شهد نادي المحافظة بالفيوم، فعاليات مؤتمر اليوم الواحد لذوي الاحتياجات الخاصة، تحت عنوان “دور ذوي الاحتياجات الخاصة في التنمية والإبداع”، الذي نظمته الهيئة العامة لقصور الثقافة بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، ضمن برامج وزارة الثقافة في مبادرة “بداية جديدة”.
واستهلت الفعاليات بتفقد معرض فني للمشغولات اليدوية، نتاج الورش الخاصة بقسم التمكين الثقافي بالفرع، من أعمال الطلاب، تدريب وإشراف سناء قناوي مسئول التمكين بالفرع، حيث ضم المعرض عددًا من اللوحات الفنية من خشب الأركت، وحقائب من الخيوط، وميداليات، ومشغولات متنوعة من الخرز.
وبدأت الفعاليات بكلمة سماح دياب مدير عام فرع ثقافة الفيوم، رحبت خلالها بالحضور وقدمت الشكر للنقابة الفرعية لاتحاد الكتاب، على مشاركتها في المؤتمر، والجهود المقدمة بالتعاون مع ثقافة الفيوم.
وأعقب ذلك الجلسة الافتتاحية وأداراها القاص عويس معوض، الذي تحدث عن مفهوم الإعاقة، وأنها لا تقف حائلا أبدا بين الإبداع، والتقدم، والتميز: “لنا في الأديب الكبير د. طه حسين مثالا واضحا، وهو الذي كف بصره منذ كان طفلا صغيرا، ولكنه صار عميدا للأدب العربي، كذلك “بشار بن برد”، الرجل الذي ملأ الدنيا شعرا وإبداعا، وأيضا “لويس برايل” الطفل الذي فقد بصره وعمره ثلاث سنوات، ولكنه كان شغوفا بالقراءة، وطموحا، لذلك لم يكتفِ بالحروف البارزة، بل سعى من أجل تعليم المكفوفين القراءة والكتابة”.
من جهته تحدث الأديب أحمد قرني، رئيس اتحاد كتاب مصر بفرعي الفيوم وبني سويف، عن دور الدولة في دعم هذه الفئة، إذ تم تخصيص جائزة للموهوبين من ذوي الهمم، تشجيعا لهم للمشاركة في هذه المسابقات.
وأضاف “قرني”، أن التقدم التكنولوجي أتاح التعامل مع ذوي الهمم، ودمجهم مع الآخرين، مثل العديد من المنصات على صفحات التواصل الاجتماعي، والتي توفر الكتب مقروءة ومسموعة.
وأكد أحمد فؤاد، أهمية دعم ذوي الهمم، موضحًا أن الإعاقة إما أن تسبب الانطلاقة أو الإعاقة، وهذا يرجع لعدة عوامل منها: “شخصية الطفل، ومكنونه، وكذا المحيطين به، والتربية التي يتلقاها، تساعده على النجاح، وهناك العديد من الأعلام، لديهم إعاقة ولكنهم تفوقوا عليها وتمكنوا من تجاوزها، وكانوا من العلامات البارزة في تاريخ العالم”.
وبدأت الجلسة البحثية الأولى، التي أدارها الفنان محمود عبد المعطي، بالوقوف دقيقة حداد على روح بطل من أبطال ذوي القدرات الخاصة، ابن الفيوم، الفنان أحمد أشرف.
وتحدث الفنان علي زكي، أخصائي موسيقى علاجية: “لا يجدر بنا تسمية هذه الفئة، بذوي الإعاقة، بل ذوي قدرات خاصة، وذلك لتفوقهم بقدرات تفوق ذويهم من الأسوياء”.
كما تناول الحديث عن الموسيقى، إذ يرى الجميع إنها للترفيه فقط، ولكنها للعلاج أيضا، فالموسيقى العلاجية هي علاج مبني على التفاعل مع الموسيقى، من أجل تحقيق أهداف معينة في صحة الشخص، على حسب نوع الإعاقة، فهناك إعاقات جسدية وإعاقات ذهنية، وعن فوائد الموسيقى العلاجية.
وأشار “زكي” إلى عدة فوائد منها؛ التخفيف من القلق والاكتئاب، وتحسين الحالة المزاجية، والنفسية وتقليل الألم، وتخفيف التوتر، وعند استخدام الموسيقى وأنواعها، يفضل استخدام أداة واحدة مع الفرد الواحد حتى لا يحدث توتر وتشتت.
فيما تحدث الأديب منتصر ثابت، تحت عنوان “الفنون في مصر القديمة ودورها مع ذوي الهمم”، أنه لم يقتصر الأمر في مصر القديمة على الرسم والتعبير بالصورة، بل إن وصايا الحكماء المصريين القدماء اهتمت اهتماما فائقا بذوي الهمم، إذ أوصى الحكيم “أمنموبي” بعدم التهكم على ذوي الهمم، وكان منهم ملوك في مصر القديمة مثل؛ الملك “سيبتاح”، مشيرًا إلى أن من أجمل معبودات المصريين القدماء في خفة الدم كان هو المعبود بس، وهناك مسرحيات لذوي الهمم منها؛ مسرحية “أوديب ملكا” ومسرحية “العميان”.
وأوضح “ثابت” أن العلاج بالفن، هو شكل من أشكال العلاج النفسي الذي يتم فيه تشجيع ذوي الهمم على التعبير عن مشاعرهم وصراعاتهم الداخلية.
كما أعقب ذلك الجلسة البحثية الثانية، والتي أدارها الكاتب أحمد حلمي، وقدم فيها القاص أحمد طوسون، دراسة عن ذوي الاحتياجات الخاصة في إبداعات الأطفال، حيث قال إن أدب الأطفال لا يختلف عن أدب الكبار في كثير من الخصائص سواء الفنية أو الأسلوبية، وأن القصة تستهوي الصغار، كما تستهوي الكبار أيضا.
وأشار “طوسون”، إلى وليد طاهر في قصة “درس الأستاذ أنور” التي تدور حول الفروق بين إنسان وآخر فيما يتعلق بالحواس الخمس “السمع، الشم، اللمس، التذوق، البصر”، محاولة لتقريب وفهم الإعاقة لمتلقيه من الأطفال.
كما استعرض العديد من قصص الأطفال التي تطرح أنواعا من الإعاقات البصرية والسمعية والحركية، منها؛ “عيون بسمة” لفاطمة المعدول، “المشجع الرائع” لسناء حطاب.
فيما أوضح أن الحلول التي قدمتها القصص لمواجهة الصعوبات التي تواجه الشخص المعاق تتمثل في نوعين؛ أولهما يتعلق بالشخص ذو الاحتياجات الخاصة، والأخرى تتعلق بدور المجتمع تجاه الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وتحدث “قرني” عن صورة البطل من ذوي الهمم في أدب الأطفال، وأنه يجب التخلص من الصورة النمطية للبطل المعاق، فالإنسان ليس بمظهره فقط بل بفعله الإنساني والأثر الذي يبدعه مثل؛ الرسم والكتابة وغيرها.
كما قدمت فرقة مدرسة الأمل للصم والبكم بنات، أوبريت “عاش”، بمصاحبة مترجمة الإشارة منال أرنست، تلاها عروض متنوعة للأطفال من ذوي الهمم؛ حيث قدمت الطالبة ميار حمادة، من طلاب مدرسة النور للمكفوفين، قدمت قصيدة بعنوان “ماتستعمانيش”.
وقدم أيضا الطالب محمد عويس، أغنية وطنية، إلى جانب إنشاد ديني للطالب مؤمن عبد النبي، وأبيات شعرية في حب مصر للطالبة شهد عبد العليم.
وأعقب ذلك تكريم لبعض الشخصيات التي أسهمت في مجال التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، إلى جانب تكريم المبدعين والمشاركين وممثلي الجهات التي أسهمت مع ثقافة الفيوم في تنفيذ فعاليات المؤتمر.