*الدورة ال١٤ للمهرجان فتحت آفاقا جديدة لأفكار جمهور الغرب عن العالم العربى
تختلف المهام والأهداف من مهرجان سينمائى لآخر، نعم تمثل حالة امتاع الجمهور وجذب النقاد واكتشاف تيارات وعوالم سينمائية جديدة من مختلف الجنسيات عامل مشترك، لكن يبقى هناك مهرجانات تتجاوز الأهداف المألوفة، وتسعى لتحقيق أبعاد جديدة، ومنها مهرجان مالمو للسينما العربية، الذى اختتم دورته الرابعة عشر أمس، وذلك برؤيته الخاصة بتنظيم “عروض المدارس” لجذب شريحة مهمة من الجمهور ومنح الفرصة لفتح آفق جديد لأفكارهم حول العالم العربى وحيث يشاهد التلاميذ والطلاب الأفلام العربية سواء روائيّة طويلة أو قصيرة أو وثائقية، وتستوعب قضايا مجتمعاتها السياسية والاجتماعية برؤية مختلفة، تلك العروض التى تبدأ منذ الصباح وبالتحديد فى العاشرة صباحا، تحظى بحالة كبيرة من الشغف، وقد شاهدت من ينتمون لثقافات اسكندنافية أو أوروبية كيف يتحاورون مع ثقافة أخرى، يسألون عن نقاط مهمة ويتناقشون مع صناع الأعمال عقب العروض، على سبيل المثال أفلام القضية الفلسطينية، أو تلك التى تتناول الصراع العربى الإسرائيلى بشكل عام، حيث يمكن لهذه الأعمال أن تضع تلك الشريحة من الجمهور الاوربى أمام مشهد آخر للقضية، وكان من بين ما شاهدوه الفيلم الأردنى “مسافر: حلب – إسطنبول” إخراج أنداش هازيندار أوغلو، وبطولة صبا مبارك والطفلة روان سكاف، وباستثناء ذلك كل فريق التمثيل في الفيلم لاجئون سوريون حقيقيون يدور الفيلم حول رحلة (لينا) و(مريم) أثناء هربهما من الحرب في سوريا. (لينا) فتاة في العاشرة من العمر، فقدت عائلتها في الحرب، واضطرت إلى أن تبدأ طريقها إلى تركيا مع شقيقتها الرضيعة وجارتهم (مريم)، بصحبة لاجئين آخرين. وبينما كانت (لينا) ترغب في العودة إلى الوطن، كان أمل (مريم) هو الوصول إلى أوروبا ، والفيلم السعودى “سليق” للمخرجة أفنان باويان.
وعلى مدار سبعة أيام، حاول المهرجان أن يجمع أهم أفلام السينما العربية الحديثة، ومحاولة خلق توازن جغرافى لسينمات جديدة يهتم بها، مثل السينما السعودية، والسودانية، واليمنية بجوار السينما المصرية واللبنانية والسورية والعراقية والتونسية والمغربية والفلسطينية.
واتفق مع الناقد العراقى الكبير قيس قاسم، فى أن أهم ظاهرة بمهرجان هذا العام هى حضور السينما الوثائقية، حيث أتى المهرجان بأهم الأفلام الوثائقية التى طرحتها السينما العربية هذا العام، مثل المغربى المصرى السعودى “كذب أبيضّ”، الذى يعتبر أحد أهم الأفلام هذا العام بدون أى مجاملة، حسبما يقول قاسم، هو على المستوى الحرفى مختلف ومميز .
كما تقدم المخرجة مراجعة سياسية وتاريخية من خلال عائلتها مدربها المغرب كانت ملتبسة، فى الصراع بين اليسار والسلطة فى نطاق مطالب عادلة، ومنها توفير الخبز للناس، وكم تعلم هناك أفلام وثائقية بها موضوع مهم، لكن جماليات السينما تكون متواضعة، بينما “كذب أبيضّ” جمع بين الاثنين الموضوع المؤثر والحساس والجماليات،
قراءة فنية للتاريخ من جهة مخرجة شابة، ولهذا الاحتفاء به طبيعيا، ومثل هذه النوعية نفتقدها بالفيلم الوثائقي العربى بشكل عام.
الوثائقي الآخر هو الفيلم الفلسطينى القطرى “باى باى طبريا” إخراج لينا سويلم وهو عن العائلة أيضا وكأنه جزء منا حيث قدمت المخرجة عبر حكبة أربعة أجيال من النساء من فلسطين تجسد أرشيف للمقاومة وبه بعد سياسى من خلال طرح طرد الفلسطينيين من أرضهم واحتلالها، وطبرية هى جزء من العائلة التى أبعدت، حيث يفتح آلام الماضي ليعكس الخيارات الحياتية الصعبة التي تواجهها هيام عباس ونساء من عائلتها، متخذا نقطة البداية من النكبة الفلسطينية عام 1948 وما رافقها من تهجير ونفي وقيام دولة الاحتلال الإسرائيلي.
تصور المخرجة حياة والدتها (هيام عباس) وجذورها في فلسطين وكذلك الابنة.
والفيلم السورى “تحت سماء دمشق” إخراج هبة خالد، طلال ديركي، علي وجيه، والتونسى ” بنات ألفة” للمخرجة كوثر بن هنية، وهى مجموعة متميزة فنيا.
فيما جاءت الأفلام الروائية متباينة، بين جيد جدا وجيد، ومتوسط، الشيء المهم هو أن المهرجان موجه إلى جمهور لم يرى بالضرورة كل الأفلام العربية، وبالتالى كان مهما أن يأتى بأفلام حظيت بصيت كبير فى المحافل الدولية لتعرض للجمهور هنا حتى لو جاءت متأخرة مثل وداعا جوليا، وهو فيلم مهم، وكذلك قائمة الافلام القصيرة، والتى ألاحظ الاهتمام بها فى المهرجان، وهو ما اعتبره مهما، لأن صناع الأفلام القصيرة، هم المستقبل وفرصة لتواجدهم وعرض أعمالهم، وتشجيعهم على الاستمرار ، والملفت أن الجمهور التفّ حولها وملأ القاعات، وتفاعل مع المخرجين.
وتضمنت مجموعة الأفلام القصيرة أفلام مميزة، من مصر عيسى إخراج مراد مصطفى ربيع، يوم عادي إخراج منة إكرام، بتتذكري إخراج داليا نملش، وعقبالك ياقلبي إخراج شرين مجدي دياب، ترياق إخراج حسن سعيد (السعودية)، رافقتكم السلامة إخراج إبراهيم ملحم (سوريا)، براكاج إخراج بلال بالي (تونس)، المقاتل إخراج إيمان سيد (الإمارات العربية المتحدة)، البحر الأحمر يبكي إخراج فارس الرجوب (ألمانيا، الأردن)، ترانزيت إخراج باقر الربيعى وقارئ البريد اخراج زو الفقار المطيرى (العراق)، سليق إخراج أفنان باويان (السعودية) صبحية – إخراج أمل العقروبي (الإمارات العربية المتحدة)، أنا يا بحر منك – إخراج فيروز سرحال (لبنان).
النقطة الأخرى التى تشكل ملمح متميز هى صندوق الدعم الذى يقدمه المهرجان للمخرجين الجدد لإنجاز أعمالهم فى نطاق أيام صناعة السينما، أيضا خروج الأفلام الطويلة والليالي العربية إلى العاصمة ستوكهولم، ومدن أخرى، لتعرض للجمهور هناك ، وشهدت زخما كبيرا وقد بدأت الفيلم السعودى المصرى “هجان” للمخرج أبو بكر شوقى.
أحد أهم أهداف أيام صناعة السينما هو دعم الأفلام وفتح الطريق أمامها مثلما حدث هذا العام مع فيلم وداعا جوليا.
أيضا خروج الأفلام الطويلة والليالي العربية إلى العاصمة ستوكهولم ومدن أخرى لتعرض للجمهور هناك وشهدت زخما كبيرا وقد بدأت بالفيلم السعودى هجان للمخرج المصرى أبو بكر شوقى.