طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أمس الثلاثاء، بتشكيل لجنة تحقيق دولية حول الأسلحة التي تستخدمها إسرائيل في قطاع غزة، بما في ذلك احتمالية استخدامها قنابل تولد حرارة شديدة تؤدي لتبخر أجساد الضحايا، بحسب وكالة “بترا”.
وقال المرصد في بيان له، إنه وثق شهادات وجمع معلومات أولية كشفت جانبًا مخفيًا من المستويات المروعة للقتل الذي تمارسه إسرائيل في القطاع، يتعلق بتبخر أو انصهار أجساد الضحايا بفعل قنابل تسقطها الطائرات الحربية للاحتلال على المنازل.
وأوضح المرصد أن لجوء جيش الاحتلال إلى إحداث دمار هائل في المربعات السكنية خلال عدوانه المتواصل منذ 7 أشهر على القطاع والأعداد الضخمة من القتلى والمصابين، يثير مخاوف من احتمال استخدامه أسلحة حرارية أو ما يعرف باسم “القنابل الفراغية”.
وأشار المرصد إلى أن آلاف الضحايا ما يزالون في عداد المفقودين إما لعدم القدرة على انتشالهم من تحت الأنقاض أو لعدم العثور على جثامينهم في أماكن أزيلت منها الأنقاض أو لإخفائهم قسرًا من جيش الاحتلال.
ووثّق المرصد حالات لضحايا ارتقوا في غارات للاحتلال على مبانٍ سكنية ومرافق حيوية ولدى محاولة انتشال جثثهم اتضح أنها تحولت لرماد، ومن بينهم ضحايا المقبرة الجماعية التي عُثر عليها في مجمع ناصر الطبي في خان يونس جنوب القطاع ما يثير علامات استفهام بشأن ماهية القنابل المستخدمة في هذه الهجمات.
تقديرات أولية باستخدام قنابل حرارية
ولفت المرصد إلى أن التقديرات الأولية تفيد بأن احتمال تحول الجثث إلى رماد بعد وقت قصير من الوفاة يعود إلى قنابل حرارية يستخدمها جيش الاحتلال؛ بما يستدعي فتح تحقيق دولي لتقديم وصف دقيق لنوعية السلاح الذي يستخدمه الاحتلال.
وذكر المرصد أن لإسرائيل سجل حافل بارتكاب انتهاكات جسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، سيما خلال عدوانها على قطاع غزة الذي استخدمت فيه ولا تزال أنواعًا مختلفة من الأسلحة والذخائر، لافتًا الى أن نتائج التحقيقات التي أجرتها بعض الجهات الدولية والأممية المختصة تؤكد أن ما فعلته إسرائيل يرقى إلى أن يكون جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وتابع المرصد: “يتطلب ذلك تفعيل مستويات التحقيقات الدولية والقانونية والقضائية كافة وآليات المساءلة والعمل الجدي على محاسبة المسئولين الإسرائيليين عن انتهاكاتهم وعدم السماح بالإفلات من العقاب”.
ما هي الأسلحة الحرارية؟
الأسلحة الحرارية، أو القنابل الفراغية، هي نوع من الذخائر ذات المرحلتين التي تحدث انفجارات هائلة.
تُطلق الشحنة الأولى للقنابل من خلال صاروخ أو قذيفة مدفعية، وتنشر هباءً يشبه البنزين المتبخر فوق المنطقة، ثم تشعل شحنة ثانية ضباب الهباء الجوي، محدثة انفجارًا ضخمًا وألسنة لهب وموجة ضغط كبيرة وفراغًا أثناء امتصاص الأكسجين من الهواء المحيط.
وفي تقرير نشرته شبكة “إن بي سي نيوز” الأمريكية، قال ديفيد جونسون، العقيد المتقاعد بالجيش الأمريكي والباحث الرئيسي في مؤسسة راند، وهي منظمة غير ربحية لأبحاث السياسات ومقرها في كاليفورنيا: “إن القنابل الفراغية سلاح مروع ومدمر”.
يمكن للذخائر الحرارية أن تقضي على أي إنسان في المنطقة المقصوفة، ويمكن أن يُقتل الضحايا بسبب الانفجار أو موجة الصدمة المصاحبة له، ويمكن أن يؤدي الفراغ اللاحق إلى تمزق رئتي الناس.
هل تم استخدامها من قبل؟
يقول جونسون، إن هذه الأنواع من الأسلحة الحرارية كانت قيد التطوير منذ السبعينيات، مضيفا أن القوات الأمريكية استخدمتها في أفغانستان عام 2017 لتدمير مجمعات الكهوف والأنفاق.
يُطلق على الأسلحة الحرارية أحيانًا اسم “خارقة المخابئ” لأنها قادرة على تدمير الحواجز الدفاعية بشكل فعال.
يوضح جونسون قائلا: “على الرغم من أنها لم تكن مصممة في الأصل للاستخدام في المناطق الحضرية، إلا أنها يمكن أن تكون قاتلة بشكل خاص إذا تم إطلاقها على مجمعات المباني وغيرها من المناطق المكتظة بالسكان”.
وتابع: “يمكنك أن تتخيل أنه إذا وجد شخص داخل مكان مغلق، وتم قصفه بالقنبلة الحرارية فلن يبقى منه شيء وإذا لم يمت على الفور، فإن الضغط سوف يمزق أعضاءه الداخلية، إنه أمر مروع حقًا”.
ما مدى خطورة هذه الأسلحة وقانونية استخدامها؟
يضيف جونسون عن القنابل الحرارية قائلا: “إنها مثل القنبلة النيوترونية: لم يكن هناك أي حظر عليها، لكن الجميع أدركوا مدى فظاعتها”.
من جهة أخرى أوضح المرصد الأورومتوسطي في بيانه أن القانون الدولي الإنساني يحظر استخدام القنابل الحرارية وفقًا لاتفاقيات لاهاي لعامي 1899 و1907 واتفاقيات جنيف لعام 1949، مع اعتبار استخدام هذا النوع من القنابل جريمة حرب وفقًا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
رغم ذلك ذكرت شبكة “إن بي سي نيوز” الأمريكية، أنه لا توجد قوانين تحظر استخدام القنابل الحرارية في الحروب، على الرغم من إدانتها على نطاق واسع من قبل المنظمات غير الحكومية وإحداثها دمارا مروعا، لكن يبقى استخدامها ضد المدنيين محظورا بموجب اتفاقيات جنيف وذلك يمكن أن يشكل جرائم حرب.