في الرابعة من عصر أمس السبت، دوت صافرات القطار المُميز معلنه مغادرة محطة المنصورة في اتجاهها إلى الإسماعيلية، كانت “فاطمة” تصطف مع المسافرين أمام شباك قطع التذاكر، وقبل أن يتحرك القطار من رصيف “المنصورة” لحقت “فاطمة” العربة الأخيرة، ورغم ازدحام القطار بالركاب إلا أنها وجدت مقعدا.
على كراسي القطار الممزوجة بالبلاستيك، اتكأت “فاطمة” رأسها على نافذة القطار حاولت تغط في نومها لكن أصوات ضجيج الباعة العالية “شاي.. وعيش اللي عاوز يأكل” وحكاوي الركاب التي لا تنقطع قطع سكونها، لتتابع الزوجة الثلاثينية هاتفيا تحركات صديقاتها للتل الكبير حيث لقاء الأحبة في فرح إحدى صديقات الجامعة.
الساعة تقترب من السادسة مساء، قطار الزقازيق الذي يكتظ عن أخرة بالمسافرين توقف على قضبان السكة، نحو ربع ساعة انتظرها الركاب كأنها على جمر من النار، وبعد دقائق سمعت “فاطمة” صافرات قطار تدوي بصوتها العالي من بعيد، لم تعلم أن الصوت العالي ينذر بكارثة، إذ اصطدم القطارين دون سابق إنذار وانقلبت أحوال الركاب على عقب ” الناس كلها كانت بتتقلب على الكراسي”.
بين ركام “قطاري الزقازيق”، نجت “فاطمة” من الموت بإعجوبة: لقيت القطر بيتهز ودخان رهيب طلع منه والناس بتجري وتصرخ” لم تجد الراكبه سبيلا للنجاة سوى القفز من النافذة “الناس كتير كانت بتخبط في بعض”.
لم تدري “فاطمة” بنفسها إلا داخل غرفة الطوارئ عقب نقلها بسيارة إسعاف للمستشفى، حيث أصيبت بخلع في الكوع: “وقتها اتصلت على زوجي وجالي”، رحلة “فاطمة” إلى القصاصين لم تتم كما خططت لها السيدة الأربعينية: “كنت رايحه فرح واحدة صاحبتي والقطر عمل حادثة بينا في الطريق”.
بين حكايات الناجون عربة الموت الأخيرة بقطار الزقازيق المميز، تقص “شيرين نصحي” رحلتها “للأسبوع”، تتذكر الناجية المشاهد الأولى للفاجعة التى حلت على السكة الحديدية، حيث أن القطار الذي استقلته من محطة الزقازيق توقف عن السير فجأة مدة لم تقل عن ربع ساعة، وحين سأل الركاب عن التأخر أجاب أحد المسؤولين في القطار “في تحويله قطر الإسماعيلية وهنتحرك بعدها”، لم يمض على الوقوف ثوان حتى علا الصراخ في القطار عقب تصادم قطاري الإسماعيلية والمنصورة أمام الكوبري الجديد: “نطيت من الباب عشان خوفنا القطر يولع”.