قال مسئول الوحدة القانونية في المنظمة العربية لحقوق الإنسان أحمد رضا، إن الحق في الحياة من أسمى الحقوق وأقدسها، فهو مرتبط بالإنسان منذ ميلاده، وهو أغلى ما يملكه الإنسان، مشيراً إلى أن الموقف الدولي يعترف بأن الحق في الحياة هو أحد حقوق الإنسان الأساسية التي ينبع منه العديد من الحقوق الأخرى، وهو حق لا يجوز إهداره أو الانتقاص منه أو الخروج عليه حتى في أوقات الطوارئ العامة، ولا يجوز لأحد مهما بلغ شانه أن ينتزع هذا الحق.
وأضاف رضا خلال مشاركته بورشة عمل تحت عنوان استعراض المعايير الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها مصر وأولويات الموائمة التشريعية، التي تنظمها المنظمة العربية لحقوق الإنسان حول الحد من عقوبة الإعدام في مصر، مؤكدا أن الحق في الحياة مكفول في العديد من الصكوك الدولية، وقد أولى هذا الحق أهمية خاصة في العديد من المواثيق الدولية وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان باعتباره الوثيقة الأدبية والأخلاقية الأبرز، والذي وشملته معظم دساتير العالم ضمن طياتها.
وأوضح أنه نص في مادته الثالثة على أنه “لكل فرد حق في الحياة والحرية والأمان على شخصه”، وأعاد التأكيد عليه في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في مادته السادسة على أن “الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان، وعلى القانون أن يحمي هذا الحق ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفًا”.
وأشار إلى أن عقوبة الإعدام تثير العديد من المخاوف الخطيرة بتهديد الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في الحياة وحظر التعذيب وغير ذلك من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وأكدت على ذلك مختلف الهيئات الدولية، حيث خلصت إلى أن عدة أساليب للإعدام يحتمل أن تنتهك حظر التعذيب بسبب الألم والمعاناة اللذين كثيرا ما تلاحقهما بالشخص المدان.
وتابع، “من الصعب بشكل متزايد على الدولة أن تفرض عقوبة الإعدام دون أن تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان، وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أنه لا يُعقل التوفيق بين عقوبة الإعدام واحترام الحق في الحياة احترامًا تامًا، وأن إلغاء عقوبة الإعدام أمر مرغوب وضروري على حد سواء لتعزيز الكرامة الإنسانية والتطوير التدريجي لحقون الإنسان”.
ولفت إلى أن منظومة حقوق الإنسان تطورت نحو السعي إلى إلغاء عقوبة الإعدام كقضية أساسية للأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان، بداية من التشجيع لأي خطوات في اتجاه تقليص العمل بعقوبة الإعدام في التطبيق، وتقليص الجرائم المعاقب عليها بالإعدام في تشريعات الدول وحصرها في الجرائم الأشد خطورة، وتوفير ضمانات للأشخاص الذين يواجهون عقوبة الإعدام وتشمل الضمانات الأساسية التي يجب احترامها في جميع إجراءات التقاضي الجنائية.
وتابع، “تُعد عقوبة الإعدام موضوعًا مثيرًا للجدل في القانون الدولي لحقوق الإنسان، فيما يسير الاتجاه العالمي نحو إلغاء العقوبة، فهناك إجماع متزايد على أن عقوبة الإعدام تتعارض مع الحق في الحياة ولا تساهم في تحقيق العدالة، فنحو 160 دولة من أصل 193 دولة الأعضاء في الأمم المتحدة ألغت العقوبة فعليا أو أوقفت العمل بها، وبشكل تدريجي بالنسبة للدول التي لا تزال تستخدم تلك العقوبة من خلال تقليل التشريعات التي تفضي إلى العقوبة، وتوفير ضمانات قانونية صارمة في حالة تطبيق تلك العقوبة وفي مقدمتها ضمان امتثال أي محاكمة تفضي إلى فرض عقوبة الإعدام لضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة المعترف بها لمن يواجهون تلك العقوبة من بينها إجراء محاكمات عادلة وعلنية والحق في المساعدة القانونية”.
وقال إن عقوبة الإعدام تُعتبر مسألة معقدة تتجاوز الجانب القانوني لتشمل جوانب أخلاقية وإنسانية واجتماعية متعددة، وفي ظل التطور المتسارع في نظم العدالة الجنائية وطرح بدائل أكثر إنسانية لعقوبة الإعدام، مثل السجن المؤبد، والذي يُمكن أن يحقق أهداف العدالة بشكل أفضل خاصة مع الاتجاه العالمي نحو إلغاء عقوبة الإعدام، حيث تعتبر العديد من الدول أنها عقوبة لا تتناسب مع الحضارة الحديثة.