بعد ثورة 25 يناير نزل الدكتور أحمد فتحي سرور، من مقعد رئيس مجلس الشعب، ليتحدث بلسان حال المظلوم الذي خاض تجربة السجن، وبعين المشاهد للوضع السياسي والاجتماعي، وبفكر القانوني البارز الذي يدافع عن مهنته.
ولكونه أحد أبرز رموز نظام الرئيس الراحل حسني مبارك، فقد غيبت ثورة يناير 2011 الدكتور سرور عن المشهد السياسي لسنوات، قبل أن يُغيبه الموت عن عالمنا مساء الجمعة بعمر يناهز 92 عاما.
رصيد فتحي سرور لم يتوقف عند حياته السياسة والبرلمانية، فهو القانوني البارز المُخضرم صاحب عشرات المؤلفات القانونية بالعربية والانجليزية والفرنسية، ولذا ظلت طلته وأحاديثه القليلة بعد ثورة يناير محل اهتمام الرأي العام.
وبداية من صرخات المظلومية التي أطلقها من قفص الاتهام في قضية موقعة الجمل قبل براءته، مرورًا برأيه في قانوني الكيانات الإرهابية ومكافحة الإرهاب، وختامًا بحديثه عن الرئيس السيسي ورسالة المحاماة، تستعرض “أخبار مصر” أبرز ما قاله سرور خلال 13 عاما بعد الثورة.
• كيف رأى فتحي سرور قانون الإرهاب؟
في ندوة للجامعة البريطانية بشهر ديسمبر 2017 قال سرور إن مصر سبقت فرنسا في وضع نظام قانوني خاص بمكافحة الإرهاب مستقل عن قانون العقوبات، من خلال قانوني الكيانات الإرهابية ومكافحة الإرهاب الصادرين في عام 2015، وهو ما لجأت إليه فرنسا قبل قرابة شهر واحد.
ومن أبرز أقواله خلال الندوة:
– التوسع الذي طبقته مصر في التعريف القانوني لجرائم الإرهاب لتشمل الجرائم التحريضية مُطبق أيضا في كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا.
– يختلف الإرهاب عن مواجهة الجيش النظامي في نزاع مسلح، فالإرهاب دائما يلجأ إلى وسائل غير نظامية لا تعرف كيفية مواجهتها، ولذا فالنزاع المسلح الذي تتم مواجهته بالطرق النظامية أرحم بكثير من الإرهاب.
– في محاربة الإرهاب أنت لا تعرف عدوك ولا تعرف ما هي وسائله وإنما هي أمور شيطانية تأتي من هنا أو هناك.
– قانون الكيانات الإرهابية يمثل جناح الوقاية القانونية من الإرهاب والعقوبات الواردة به إما تبعية لأحكام الإدانة فى قضايا الإرهاب، أو إجراءات تحفظية مؤقتة، بينما يمثل قانون مكافحة الإرهاب جناح التجريم والعقاب.
– رأيى أن يُلغى قرار الإدراج على قائمة الإرهابيين بمجرد صدور حكم النقص بقبول الطعن، وإذا أرادت النيابة العامة أن تدرج الأشخاص أنفسهم مرة أخرى فعليها تقديم مبررات جديدة للدائرة المختصة بمحكمة الجنايات.
– الجنسية من الحقوق اللصيقة بالمواطنين ولا يجوز إسقاطها بمجرد حكم يثبت انضمام الشخص لجماعة إرهابية.
وجاءت العبارة الأخيرة ردًا على سؤال «أخبار مصر» عن دستورية مشروع قانون يسمح بإسقاط الجنسية «حال صدور حكم قضائى يثبت انضمام حامل الجنسية إلى أى جماعة أو جمعية أو جهة أو منظمة أو عصابة أو كيان يهدف إلى المساس بالنظام العام للدولة أو تقويض النظام الاجتماعى أو الاقتصادى أو السياسى لها بالقوة أو بأى وسيلة من الوسائل غير المشروعة» وليس فقط الأحكام التى تثبت الانتماء لجماعة إرهابية.
• حديث سرور عن الرئيس السيسي
في حوار صحفي له مع جريدة المصري اليوم، قال سرور إن الرئيس السيسي هو المُلهم والمنقذ الذى وحد المصريين على هدف واحد هو حب الوطن والوقوف فى وجه الإرهاب.
وأضاف في حديثه:
– السيسي حقق كثيرا وسيحقق الأكثر خلال السنوات المقبلة، فهو عبر بنا إلى بر الأمان أمنيا ثم وضع عددا من المشروعات التنموية التى حققت عائدا اقتصاديا ومردودا واضحا على أبناء الشعب المصرى.
– أنا لا أريد أن أتحدث عن السياسة لكنى أرى أن الشعب المصرى عظيم لأنه وثق فى رئيسه السيسى الذى عبر بنا إلى بر الأمان ونجحنا فى مواجهة الإرهاب والعنف.
– كل ما نحتاج إليه من تشريعات هو السعى لتحقيق الحماية الاجتماعية للمواطن ودعم التنمية الاقتصادية، وهذا يتطلب نوعاً من الاستقرار، وهو ما بدأ يتحقق مع الرئيس عبد الفتاح السيسى.
– المرحلة الحالية تعد أكثر استقرارا بفضل التفاف الجماهير حول قيادتهم السياسية التى نجحت فى العبور بأبناء الشعب المصرى من الأزمة والنفق المظلم إلى بر الأمان.
• تجربة السجن بعد ثورة يناير والابتعاد عن السياسة
قال سرور من داخل قفص محاكمته في قضية “موقعة الجمل” عام 2012: “عمل المتأمرون على هدم تاريخي، فأنا ضحية مؤامرة، ليست على مصر ومنشآتها وإنما على رجالاتها”.
وتابع: “عام قضيته حزينًا في مكاني، أنتظر لقاء المحكمة لأعتصم بعدالتها، فأنا أطالب بالإفراج عني فكفاني ظلما مدة عام في الحبس الاحتياطي”.
وأضاف سرور عن تجرية السجن في حوار للمصري اليوم:
– تجربة سجني قاسية للغاية وأعدت خلالها مذكرات للطعن فى عدد كبير من القضايا منحتها لعدد من المحامين، حصلت جميعها على البراءة.
– تعرضت لظلم بيّن بدخولى السجن، لذلك قررت الدفاع عن المظلومين بعد الخروج منه.
– عزفت عن الظهور فى وسائل الإعلام حتى لا يقحمني أحد فى الحياة السياسية، وتجربتي في السجن دفعتني لتكوين كتيبة من كبار المحامين هدفهم هو الدفاع عن المظلومين.
– ابتعدت عن السياسة والأحاديث الصحفية، نظرا لما واجهته من متاعب، ولا أريد أن أنخرط فيها ثانية لأنها تفسر غالبا بالخطأ، وتعرضت للعديد من المشاكل بسببها.
• الإخوان وفتحي سرور
دافع فتحي سرور عن موقفه من الترافع عن أحد المتهمين المدرجين على قوائم الإرهاب، وقال:
– أنا أول من تعرض للظلم على يد الجماعة الإرهابية عندما حاكوا ضدى ما سموه بموقعة الجمل ولكن عدالة القضاء المصرى كانت بالمرصاد
– لم ولن أقبل يوماً الدفاع عن جماعة إرهابية أو أى عضو بها، لأنها جماعة لا تزال يداها ملوثتين بدماء المصريين.
– لم أكن اترافع عن جماعة الإخوان فى قضية الكيانات الإرهابية، ولكن توجهت للترافع عن سيدة أدرج اسمها بطريق الخطأ فى القضية، فمهمتي تطبيق صحيح القانون، وترافعي قانونيا بحتا.
• رسالة المحاماة والقانون في نظر سرور
لم يخلو حديث فتحي سرور عن مهنته الأصيلة وقال عنها:
– الدفاع عبارة عن رسالة نص عليها الدستور، وحقوق الدفاع من حقوق الإنسان، والمحامى شريك للقضاء فى تحقيق العدالة، والدفاع يختار قضاياه.
– قبلت قضايا أعلم فيها أن موكلي مذنب، لأن أى متهم من حقه أن يكون له محام يترافع عنه والمتهم يدرك أنه سينال عقوبة، ولكن واجب الدفاع تخفيفها.
– يجب على المحامى ألا يدافع عمن ثبت تورطهم فى قضايا إرهابية تضر بأمن الوطن، ولن أقبل ذلك على الإطلاق مهما كانت الإغراءات.
– قانون الإجراءات الجنائية ليس قانون جنائى فقط، بل جنائى ودستورى واقتصادى، ويعد مرآة المجتمع كله، ويتناول كل قضاياه.
– أحب مؤلفاتى إلى قلبى هى المواجهة القانونية للإرهاب، والحماية الدستورية للحقوق والحريات، والوسيط فى قانون الإجراءات الجنائية.