مرحلة الشباب من أجل توفير المال لإخوته ودراستهم، ولكن عندما تنظر له كرجل متزوج لديه أبناء وإخوة من حقهم عليه أن يفكر فيهم جميعا قبل الغوص في علاقة حب مستحيلة، بينما إذا فكرت في موقف الإخوة يمكن أن تراه كمشاهد أنهم أشخاص يتسمون بالأنانية حرموا شقيقهم من الحب، لأجل الشكل الاجتماعي، ولكن هم أيضا على الجانب الآخر تحملوا ظلمه وحرمانهم من حقهم في الميراث ولم يفكروا في مقاضاته بل ساندوه أثناء أزمة ابنه الدكتور الجامعي، لذلك الخطوط ملتبسة.
وكتبت الناقدة ماجدة موريس عن المسلسل في صحيفة الجمهورية مقالا جاء فيه: “إنها الدراما عندما تقودنا إلى نزع الأقنعة عن خطايانا وعيوبنا القاتلة إنه عمل تحكمه حتمية درامية تتلاقى مع ما يجري في زمننا الحالي من حوادث يشيب لها الولدان ويفسرها، كما أن مخرجته رباب حسين استطاعت إقامة بناء قوي يجسد رؤية مؤلفه الرصينة وأدارت كل من معها على نحو مبدع في كل شئ تصويرا وديكورا وإضاءة، ثم أبطالا مختارين بعناية وإدارتهم منتزعة أجمل ما لديهم من طاقة تمثيلية وعلى رأسهم الفنان المبدع يحيى الفخراني في دور لا يُنسى بسهولة”.