واصلت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، ومحافظ مصر لدى البنك الدولي، مشاركتها في الاجتماعات السنوية للبنك الدولي 2024 بواشنطن، حيث تحدثت في عدة جلسات نقاشية بمشاركة شركاء التنمية والمؤسسات الدولية، لمناقشة تمويل المناخ، ومستقبل التنمية العالمية، والتحديات التي تواجه العالم في الوقت الحالي.
– مستقبل النمو
شاركت المشاط في جلسة حوارية مع معهد بيترسون للاقتصاد الدولي حول “مستقبل النمو”، لمناقشة آفاق وأولويات الاقتصاد العالمي، وتسليط الضوء على أفضل الممارسات والسياسات على المستوى الوطني التي تعزز النمو المبتكر والشامل والمستدام والقادر على التكيف مع الظروف المتغيرة.
جاء ذلك بحضور ممثلي الحكومات والقطاع الخاص، من بينهم محمود محي الدين، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية، ومسعود أحمد، رئيس مركز التنمية العالمية.
وأكدت المشاط أن الدول النامية في حاجة شديدة لنموذج للنمو الاقتصادي وأساليب مبتكرة لتحقيق التنمية، استنادًا إلى الشراكة الوثيقة بين القطاعين الحكومي والخاص والمجتمع الدولي، فضلًا عن الأدوات التمويلية المبتكرة التي تعمل على سد فجوات التنمية.
وأوضحت أن الدراسات تشير إلى أن الانخفاض في التدفقات الرأسمالية نتيجة زيادة الديون والمخاطر العالية يعوق قدرة الاقتصادات الناشئة والنامية على تحقيق النمو الجيد، مما يحول دون تحسين ظروف معيشة المواطنين.
وأشارت إلى أنه في ظل هذه الأوضاع، ظهرت دعوات لإصلاح الهيكل المالي العالمي، من أجل تمكين الدول من تحقيق النمو الجيد.
وأكدت أن مبادرة بريدجتاون التي أُطلقت في عام 2022 تسعى إلى تغيير الخطاب العالمي بشأن إعادة تشكيل النظام المالي العالمي وزيادة تدفقات رأس المال لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأضافت المشاط أن صندوق النقد الدولي توصل هذا الشهر إلى توافق حول حزمة شاملة تقلل بشكل كبير من تكلفة الاقتراض، مع الحفاظ على قدرة الصندوق المالية لدعم الدول الأكثر احتياجًا، حيث ستقلل التدابير المعتمدة من تكلفة اقتراض صندوق النقد الدولي للأعضاء، مشيرة إلى أن هذه التطورات تعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح لتخفيف الأعباء المالية عن الدول ذات الدخل المتوسط والمنخفض نتيجة تكلفة الاقتراض، مما يقلل من إدراك المخاطر، وبالتالي يجذب الاستثمارات لتحقيق النمو.
– تمويل المناخ
كما شاركت المشاط في ندوة حول تعزيز تمويل المناخ استعدادًا لمؤتمر المناخ COP30، استضافتها أمينة محمد، نائب الأمين العام للأمم المتحدة، بمشاركة كبار القادة في مجال الاقتصاد الكلي والتكيف مع المناخ واقتصاد الطبيعة والتمويل الدولي.
وأشارت المشاط إلى أهمية قضية المناخ، مؤكدة أن الدول تختلف في إطار مواجهتها لمشاكل تغير المناخ، لذا لابد من التأكيد على إحداث التوازن بين مشروعات التكيف والأخرى الخاصة بالتخفيف.
وشددت على ضرورة مراعاة المؤسسات الدولية والمهتمين بقضايا المناخ لاختلاف اهتمامات الدول بالنسبة لتلك القضايا.
وتحدثت عن تجربة مصر الرائدة في مجال العمل المناخي، من خلال إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050، والاستراتيجيات القطاعية الأخرى، فضلًا عن تدشين برنامج «نُوَفِّي»، وإطلاق الهيئة العامة للرقابة المالية أول سوق منظم للكربون الطوعي في مصر، ما يعد خطوة مهمة لتحقيق طموحات الدولة لبناء اقتصاد أخضر.
كما شددت على ضرورة إيجاد آليات تمويل مبتكرة لحل قضايا ومشكلات المناخ خاصة بالنسبة للدول النامية، موضحة أن تمويل المناخ يعد ركيزة أساسية لتحقيق التقدم في جهود الدول نحو مواجهة التغيرات المناخية.
وذكرت أن استضافة مصر لمؤتمر المناخ COP27 في 2022 كانت بمثابة البداية ونقطة الانطلاق نحو الاهتمام بقضايا المناخ.
– التغطية الصحية الشاملة
وشاركت وزيرة التخطيط والتعاون في حدث بعنوان “بناء أنظمة صحية أقوى: الطريق لتحقيق التغطية الصحية الشاملة”، وأشارت إلى قوة العلاقات والشراكة طويلة الأمد بين الحكومة ومجموعة البنك الدولي، التي تتعاون بشكل وثيق مع الحكومة لتنفيذ المشروعات الاستراتيجية وتقديم عدة برامج للمساعدة الفنية في مجالات مختلفة.
وأوضحت أن الحكومة تقوم بصياغة رؤية جديدة تعطي الأولوية للتنمية البشرية، في إطار الترابط بين التنمية البشرية والتنمية الاقتصادية، مشيرة إلى المبادرة الرئاسية “بداية”، التي تمثل بداية جديدة في جهود الحكومة لزيادة الاستثمار في رأس المال البشري وتحقيق تنمية بشرية حقيقية.
كما استعرضت جهود الوزارة فيما يخص حشد التمويل، سواء محليًا أو من خلال التمويل الخارجي، لدعم قطاع التنمية البشرية، موضحة أنه تم تخصيص إجمالي 118 مليار جنيه ضمن خطة العام المالي 2024/2025 لقطاع التنمية البشرية.
وأكدت أن الوزارة تعطي الأولوية لقطاع التنمية البشرية في تعاونها مع الشركاء الدوليين خلال صياغة وإعداد استراتيجيات التعاون بين مصر وشركاء التنمية، متابعة أن مشروع التأمين الصحي الشامل يتم دعمه من خلال شركاء التنمية، مما يعزز قدرة الدولة على توفير التغطية الصحية الإلزامية للمواطنين وتوحيد الجهود مع القطاع الخاص، وتوفير خدمات رعاية متطورة وعالية الجودة للمواطنين، مما يجعله يحتل أولوية كبيرة في التعاون مع شركاء التنمية.
– مواجهة الصراعات والتغيرات المناخية
من جانب آخر، شاركت وزيرة التخطيط والتعاون في المائدة المستديرة رفيعة المستوى بعنوان “استكشاف دور الأطراف ذات الصلة في الحد من الصراعات وتغير المناخ والفقر”، وذلك بمشاركة آناليز دودز، وزيرة شؤون التنمية الدولية بالمملكة المتحدة، وآنا بيردي، المدير المنتدب لشؤون العمليات بالبنك الدولي، وأبيبي أيمرو سلاسي، مدير الإدارة الإفريقية في صندوق النقد الدولي.
وأكدت المشاط أن التغلب على الصراعات والتحديات الإقليمية والدولية خاصة الدول الأقل نموًا والأكثر عرضة للصدمات والصراعات، يتطلب تعاونًا وثيقًا بين الحكومات المحلية والدولية، والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني. ويمكن أن يتجلى ذلك من خلال تبادل المعرفة والخبرات، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
واستعرضت مجموعة من المقترحات لدعم الدول في تحقيق السلام والتنمية المستدامة، تتمثل في تعزيز التعاون الدولي من خلال إطار عمل قوي يشمل جميع الأطراف المعنية، من حكومات وشركاء تنمية ومنظمات غير حكومية، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
كما تم اقتراح إنشاء شراكات فعالة بين القطاعين العام والخاص لتوفير التمويل وتطوير المشاريع التنموية، مما يمكن أن يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين مستوى المعيشة. كما يتيح تبادل المعرفة والخبرات للدول الاستفادة من التجارب الناجحة للدول الأخرى، مما يعزز القدرة على مواجهة التحديات بشكل أكثر فعالية.
– القيادات النسائية
من جانب آخر، شاركت المشاط في حفل إفطار بعنوان “قيادة النساء”، وذلك ضمن فعاليات الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي، بمشاركة مُملي ورؤساء مؤسسات التمويل الدولية من السيدات.
وأشارت إلى جهود الحكومة في مجال تمكين المرأة وزيادة تمثيلها في المناصب القيادية، فضلًا عن البرامج والمشروعات المنفذة مع شركاء التنمية لتمكين المرأة والفتيات بما يُحقق التنمية الشاملة والمستدامة.