تواصل المملكة العربية السعودية، استقبال حجاج بيت الله الحرام من مختلف أنحاء العالم لأداء مناسك الحج في مكة المشرفة، في الوقت الذي تشهد فيه المشاعر المقدسة أعمال تجهيزات واستعدادات لاستقبال المزيد من الحجاج، في موسم هذا العام، والذي ينطلق قبل منتصف يونيو الجاري.
وأعلنت السعودية مطلع الشهر الجاري انتهاء تجهيز المخيمات وتزويدها بالاحتياجات الضرورية، في الوقت الذي تواصل فيه القطاعات الحكومية والأهلية المعنية بخدمة الحجاج وضيوف الرحمن جهودها وفق الخطط التشغيلية.
ولكن، كيف كان طريق الحج المصري قديما؟
كان الحجاج المصريين ومن رافقهم من حجاج المغرب والأندلس وأفريقيا يسلكون في طريقهم إلى مكة المكرمة متجهين إلى شبه جزيرة سيناء للوصول إلى أيلة “العقبة” وهي أول محطة في الطريق، وبعد أيلة تمر قوافل الحجاج على حقل، ثم الشرف فمدين “مغائر شعيب – البدع”.
وكان لحجاج مصر طريقان بعد رحلتهم من مدين أحدهما داخلي والآخر ساحلي، حيث يتجه الطريق الداخلي إلى الجنوب الشرقي مارا بشغب ثم بدا، ثم منطقة وادي القرى إذ يلتقي في السقيا “الخشيبة” بطريق الحج الشامي ليسير معه إلى المدينة المنورة.
أما الساحلي، فيمر على محطات عدة بعد مدين منها: عينونا، النبك المويلح، ضباء، العويند، الوجه، الحوراء، مغيرة – نبط ، ينبع، ثم الجار ومنها إلى مكة المكرمة مرورا بالجحفة، ثم خليص فعسفان، إلى المدينة المنورة مرورا ببدر.
وفق ما ذكرته شبكة “سكاي نيوز” في تقرير سابق لها، فيعتبر الطريق الداخلي هو الأكثر استخداما خلال القرون الثلاثة الهجرية الأولى، ثم زاد استخدام الطريق الساحلي بعد ذلك التاريخ.
* درب الحج المصري من سيناء
ووفق ما ذُكر بكتاب “تاريخ سينا القديم والحديث وجغرافيتها”، للمؤرخ اللبناني نعوم شقير، الصادر عام 1916، فقد سمي طريق حج المصريين إلى مكة بالدرب المصري، وهو طريق تجاري يربط بين مصر وسوريا “بلاد الشام”، عن طريق منطقة المقضبة، وقل استخدام هذا الطريق بعد شق قناة السويس.
وهو ينشأ من غزة أو خان يونس، ويذهب جنوبا بقرب مارة بنقع شبانة، ثم حجر السواركة، ثم الجورة وتحده من الغرب، والعجرة من الشرق، ثم وادي الأبيض فالمقضبة في وادي العريض، ومسافة هذا الطرق من خان يونس إلى السويس 6 أيام بسير القوافل، وكانت قبل قناة السويس تعج بالقوافل.
وكان تجار بلاد الشام يأتون بالصابون والزبيب والتين واللوز والبضائع الحريرية منها، وكانت الحكومة المصرية تخفر هذا الطريق بمشايخ البلاد.
* أول طريق اتخذه الحجاج المصريين إلى مكة
ويرتبط بهذا الطريق ما يعرف بدرب الحج المصري، وأول طريق اتخذه الحجاج المصريين إلى مكة المشرفة هو طريق “عيذاب”، وكان يركب الحجاج النيل من ساحل الفسطاط إلى قوص بمصر العليا” الصعيد”، ثم يركبون الإبل من قوص فيقطعون صحراء عيذاب إلى البحر الأحمر وينزلون إلى جدة، بحسب ما ذكر “شقير”.
وبقي طريق الحج عبر عيذاب حتى زار السلطان الملك الظاهر مكة، فذهب بطريق السويس وآيلة “إيلات”، فصارت آيلة طريق الحج من ذلك الحين عام 1267 ميلاديا.
* ملوك على درب الحج المصري
وأبرز من حج قديما من الملوك بهذا الدرب الملك الناصر بن قلاوون، حيث قال أبو الفداء في تاريخ الحوادث في 1319 ميلاديا: “وسار على درب الحج المصري على السويس وأيلة وسرت في صداقته حتى وصلنا رابغ”، ورابغ هي مدينة سعودية بالقرب من جدة.
ونشأ درب الحج المصري من القاهرة، ويخترق صحراء السويس إلى أن يقطع ترعة السويس، ويدخل بر سيناء شمالي مدينة السويس، ويسير الحجاج في سهل رملي مارا بالنواطير الثلاثة إلى وادي الحجاج، ثم مفرق وادي الحجاج.
ويلتقي درب الحج المصري بدروب بئر المرة/ مبعوق من ناحية شط السويس، وكان يعرف بوادي الحيطان، ويستمر الحجاج بالسير في هذا الوادي إلى رأسه المعروف بشرفة الحاج، ويقطعون هذا الجزء من الطريق في 6 أيام.