تنتظر أم أحمد العمصي ساعات طويلة أمام المخبز الوحيد في مخيم البريج وسط قطاع غزة للحصول على ربطة الخبز لأطفالها، دون جدوى.
تتحدث لـ”معا” عن معاناتها الشديدة ووقوفها لساعات تتعدى الـ8 ساعات للحصول على الخبز لعائلتها المكونة من 13 فردا في ظل انقطاع الطحين لديها منذ 3 أشهر.
وتتواصل في حديثها قائلة: “يا ابنتي كثير من المرات بضرب أولادي ليناموا من الجوع، شو اعمل فش حل وزوجي مريض ما بقدر يوقف بدالي وأولاد صغار”، مضيفة “يارب رحمتك علينا بس”.
وتصف طابور الانتظار بالمهين والقاسي والموجع للحصول على أرغفة خبز تتكون من 22 رغيفا لا تكفي لسد جوع الأطفال، مضيفة” أحيانا بنتظر يوم كامل وبرجع للبيت دون خبز ولا يوجد طعام أصلا ونعاني جوعا قاسيا”.
حال العمصي يشابه حال المسنة أم خليل حسين من سكان مخيم البريج والتي تبقى تنتظر الساعات الطويلة للحصول على الخبز لعائلتها وعائلة ابنها الشهيد.
وتخرج حسين من منزلها الساعة الخامسة فجرا والقصف المدفعي وإطلاق النار من الجيش الإسرائيلي متواصل في المخيم، لكنها تكابد على نفسها وتحاول تلاشي الخوف لعل وعسى تحصل على الخبز.
وبتنيهدة يملؤها الألم تقول:” أنا أم شهيد وابني مفقود ومريضة ومنذ أربعة أيام متواصلة لم اتمكن من الحصول على خبز ولم نتذوقه منذ أيام ونحن نتكون من 14 فردا.”
وتضيف “منذ شهر انتهت كميات الطحين الموجودة لدي وأعاني بالانتظار لساعات، حتى خارج المخبز ربطة الخبز تباع ب 20 أو30 شيكلا وهذا مبلغ مضاعف لم نستطع شراءها، بالكاد نتمكن من توفير الـ3 شواكل سعر ربطة الخبز بالمخبز”.
وتنوه بأن ربطة الخبز لا تكفِ نهائيا للعائلة، فتحاول إعطاء كل فرد من عائلتها رغيفا واحدا طوال اليوم فقط.
أما جارتها أم فارس التي كانت ملاصقة لها أثناء إجراء اللقاء بدموع لم تتوقف واستطعنا أن نجمع بعض الكلمات منها، فهي فاقدة لأبنائها ولم يتبق لها إلا ابن وحيد فقط.
وتحاول وصف المجاعة التي تعيشها مع ابنها وزوجها” منذ اكثر من شهرين والمعاناة متواصلة للحصول على ربطة خبز وأغلب الاوقات لم اتمكن من الحصول عليها ونبقى في جوع أياما متواصلة.”
وتشير إلى أن هذا المخبز الوحيد في البريج ولا يوجد نقاط بيع نتمكن من شراء الخبز بذات سعر المخبز، فالبسطات أسعارها خالية ، مضيفة”احنا مش قادرين نوفر الأكل بالبيت وعايشين على المعلبات”.
وتتعرض ام خالد الهليس للضرب والتكسير نتيجة الازدحام الشديد أمام المخبز، إضافة إلى الهلاك الشديد والشعور بالدوخة والغيثان نتيجة الوقوف لساعات طويلة.
وتعيل الهليس 12 فردا معظمهم من أحفادها النازحين لديها في البريج، وربطة الخبز لا تسد جوع عائلتها في ظل النقص الشديد بالمواد الغذائية الأخرى وعدم وجودها.
وتخرج الهليس منذ شهر الساعة الرابعة فجرا يوميا وتبقى تنتظر أحيانا الساعة الثالثة عصرا أو الرابعة لتحصل على الخبز وأحيان كثيرة لم تحصل عليها.
وأثناء تجوالنا بين النساء اللواتي خرجن منذ ساعات الصباح ولم يحصلن على الخبز بعد انتهاء الكميات الموجودة في المخبز، وجدنا فتاة لم تتجاوز الـ 16 عاما تدق على أبواب المخبز وتبكي بحرقة لعدم تمكنها الحصول على الخبز، اقتربنا منها قليلا لنجري لقاء معها فتتحدث” 14 احنا وابوي مريض وامي تعبانة جدا لو في طحين عنا ولا يمكن اتقدم خطوة للمخبز، كل يوم نفس السيناريو بوقف ساعات طويلة وبرجع على المدرسة النازحة فيها بعد فقدان البيت شرق المخيم بدون خبز”.
وتناشد ضرورة وجود حل للإهانة والذل التى تتعرض لها وتوفير على الأقل الطحين للعائلات وتخفيف المعاناة عنهم.