إن القراءة هي الطريق المنشود للمعرفة، والاكتشاف، وتنمية المهارات أيضًا؛ فكل كتاب نقرأه أيًا كان نوعه نبراس لعقولنا، وإنارة لأفكارنا، وتوسع في مفاهيمنا.
فكيف إذا كانت القراءة متعلقة باختيار التخصص المناسب للدخول إلى العالم الجامعي؟ نعم، إن القراءة تُعد أول وأهم شئ يجب فعله عند اتخاذ القرار باختيار التخصص الجامعي، الذي يسبب في بعض الأحيان الرهبة والتوتر لدىٰ البعض، حيث أنهم يعتقدون بأن ذلك الأمر هو الذي سيحدد مصيرهم وحياتهم إلى الأبد، بالرغم من أن هناك العديد ممن توظفوا أو عملوا بما لا يتناسب مع تخصصهم الدراسي. ولكن رغم ذلك فنحن نمضي فترة ليست بالقليلة من أعمارنا في الدراسة، لذا؛ يجب علينا أن نختار ما يناسبنا من التخصصات الجامعية، ويتماشىٰ مع المستوىٰ العقلي والفكري والبدني لدينا. وكذلك ما يحقق إشباع هواياتنا وميولنا الشخصي لما نريده ونبغاه؛ فمن الشروط الأساسية التي يجب اتخاذها حين اختيار نوعية القراءة التي سوف يهتم بها المرء أن؛ تكون نابعة من إرادة كان يحلم بها من الصغر، أو هواية اقترنت بنشأته سواء كانت وراثية أو مستحدثه من رؤيه أو مشاهده اقتنع بها الإنسان منذ طفولته؛ فنمت معه وكبرت كلما كبر ومرت أعوامًا من عمره خاصة في بداية نشأته.
والقراءة عن كل تخصص جامعي بما يشمله من مواد دراسية ومشقة وعناء؛ هي مَن تكشف للشخص إن كانت الدراسة في ذلك التخصص مناسبة لمستواه العقلي والفكري أم لا، وعناء ومشقة التخصص ستتماشىٰ مع مجهوده البدني أم لا، وأيضًا القراءة عن التخصص تتيح فرصة التعرف علىٰ فرص العمل المتاحة بعد التخرج، أو عنّ مدىٰ احتياج سوق العمل إلىٰ ذلك التخصص، وهذا ما يريده الغالبية الآن؛ وهو ضمان الوظيفة بعد التخرج.
إن القراءة تعتبر من أهم الأمور التي لا يجب أن نتغافل عنها؛ فالمعروف منذ القِدم أن القراءة هي أول وسيلة للتعلم، حيث أنّ الفرد يكتسب من خلالها المعارِف والعلوم والأفكار والمبادئ، التي تساعد الشخص على تحديد وجهته المناسبة؛ أي أن القراءة هي من تحدد الطريق الذي سيسلكه الفرد ويسير مكملًا فيه.
فمثلًا نجد من يهوىٰ قراءة القصص أو الروايات البوليسية؛ يميل إلى التخصص العسكري، والبعض يهوىٰ القراءة في المجالات الأدبية، ويسلك مجال الكتابة الإبداعية، وهذا ستجده يميل إلى التخصصات الأدبية أو الثقافية، إذًا؛ فهنا القراءة هي المتحكم الأول والأهم في تحديد التخصص المناسب للدخول إلى العالم الجامعي.
ولعل من الوعي الثقافي والفكري أن يسلك الإنسان طريق القراءة من الواقع المحيط به؛ فلا يُفكر في خدمة ذاته أو مصالحه الشخصية فقط؛ بل عليه أن يُفكر بما يخدم مصالح الأسرة، والمجتمع، والبلدة التي يعيش بها، بل والوطن ككل، وعلى سبيل المثال فلا يصح أن يترك الإنسان البيئة والواقع على جنب الطريق؛ بل يكون هو أساسًا لما سوف تقوم عليه صناعة أو مستقبل تلك المنطقة. فأبناء الريف يهتمون كثيرًا بالمشاريع الزراعية؛ فعليهم القراءة في نوعية التربة، وكيفية استحداث تربة مُثلىٰ تتيح إنتاج المزيد من المحصولات الزراعية، وكذلك انتقاء واستنباط البزور التي سوف تقوم عليها نوعية الزراعة، وكذلك كيفية الحفاظ على الرقعة الزراعية، وكذا محاربة الأمراض والأوبئة التي تصيب الأرض والمحاصيل.
ولا أقصد أن يقف أبناء الريف على الزراعة فقط، فإن من أروع وأفضل الكُتاب والمؤلفين والأدباء هم؛ من نشأوا في الجو الريفي، الذي يتميز بالهدوء والسكينة، ونقاء الجو، وصفاء النفس، وبساطة المعيشة؛ فَوَفَرَةْ لهم المناخ المناسب؛ كي يكونوا من العلماء والنوابغ.
ولم يقف حد القراءة عند سوق العمل فقط أو المناخ المحيط فحسب؛ بل تكوين الإنسان لشخصه وعقله وجسده، وكما تقول الأمثلة: “العقل السليم في الجسم السليم” فعلينا المزيد من البحث والقراءة في كل ما يفيد صحة الإنسان وبناء قواه العضلية، التي تساعده على الحركة والنشاط؛ كاتباع التغذية السليمة، وانتقاء نوعية الأطعمة المفيدة التي تسهم في مجال الرياضة المحلية والعالمية؛ كصنع أبطال كمال الأجسام، ورفع الأثقال وأبطال الأولمبياد كالسباحة، والمصارعة، والجري، والدراجات، والكرة بأنواعها سواء كانت كرة قدم أم يد أم سلة، أو تنس أرض أو تنس طاولة، خاصة وأن الرياضة أصبحت صناعة متقدمة ومتطورة؛ فالإنسان يختار دائمًا نوعية القراءة التي تميل إليه هوايته وتتفق مع بناء قواه العضلية هذا من ناحية ومن ناحية أخرىٰ؛ فإن اختيار القراءة يحدد ملامح الشخص في بناء أخلاقياته، ومستوى ذكائه، فكما يختار الإنسان القراءة والتي تفيده من الناحية التخصصية، عليه باختيار نوعية القراءة التي تفيده من الناحية الأخلاقية والدينية التي تساهم بشكل كبير في مدىٰ علاقاته بأسرته ومجتمعه والآخرين.
ومن هذا المنطلق كانت القراءة هي؛ الداعم الأساسي في وضع أُسس فكرية، وعقلية، وتنموية؛ لاستيعاب أنواع التخصصات الجامعية التي سوف يبني الإنسان مستقبله نحو هدف يصبوا إليه أو حلم مستقبلي يتمناه. فعندما ينطلق الخيال إلى الآفاق البعيدة المدى؛ فإنه حتمًا يحتاج إلى ما يثقل أفكاره وخواطره، لذا؛ كانت القراءة هي المسلك والطريق الذي يُسهل أمامه نوعية التخصصات الجامعية، التي يستطيع أن يلجأ لها أو يستطيع أن يحتوي بأفكاره نوعًا معينًا قد يتخصص فيه؛ كي يكون في نهايته ماهرًا في عمله، فكل عملٍ يحتاج إلى مفاهيم يستطيع من خلالها أن يكون في عمله واقفًا على أرضٍ صلبة؛ فيكون ذلك الشخص في عمله ليس ماهرًا فحسب؛ وإنما موسوعة شاملة في كل ما يتعلق بهذا العمل سواء من الناحية الاستراتيجية أو التقدم العلمي الملحوظ في كل المجالات المختلفة سواء؛ الأدبية، الفكرية، السياسية، أو العلمية، حتى التكنولوجية، وهو الهدف الذي تخطط له الدولة في وقتنا الحالي من خلال القيادة السياسية الرشيدة، والتي يتبناها سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي والسادة أعضاء مجلس الوزراء، خاصة والعالم بأجمعه يلمس ويشيد بازدهار التعليم والنهضة الاقتصادية في مصر خلال هذه الآونة، والتي كانت انعكاسًا طبيعيًا لبرنامج القراءة للجميع الذي وضعته السيدة سوزان مبارك؛ قرينة الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، والذي لا يستطيع أن ينكره إلا جاحدًا أو أعمىٰ البصيرة؛ فلقد كان برنامج القراءة للجميع يُعد اللبنة التي بُنيت عليها شتى أنواع القراءات التخصصية في المجال الجامعي بمختلف أنواعه.