تحت هذا العنوان كتبت أولغا ساموفالوفا مقالا لموقع “نوفوستي” تناول العقوبات التي هدد بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وما يمكن أن تسفر عنه في الاقتصاد العالمي.
نوفوستي: الولايات المتحدة تهدد باستخدام سلاحها الرئيسي
وجاء في المقال المنشور على موقع “نوفوستي”:
يعد سلاح ترامب الرئيسي في المفاوضات مع البلدان الأخرى هو الرسوم الجمركية. وهو مستعد لاستخدامه ضد الأصدقاء والأعداء على حد سواء. في البداية، بدا الأمر وكأنه نوع من الترهيب، لكن تصريحاته بشأن التعريفات أصبحت مسموعة، وعندما قال ترامب إنه قد يفرض عقوبات ثانوية على الدول التي تشتري النفط الروسي إذا ثبت له أن روسيا هي المسؤولة عن انهيار اتفاقيات السلام مع أوكرانيا، فلم تعد تلك الشعارات بعيدة عن الواقع.
اليوم يوجه ترامب ضربة قاسية للولايات المتحدة والاقتصاد العالمي.. أم ربما لا؟
اليوم يوجه ترامب ضربة قاسية للولايات المتحدة والاقتصاد العالمي.. أم ربما لا؟
وكان ترامب قد هدد في وقت سابق بفرض رسوم جمركية على الذين يشترون النفط الفنزويلي، والآن يعد بفرض رسوم جمركية تتراوح بين 25-50% على البضائع التي تصل إلى الولايات المتحدة من الدول التي تشتري النفط الروسي. وبما أن 90% من هذا النفط تشتريه الهند والصين، فإن فرض مثل هذه العقوبات سيؤثر بشكل مباشر على هاتين الدولتين.
لكن تأثير هذه القيود سيكون مثل مئة قنبلة تنفجر في جميع أنحاء الكوكب. وسوف يشعر الجميع بالعواقب، بغض النظر عن الجانب الذي تقف عليه نيودلهي أو بكين: الولايات المتحدة أو روسيا. وفي كلتا الحالتين فإن العواقب الكارثية مضمونة.
فما هي هذه العواقب؟
فلنفترض أن الهند والصين خائفتان من الرسوم الجمركية الأمريكية، ولا تريدان خسارة السوق الأمريكية لصادراتهما، وبالتالي سترفضان، بقلب مهموم، شراء النفط الروسي.
سيؤدي ذلك إلى أزمة طاقة واسعة النطاق، ستضرب جميع اللاعبين على الإطلاق، سواء منتجي النفط أو مشتريه. لأن الحديث يدور عن حقيقة أن ما بين أربعة إلى خمسة ملايين برميل يوميا، أو نحو 5% من الاستهلاك العالمي ستزال من السوق العالمية. ويتعين على روسيا ببساطة أن تخفض الإنتاج والصادرات بهذه الكميات الضخمة. ستكون ضربة كبيرة للميزانية الروسية، حيث تمثل عائدات النفط والغاز ما يصل إلى ثلثي إجمالي الإيرادات، وتشكل صادرات النفط أساسها، وخفض الإنفاق في روسيا سيكون أمرا لا مفر منه، سيتطلب مساعدة من الصندوق الوطني للرعاية الاجتماعية.
إلا أن الجميع سيقع في الحفرة، بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها، لأنه لا يوجد من سيستطيع تعويض النفط الروسي الذي خرج من السوق بسرعة، وسترتفع الأسعار بشكل كبير.
وعندما اضطرت روسيا إلى خفض الإنتاج والصادرات مؤقتا بمقدار مليون برميل يوميا، ربيع عام 2022، ارتفعت الأسعار إلى 120 دولارا للبرميل. بعد ذلك بدأت عملية تحويل الإمدادات النفطية إلى أسواق جديدة، خاصة إلى الهند، ما أدى إلى انخفاض مؤقت في الصادرات. فلو تم سحب ما بين 4-5 ملايين برميل من الذهب الأسود من السوق الآن، فستقفز الأسعار بسهولة إلى 350 دولارا للبرميل.
سيعاني مستوردو النفط أولا. والأمر هنا لا يتعلق بالصين والهند والاتحاد الأوروبي وحدهم، بل سيطال الولايات المتحدة نفسها. ففي صيف 2022 أصيب الأمريكيون بالصدمة عندما رأوا أسعار محطات الوقود ترفع من سعره بما يتماشى مع الأسعار العالمية. وارتفعت أسعار الوقود بشكل كبير، وعلق حينها الأمريكيون ملصقات تحمل صورة بايدن بجوار الأسعار في محطات الوقود وقد كتب عليها: “أنا من فعلت ذلك”. أي أن الأمريكيين حساسون للغاية لأسعار البنزين والديزل، ومن غير المرجح أن يسامحوا ترامب على ارتفاعات أسعار الوقود التاريخية الجديدة. والبلدان الأخرى التي لا تستطيع العيش بدون الواردات تنتظرها قصص نفطية في نفس السياق.
الكرملين: لا نستبعد زيارة رئيس الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة إلى الولايات المتحدة
الكرملين: لا نستبعد زيارة رئيس الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة إلى الولايات المتحدة
كذلك تؤثر تكلفة الوقود على كل شيء: النقل بالسيارات وكل السلع والخدمات التي ستصبح أكثر تكلفة، ما سيؤدي إلى التضخم، وتباطؤ الاقتصاد، والحاجة إلى شديد السياسة النقدية، وغيرها.
ولكن، مع ارتفاع الأسعار إلى 350 دولار للبرميل، سيتوقف النشاط الاقتصادي تماما، لأن أحدا لا يرغب في دفع مثل هذا السعر. وسيصبح المنتج أو الخدمة في النهاية باهظة الثمن للدرجة التي سيتوقف فيها المشترون عن الشراء بعد رؤية الأسعار. بالتالي، ستؤدي هذه الأسعار إلى شيء واحد: انخفاض حاج في الطلب على النفط وانهيار تكلفته بسبب التصنيفات الائتمانية الجديدة المضادة. وقد كانت هناك بالفعل حالة في تاريخ النفط عندما كانت أسعار النفط سلبية في بداية الوباء.
على المدى الطويل ستكون العواقب مماثلة تقريبا. سيكون تعافي الصناعة بطيئا، كما سيكون تعافي الطلب على النفط واستهلاك البنزين والديزل هو الأخر بطيئا. وستشمل أزمة الطاقة العالم أجمع، وليس فقط روسيا والولايات المتحدة والهند والصين.
ولن يكون بمقدور المنتجين في الشرق الأوسط المساعدة في تجنب مثل هذه السيناريوهات الكارثية. أولا، سيستغرق الأمر بعض الوقت لاستئناف الأحجام. وبدون روسيا، فإن زيادة الإنتاج بما يتراوح بين 4-5 مليون برميل يوميا سيكون أمرا شديد الصعوبة، حتى لو كان هناك وقت لذلك. لكن أزمة الطاقة ستحدث بسرعة أكبر من قدرة أعضاء “أوبك” على علاج الموقف. ثانيا، قد لا يرغب أعضاء “أوبك” والمملكة العربية السعودية فعل أي شيء. على سبيل المثال، لم يعوض هؤلاء، في عام 2022، المليون برميل نفط روسي الذي خرج من السوق، وظلت روسيا على علاقة ودية مع “أوبك”. لأن إخراج أي دولة منتجة للنفط يعني إمكانية أن يحل محلها أي أحد غدا. وتكفي سابقة واحدة لقتل لاعب واحد.
بطبيعة الحال، هناك سيناريو آخر إذا لم تنصاع الصين والهند للعقوبات الأمريكية، ودافعتا عن استقلالهما، واستمرتا في شراء النفط الروسي. سيتعين على ترامب ردا على ذلك فرض الرسوم الجمركية التي وعد بفرضها بنسبة تتراوح ما بين 25-50% على السلع الصينية والهندية الموردة إلى الولايات المتحدة.
في هذه الحالة، ستصبح السلع الصينية والهندية أكثر تكلفة بكثير بالنسبة للأمريكيين، وستنخفض الصادرات بشكل حاد. وبعد كل شيء، يتم إنتاج عدد كبير من السلع في الصين، بما في ذلك فخر الولايات المتحدة: منتجات شركة “آبل”. ولن يواجه الأمريكيون ارتفاع الأسعار فحسب، بل سيواجهون أيضا نقصا في السلع اليومية، وهو ما سيكون بمثابة صدمة للمواطن الأمريكي العادي.
بيسكوف: خطط ترامب لزيارة السعودية في مايو لا علاقة لها ببوتين
بيسكوف: خطط ترامب لزيارة السعودية في مايو لا علاقة لها ببوتين
وقد بدأ خبراء الاقتصاد بالفعل في دق ناقوس الخطر بعد أن فرض ترامب رسوما جمركية على فئات معينة من السلع من بلدان أخرى. وذلك لأنه يعيد تشكيل التدفقات العالمية، والخدمات اللوجستية، والتجارة. ومن المتوقع أن يرتفع التضخم، وأن يتباطأ نمو التجارة والاقتصاد العالمي. يحقق الذهب أرقاما قياسية تاريخية جديدة مرارا وتكرارا. وهذا أصل دفاعي يلجأ إليه المستثمرون للانتظار حتى تنتهي الأزمة.
فماذا سيحدث إذا أصبحت جميع البضائع القادمة من الصين والهند خاضعة للعقوبات؟
ستنهار التجارة والاقتصاد في جميع أنحاء العالم، وسينعكس ذلك حتما على سوق النفط، التي سينخفض فيها الطلب وبالتالي الأسعار، برغم أن أزمة الطاقة في هذه الحالة ستكون أكثر هدوء وسلاسة مقارنة بالسيناريو الأول.
يعني ذلك أن رفاهية الأمريكيين أنفسهم تعتمد على استمرار روسيا في بيع نفطها إلى الهند والصين. ومن غير المناسب للمواطنين الأمريكيين أن يتخذ رئيسهم مثل هذه الخطوة الخطيرة ويزيل النفط الروسي فعليا من السوق. علاوة على ذلك، يتملك ترامب مجموعة من العقوبات الأخرى التي تم اختبارها بالفعل في ترسانته، والتي قد تجعل الحياة صعبة على مصدري النفط من روسيا، على الأقل مؤقتا، مثل الضربات العقابية ضد ناقلات النفط التابعة لـ “أسطول الظل” والبنوك الروسية التي تتم من خلالها مدفوعات تسليم الصادرات، وما إلى ذلك. وهي عقوبات تعلمت روسيا بالفعل كيفية تجاوزها بشكل جيد وفعال للغاية، إلا أن هذا أيضا لا يحدث على الفور، بالتالي سيكون هناك تأثير سلبي مؤقت.
دعوات أوروبية لتجميد الحوار مع أردوغان حتى إطلاق سراح عمدة إسطنبول
دعا نائب ألماني في البرلمان الأوروبي إلى تعليق الحوار السياسي بين الاتحاد الأوروبي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حتى يتم...
قراءة التفاصيل