ناقش المشاركون في اليوم الأول لأعمال المؤتمر الدولي الخامس عشر لحوار الأديان، جملة من الموضوعات تناولت قضايا مهمة ومحورية تتعلق بالأسرة وهيكليتها، وقيمها الدينية والتربوية، ودورها المركزي في التنشئة، بحسب وكالة الأنباء القطرية “قنا”.
وأكدت الدكتورة عائشة يوسف المناعي نائب رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، أهمية موضوع المؤتمر في ظل المتغيرات العالمية المعاصرة، والتحديات التي تواجهها الأسرة وحقوق أفرادها، وضرورة العمل على حمايتها واستقرارها.
ونبهت، خلال ترأسها الجلسة الأولى للمؤتمر، إلى ما تعانيه الأسرة والمرأة الفلسطينية منذ شهور بسبب الانتهاكات الإسرائيلية التي تطالها على جميع المستويات، والمعاناة الصعبة التي تعيشها جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وقالت: “علينا ألا ننسى الأسر الفلسطينية التي تم شطبها من السجلات المدنية”.
كما تحدث في الجلسة الدكتور نظير محمد النظير عياد، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر في جمهورية مصر العربية، مثمنًا استضافة دولة قطر لمثل هذه المؤتمرات الحوارية المختلفة، والقضايا الحيوية التي تناقشها.
واعتبر أن المؤتمر الدولي الخامس عشر لحوار الأديان يعد محفلًا علميًا كبيرًا، وأن الأزهر يدعم مخرجاته كونها تتوافق مع المنطق والعقل والدين والفطرة ومنهج الأزهر نفسه، الذي يؤكد ضرورة دعم القيم والمبادئ الراسخة التي تعزز استقرار الأسرة والمحافظة على هويتها الدينية والثقافية في ظل المتغيرات المعاصرة.
كما نوه، من جهة أخرى، بدور دولة قطر في دعم القضية الفلسطينية، وتنديدها بالمجازر والإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، مثمنًا دور مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان في تعزيز جهود مكافحة التطرف والكراهية، والعمل على مد جسور التعاون والتفاهم بين أتباع الديانات السماوية.
وتوالت المداخلات بعد ذلك من المشاركين في الجلسة، والذين أكدوا أن عقد مؤتمرات حوار الأديان أكسبت قطر ومركز الدوحة الدولي لحوار الأديان سمعة طيبة على كافة المستويات، في ظل عالم متغير وتحديات جمة تستدعي من الجميع التصدي لها.
وشددوا على أهمية المحافظة على القيم الأسرية، مؤكدين أن التعدي على تلك القيم هو تعد على كرامة الإنسان، باعتبار الأسرة الخلية الأساسية للمجتمع.
وأشاروا إلى أن الأديان السماوية شددت على أهمية الأسرة وضرورة حمايتها من مختلف الأخطار، لأن تماسك المنظومة الأسرية يعد السبيل الوحيد للحفاظ على المجتمعات الإنسانية.
وناقشت الجلسة العامة الأولى للمؤتمر، والتي عقدت تحت عنوان: “الأديان وهوية المنظومة الأسرية”، عددا من الموضوعات، من بينها هيكل البناء الأسري في الأديان من حيث المفهوم والمكانة والمسئولية، والقيم الدينية والتربوية وتحقيق التكامل الأسري، فضلا عن التطرق لموضوع الأديان والتضامن الأسري من حيث الحقوق والمسئوليات.
وتناول المشاركون الصورة الحقيقية للأسرة انطلاقا من الرؤية الدينية، عبر شرح وتوضيح هذه الرؤية لواقع المجتمعات الإنسانية بأسرها، لافتين إلى الأخطار والتحديات التي تواجه مؤسسة الأسرة اليوم، عبر ضرب أسس التربية التي ترتكز على القيم الأخلاقية والدينية، ونسف العادات والتقاليد الحسنة، التي تناقلناها عبر الأجيال المتعاقبة.
وأشاروا إلى أن الأديان السماوية قد أولت الأسرة عناية بالغة، لتكون النواة الأولى التي يعمر منها الكون وتتفرع منها المجتمعات والشعوب، وحجر الأساس الذي يرتكز عليه البناء الاجتماعي، موضحين كيفية تأثير التغيرات الطارئة على مفهوم الأسرة ومكوناتها الفطرية، ما أسهم في تفتيت المضمون المتماسك للأسرة.
واستعرضت الجلسة العامة الثانية، الدور المركزي للأسرة في التنشئة والتربية، وذلك عبر محاور رئيسية متعددة، منها؛ هيكل البناء الأسري في الأديان (المفهوم والمكانة والمسؤولية)، والقيم الدينية والتربوية، والأديان والتضامن الأسري.
وأكد المشاركون، في هذا الإطار، أن الأسرة تعرضت لهزات متتابعة أوهت أركانها وصدعت بنيانها بدءا من المفهوم والمدلول، إلى المقصد والهدف، الأمر الذي يستدعي التصدي للمشكلات التي باتت تواجه المجتمع البشري في جذوره وأساسه، والعمل على إعلاء شأن الأسرة وتعظيم دورها والتنويه بمكانتها.
ودعوا إلى التعريف بالتحديات الأساسية التي تواجه الأسرة اليوم، خاصة تلك التي تستهدف تغييب عوامل تكوين الأسرة السليمة في العصر الراهن، وتعزيز ظهور القدوة الحسنة كتجسيد عملي مباشر يسهم في تربية النشء وتشكيل بنائه الإنساني، في ظل بروز العديد من النماذج السلبية التي تؤثر على الفرد والمجتمع.