كيف ظهرت ملامح شخصيات الراية البيضا لأسامة أنور عكاشة في مسلسل إمبراطورية ميم؟
عُرض مسلسل إمبراطورية ميم للفنان خالد النبوي، في الموسم الدرامي الرمضاني 2024، وتكون من 30 حلقة في موسم كثرت فيه المسلسلات القصيرة، ولكن قصة العمل تعتمد على كثير من التفاصيل والخطوط الدرامية التي رأى صناعها أن من الأفضل تقديمها في هذا النمط.
إمبراطورية ميم”، هي المعالجة التلفزيونية لنص قصصي بنفس الاسم، ضمن مجموعة بنت السلطان القصصية للكاتب إحسان عبدالقدوس، تأليف محمد سليمان عبد الملك، وإخراج محمد سلامة، وبطولة خالد النبوي، وسبق وقد قدمت معالجة سينمائية لنفس القصة من بطولة فاتن حمامة في سبعينيات القرن الماضي.
ركزت النسخة السينمائية من النص على علاقة الأم بأبنائها واختلاف الأجيال، ومحاولة نزع صلاحيات سيطرتها على المنزل منها، بعد وصول الاتجاهين إلى طريقين لا يستطيعا التواصل عبرهما، ويناقش العمل هذه الاختلافات وحق الأم في حياة جديدة وحق الأبناء في اختيار الحياة التي يريدونها.
وحاول صناع العمل التلفزيوني تقديم نفس الرؤية، ولكن من خلال تغليفها بقضايا أكثر عصرية تواكب تغير الأجيال من خلال شخصية مختار أبو المجد وأولاده، بالتوازي مع ذلك إضافة خط رئيسي للأحداث يزيد من الفُرقة بين الأب من جانب وأبنائه من جانب آخر وتحديداً الابن الأكبر مروان، وهذا الخط يبرز اختلاف الأفكار بين الأب الذي يمثل التراث والأصالة من خلال موقفه المتمسك بالمنزل ورفضه لبيعه لشركة عقارات، بينما يمثل الابن الحداثة بفكره غير المرتبط بالتراث أو الذكريات والبحث عن المكسب المالي وذلك عبر موقفه الداعم لبيع المنزل نظير مبلغ مالي ضخم، وهذا الجانب لم يكن مطروحا في المعالجة السينمائية.
وهذا الخط الدرامي يتشابه كليا مع مسلسل الراية البيضا، تأليف أسامة أنور عكاشة وإخراج محمد فاضل، البطل (مفيد أبو الغار/ مختار أبو المجد) يدخل في مواجهة مع البطل الضد الذي يريد الاستحواذ على المنزل (فضة المعداوي/ يحيى شاكر) وفي سلسلة من المواجهات المستمرة يحاول صاحب الملكية الحفاظ على منزله، الذي يمثل التراث/والعراقة/والأصالة في مقابل الهمجية/ والعشوائية/ السوقية/ حجج التطوير، وبينما تقترب شخصية مفيد ومختار من حيث تمسكهم بالقيم والآراء، تختلف قليلا دوافع الشخصية الضد، فضة المعداوي في كتابة عكاشة تمثل العشوائية والصاعدين بعد عصر الانفتاح، بينما يحيى شاكر يمثل أصوات التغيير والإصلاحات.
واختلفت الحيلة التي استطاع من خلالها فضة/يحيى الحصول على المنزل، وفي هذا الصراع يتحول أطراف من جانب فضة/ ويحيى إلى جانب مختار/مفيد، حيث تحولت شخصية النونو التي جسدها سيد زيان إلى صف أبوالغار، بعد عمله كذراع يمنى لفضة، يحدث نفس الشئ في إمبراطورية ميم، يتحول موقف نادين التي جسدتها يارا عزمي كلياً من كونها صوت يحيى شاكر إلى ترك الشركة لاقتناعها بوجهة نظر مختار، رغم اختلاف ملامح هذه الشخصيات، النونو يشبه فضة بعشوائيتها وأُميتها، بينما نادين تشبه يحيى بلباقته وثرائه ومظهره البراق.
كما تتشابه نهاية الحلقة الأخيرة في كلا العملين، يتجمع رجال حيى شاكر والمسئولون عن إزالة المنزل وحاولوا إخراج مختار وأسرته من المنزل، بينما يعتصم مختار داخل المنزل ويرفض الخروج ويتجاهلون جميع نداءات الخروج، لمنع هدم المنزل، بينما يعتصم مفيد وجميع من يحملون نفس أفكاره أمام باب المنزل في مواجهة ماكينات الإزالة.
وانتهت الحلقة الأخيرة في مسلسل الراية البيضا بعبارة كتبت على الشاشة جاء فيها “الجالسون على الرصيف حول فيلا أبو الغار ينادونكم للجلوس معهم حتى لا يضطر الدكتور مفيد وفريقه رفع الراية البيضاء”، وانتهت الحلقة الأخيرة في مسلسل إمبراطورية ميم بعبارة تحمل نفس معنى استمرارية الصراع “ومازالت المعركة مستمرة”.