“نحن لا نستسلم، ننتصر أو نموت، وهذه ليست النهاية، بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والأجيال التي تليه، أما أنا فإن عمري سيكون أطول من عمر شانقي”.
هكذا قالها زعيم المجاهدين أسد الصحراء عمر المختار عندما قالها في مواجهة جبابرة إيطاليا الذين استحلوا الدماء الليبية، وفي النهاية وبعد عشرات السنين انتصرت المقاومة الليبية بعدما قدمت أعز ما لديها من المقاومين وخرجت إيطاليا منكسرة تجر أذيال الخيبة والهزيمة والعار.
في سبعينات القرن الماضي غزى الاتحاد السوفيتي أفغانستان بحجة التمسك بمعاهدة الصداقة السوفيتية الأفغانية لعام 1978م، ففي 24 ديسمبر 1979م ومع اقتراب منتصف الليل، نظم السوفييت جسرًا جويًا عسكريًا ضخمًا إلى كابول، شمل ما يقدر بنحو 280 طائرة نقل وثلاث فرق تضم ما يقرب من 8.500 رجل في غضون أيام قليلة، وقام السوفييت بتأمين كابول، ونشر وحدة هجوم خاصة ضد قصر تاجبرج، وواجهت القوات السوفيتية عناصر من الجيش الأفغاني قاومت مقاومة شرسة، وبعد قتال وكر وفر انتصر الأفغان وخرجت القوات السوفيتية مهزومة ١٩٨٩م وبعدها بسنوات قلائل تفكك الاتحاد السوفيتي.
في الحرب الامريكية على الشعب الفيتنامي وعلى الرغم من التفوق الساحق في الأسلحة وفي عدد القوات الأمريكية التي بلغت 540 ألف شخص في عام 1968م، إلا أنهم فشلوا في كسر إرادة الفيتناميين واخضاعهم، ولم تتمكن سياسة الأرض المحروقة التي أسقطت خلالها الطائرات الأمريكية 6.7 مليون طن من القنابل على فيتنام، من “إرجاع الفيتناميين إلى العصر الحجري”، فيما كانت خسائر الجيش الأمريكي وحلفائه تتزايد باستمرار، خلال تلك الحرب فقد الأمريكيون 58000 شخص قتلوا في الأحراش، و2300 في عداد المفقودين، وأكثر من 150000 جريح، كما خسرت الولايات المتحدة 738 مليار دولار أنفقتها على تلك الحرب الطويلة والضروس.
جأت فرنسا بكل ما تملك من قوة وعتاد لتطويع الشعب الجزائري العظيم لكنها لم تنل من عزيمتهم، وخرجت في ستينات القرن الماضي كما جاءت مخلفة ورائها أكثر من مليون شهيد ونال الشعب الجزائري استقلاله بعد كفاح مرير كسب به حب وتقدير العالم أجمع.
دخل الكيان الصهيوني أرض فلسطين بمقتضى وعد بلفور أى وعد من لا يملك لمن لا يملك وارتكبت إسرائيل الآلاف من المجازر منذ قيامها إلى ساعة كتابة هذه السطور، الاحتلال الصهيوني ارتكب ما لم يذكر التاريخ مثله جرما من الإبادة الجماعية والفردية والقضاء على الأخضر واليابس وهدم المدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس وحرب التجويع والمقابر الجماعية والمتاجرة بالأعضاء البشرية للشهداء.
فليعلم نتنياهو ومن معه ومن على شاكلته من الغرب أننا شعوب خرج من بينها الأنبياء العظام الذين قاوموا الظلم حيثما كان أو وجد، خرج من بيننا عمر بن الخطاب وصلاح الدين الأيوبي وسيف الدين قظر وعمر المختار والملايين غيرهم ممن خلدهم التاريخ كفاحهم وجهادهم، ليس القوي عدة وسلاحا هو الذي ينتصر، الذي ينتصر الحق وأهله ومن معه ومن دعمه وإلا فسدت قوانين الله تعالى في أرضه، قال تعالى: { كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ }، كما أن النصر من عند الله تعالى ﴿ إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ }، النصر له ثمن والثمن يدفعه أهل الحق في الميدان الآن بعد أن وصل شهدائهم ما فوق الثلاثون ألفا، ننتصر لقضيتنا أو نموت دفاعاً عنها.