قال الدكتور محمود الهواري، الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني لمجمع البحوث الإسلامية إن الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الأزهر الشريف اليوم من قبل العدو الصهيوني، والتي تركز على إسكات صوته ليجعلوه يتخلى عن دوره في الدفاع عن الحق والعدل، هي خير دليل على قوة الكلمة وأثرها على كل شيء.
وأضاف: “الكلمة التي أرهبت الكيان الصهيوني ويحاول أن يسكتها لكي يلتهم فرائسه في صمت، رسالة لنا جميعًا أن الكمة لها أثر كبير حتى على أشد عصابات الأرض شراسة وهمجية، لهذا يجب أن تكون كلماتنا بناءة وأن يكون لها أثر إيجابي في المجتمع”.
جاء ذلك خلال إلقائه خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر ودار موضوعها حول “وصايا النبي في التعامل مع قضايا العصر”، حيث أكد أنه منذ الأزل والسؤال عن طريق السعادة والنجاة يقلق الإنسان، وفي عالم اليوم ونحن نعيش عالما غارقا في الضوضاء، والمشتتات، والتغيير المستمر، والضغوط الحياتية المتزايدة، يبدو هذا السؤال أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، لأن الفطرة البشرية تتوق إلى السكينة والسلام.
وتابع: “قد رسم رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم خريطة شاملة للسلام النفسي والمجتمعي، لأن السلم النفسي هو حجر الزاوية في بناء مجتمع سوي، لهذا حرص رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أن يضع الضوابط التي تهذب النفس البشرية على أكمل وجه بما يضمن لها السلام الداخلي”.
وأكد الهواري أن الالتزام بتطبيق تعاليم النبي ﷺ هو السبيل لتحقيق السلام النفسي والأمن المجتمعي، من خلال البعد عن كل ما يفسد القلوب والتوبة من الذنوب والبعد عن تنازع الدنيا، وهو ما بينه في حديثه الشريف عندما سأله عقبة بن عامر ما النجاة؟ فقال ﷺ: «أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك»، فهذه الكلمات النبوية الشريفة هي مفتاح السعادة والنجاة التي نبحث عنهما جميعًا في كل شيء، ولو بحثنا في سنة النبي ﷺ عنهما لوجدناهما دون عناء ومشقة، ونحن اليوم في زماننا أكثر حاجة لأن نطبق هذه التعاليم لأن فيها نجاتنا ونجاة المجتمع، لأن هذه التعاليم هي الضمانة الوحيدة لتحقيق سعادتنا واستقرارنا، لأن الفوضى والتشتت هي مهلكة الأمم.
وبين أن تحقيق أسباب الأمن والاستقرار، هي ضرورة واجبة على عاتق كل فرد في أي زمان ومكان، فالبحث عن هذه القيم هو شرط لابد منه لإعمار الأرض، فالمجتمعات المضطربة لا تستطيع تحقيق أي تقدم، كما لا يستطيع أي فرد أن يزدهر في بيئة مليئة بالتوتر، وقد حثنا النبي ﷺ على تحقيق السالم النفسي كأول خطوة نحو السلام المجتمعي، لأن المشكلات الكبيرة في المجتمعات في الأصل هي نتاج سلوك غير منضبط للأفراد، فالسلوك المنضبط للأفراد هو الفيصل في رقي وتقدم المجتمعات ولا يكون هذا السلوك منضبطًا مالم يتحقق لصاحبه السلام النفسي الداخلي.
وحذر من الاستهانة بالأقوال مظنة أنها صغيرة، ورب كلمة صغيرة تكون سببًا في هلاك صاحبها أو في فساد مجتمع بأكمله، لهذا كان نهي النبي ﷺ أن يتحدث الإنسان بما لا يفيد، ففي الحديث الشريف عندما سأله معاذ بن جبل رضي الله عنه، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فيقول رسول الله ﷺ: “ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟” ففي هذا الحديث تأكيد على خطورة الكلمة سواء تكلم الإنسان بهذه الكلمة مباشرة أو مكتوبة أو عبر التكنلوجيا التي اتيحت إليه اليوم، فلنحرص أن تكون كلماتنا ذات معنى راق يتسق مع كوننا أتباع النبي ﷺ.
وأوصى الهواري بضرورة أن تنصرف غايتنا إلى بيوتنا ليبدأ الإنسان أمنه وأمانه من داخلها لأن الأسرة المستقرة تشكل مجتمعًا آمنًا، وما يحاول أن يبثه أعداء أمتنا من أفكار تتعلق بالأسرة إنما هي بذرة لفوضى المجتمعات لأن توتر الأسر يخرب أركان المجتمعات، بالإضافة إلى دوام الإنسان على محاسبة نفسه على كل شيء مهما صغر لأن الله سيحاسبه.