حصل فيلم “أنف وثلاث عيون” للمخرج أمير رمسيس، وبطولة الفنان التونسي ظافر العابدين، على جائزة الجمهور ضمن فعاليات مهرجان مالمو للسينما العربية في دورته الرابعة عشر، وقد شهد عرض الفيلم حضورا جماهيرياً ملفتاً، وحضر العرض ظافر العابدين والمخرج أمير رمسيس، وشاهيناز العقاد منتجة الفيلم، ومحمد قبلاوي مؤسس المهرجان.
عُرض الفيلم في دور العرض المصرية في 31 يناير 2024، وتزامن انطلاقه تقريبا مع انطلاق عرض فيلم رحلة 404 للنجمة منى زكي، وقد تسبب فيلم منى في حالة من الجدل والنقاشات خاصة بعد تأجيل عرضه أكثر من مرة وتسرب أحاديث عن تدخلات رقابية، وقد شغل الفيلم مساحة من الوجود الإعلامي والنقدي كبيرة، فهل تعرض فيلم أنف وثلاث عيون لحالة من الظلم على المستوى النقدي والإعلامي؟
في هذا السياق، صرح المخرج أمير رمسيس بأنه سعيد بالجائزة وأن “جائزة الجمهور لها وقع خاص على قلبه”، قائلا لـ”أخبار مصر”: “لم أشعر مطلقا أن الفيلم تعرض لظلم، ربما تأخير موعد عرضه فقط، ولم يكن موعد العرض الاختيار الأفضل، بغض النظر عن الأفلام المعروضة في نفس التوقيت”.
وأجاب أمير فيما يخص “هل كان سيحدث فارقا وجود نجمة سينمائية أكبر في دور أحد الشخصيات بالنسبة لنجاح الفيلم مثل منى زكي على سبيل المثال”، قائلا: “أكيد أحب العمل مع نجوم والاهتمام بوجود جزء جماهيري أكبر، ولكن في النهاية الصورة تتكون أمامك كصانع عمل وترى ممثل ما يكون أكثر ملائمة للشخصية، يحدث لي حالة توائم مع الصورة التي كونتها والممثل الذي أراه في ذهني، وبالنسبة لي جزء المتعة مهم، وبالتالي أحب التعامل مع ممثل نخلق الشخصية سوياً، ولا أفكر في ممثل ممكن أن يلعب الدور بسهولة، لأن في الحالة الأولى هناك لعبة ممتعة في الأمر، على سبيل المثال اختيار أمينة خليل لتجسيد شخصية سيدة من شبرا في حظر تجول، الاختيار الأصعب ممتع”.
وأضاف: “بالتأكيد أحب اشتغل مع منى زكي، وممكن نقول إني هموت واشتغل معاها، ولكن في الوقت الذي أشعر فيه إننا هنقدر نخرج بعمل مختلف ودور مختلف، وربما منى كانت مناسبة جداً لشخصية الطبيبة النفسية في الفيلم، لكن هناك صورة أولى تتكون في ذهني تقودني لاختيار الممثل”.
فيلم أنف وثلاث عيون، هو معالجة سينمائية حديثة للنص الروائي الذي يحمل نفس الاسم للكاتب إحسان عبد القدوس، من بطولة ظافر العابدين وصبا مبارك وسلمى أبوضيف وأمينة خليل، وتأليف وائل حمدي.
تدور الأحداث حول شخصية هاشم (ظافر العابدين)، رجل أربعيني معروف اجتماعيا بسبب عمله كطبيب تجميل يتعامل مع المشاهير، ولكنه يقرر الذهاب إلى عليا، طبيبة نفسية (صبا مبارك) نتيجة ضغط شقيقته (كريمة منصورة)، بعد مهاجمة كابوس متكرر نوم هاشم، يرى من خلاله يد تحمل مسدسا في مكان مألوف لكن لا يرى الشخص نفسه، كما يؤرق هاشم علاقته مع روبا (سلمى أبو ضيف) نظرا لفارق السن بينهما، وهو يعتقد أن الأمرين ليس لهما علاقة ببعضهما، لكن يكتشف في النهاية أن أزمة علاقته بروبا تبدأ من التعرف على سبب الكابوس.
وقدم السيناريست وائل حمدي، حكاية جديدة وعصرية بناء على الرواية القديمة تتغير فيها أطراف الصراع، حيث يكون التركيز داخل هاشم ذاته من خلال المبتور داخل ذاكرته وتأثيره على قراراته فيما بعد وتحديدا علاقاته بالنساء، كأن الفيلم هو الجزء الرابع من الرواية الذي يكشف عن أسباب قراراته العاطفية، وتعمل روبا كالحجر الذي يحرك المياه الراكدة في عقل هاشم ليبدأ رحلته في استكشاف سبب خوفه من العلاقات.
ومن خلال السيناريو الجيد على مستوى الحبكة ورسم الشخصيات والتصاعد الدرامي للأحداث استطاع العمل مناقشة أكثر من فكرة في تناغم دون شعور باقحام بعض من الخطوط الدرامية من أجل الحكم على الشخصيات أو إدانتها أخلاقياً، منها: حذف الذاكرة للمَشاهد القاسية التي يمر بها الفرد في مرحلة ما من حياته، مثالية الآباء وتأثيرها على الأبناء وتصرفاتهم في العلاقات العاطفية، أهمية اللجوء إلى متخصص نفسي، انقطاع التواصل بين الآباء والأبناء، وغيرها.