يدعم مهرجان القاهرة السينمائي التواجد الشبابي في الدورة 45 من خلال منح مساحة لـ التجارب الإخراجية الأولى، كما حدث مع الفيلم المصري “مين يصدق” للمخرجة الشابة زينة عبدالباقي، والذي ينافس في قسم مسابقة آفاق السينما العربية.
فيلم “مين يصدق” هو فيلم روائي طويل، وهو التجربة الإخراجية الأولى لـ زينة ابنة الفنان أشرف عبدالباقي، ووفقاً لتتر الفيلم فهي أيضاً صاحبة الفكرة وشاركت في كتابة السيناريو والحوار مع مصطفى خالد بهجت.
والفيلم بطولة شبابية، حيث يلعب الأدوار الرئيسية فيه الممثل الشاب يوسف عمر، والممثلة جيدا منصور في أول بطولة لها، وشارك في البطولة شريف منير، وأشرف عبدالباقي، وضيوف الشرف: أحمد رزق، سليمان عيد، محمد عبدالعظيم، عارفة عبدالرسول، إبرام سمير.
تدور الأحداث حول فتاة تعيش أزمة مع أهلها، حيث تشعر بالانعزال وعدم اكتراث والدها ووالدتها لأحوالها، واهتمامهم فقط بأعمالهم وصورتهم الاجتماعية في البيئة الثرية التي ينتمون لها، مما يدفعها لخوض تجارب مضرة جسدياً مثل الخمور وتناول المخدرات بأنواع مختلفة، ونفسياً بالاقتراب من شاب يتلاعب بها ثم يتركها ويختار فتاة أخرى، وذلك يدخلها في دوامة أخرى من محاولة نسيان العلاقة.
واتسمت بداية الفيلم بالقوة في شرح تفاصيل حالة الشخصية ودوافعها ومخاوفها من الوحدة والرفض، ومطاردة مشاعر الفشل والخسارة لها، بينما تخبط الفيلم على المستوى الدرامي فيما بعد، حيث أصبحت القصة أقل تماسكاً درامياً، من خلال فقدان الإجابة على كثير من المشاهد التي يترتب عليها نتائج غير مفهومة، مثل معرفتها عنوان الشاب الذي نصب عليها، ثم الدخول في عمليات نصب متنوعة بوجوههم دون الاستعانة بأي محاولات تنكر أو تغيير في ملامحهم متجاهلين وجود كاميرات في أغلب الأماكن التي خاضوا بها عمليات نصب، وتحديداً شركة والدها، ورغم وضوح وجوههم في كثير من عمليات النصب، تم الإعلان عنهم كأشخاص مجهولين من قبل الإعلام في بداية الأمر.
وعللت المخرجة لجوء الفتاة إلى نصاب لكي تخوض معه مغامرات النصب على الآخرين وتعيش في حارته الصغيرة، بسبب عائلتها التي لا تكترث لأمرها كثيراً، وأبرزت ذلك من خلال تجاهلهم لها حتى عندما تركت المنزل، فلم يحاول الأب “شريف منير” التواصل معها إلا مرة واحدة حتى منتصف الأحداث، أما الأم “نادين” لم تتواصل معها مطلقاً، ويمكن رؤية هذه التفصيلة الدرامية مبالغاً فيها بعض الشيء، ولكنها في صالح الدراما عامةً، حتى تجد المخرجة مبرر قوي للغاية لإنخراط الفتاة في مغامرة غير محسوبة من أجل شغل فراغ حياتها.
ولعل أهم ما تركز عليه المخرجة حالة التشتت التي تعيشها البطل حول سؤال “هل الطرف الآخر يحبها فعلا أم يحب المال الذي زاد بسببها؟”، وهذا السؤال يشغل الشخصية الرئيسية أغلب الوقت وهو سؤال منطقي في حالة الشخصية لأنها تعرضت للرفض والإهمال كثيراً، والشخص الذي يتعرض لمثل هذه المواقف على المستوى النفسي لا يتمتع بثقة كافية في ذاته أنه “شخص محبوب”.
ويمكن اعتبار اختيار الموسيقى والأغنية الرسمية للفيلم أفضل اختيارات العمل ككل، لأنها أغنية شبابية بامتياز، تنتمي إلى عالم الراب والأصوات underground ، وحملت عنوان “مين يصدق”، وجاء في مطلع كلماتها “كنت لوحدي من البداية.. تايهة وتوهتك في القصة ويايا…”، وهو وصف دقيق لحالة البطلة والنتيجة النهائية التي وصل لها حبيبها بسببها، وهي من غناء نور والضبع.
لكن على المستوى الإخراجي لم تترك زينة كمخرجة بصمة قوية على مستوى الكادرات واستخدام اللغة البصرية أو خلق مستويات مختلفة من التلقي، لدى المتفرج، القصة تحمل وجه واحد فقط عن فتاة خاضت مغامرة لملئ الفراغ في حياتها، نتج عن هذه المغامرة تورط شخص آخر وضياع حياته.