قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، إن تنظيم النسل أصبح ضرورة ملحّة في ظل قلة الموارد المتاحة، مشيرًا إلى أن مصر تشهد ولادة أعداد هائلة من الأطفال سنويًا تعادل دولة جديدة، مؤكدا أنه لا حرج شرعي في اتخاذ أي وسائل لتنظيم النسل، موضحًا أن هذا الأمر ثابت في جميع الفتاوى الشرعية.
وأوضح مفتي الجمهورية السابق خلال لقائه مع الإعلامي أحمد العصار عبر برنامج «حوار عن قرب» المذاع على قناة «TEN»، أن الشريعة الإسلامية أباحت تنظيم النسل، مستشهدًا بأن الصحابة لجأوا إلى العزل كوسيلة متاحة لتنظيم النسل في زمنهم. وانتقد الخطاب الديني الذي يُضلل البسطاء بالقول إن تنظيم النسل مخالف للشرع، مؤكدًا أن التنظيم يعود بالنفع، وأبرز فوائده الحفاظ على صحة المرأة.
وأشار المفتي السابق إلى تفسير الإمام الشافعي لقوله تعالى: «ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا» (النساء/3) بمعنى أن هذا أقرب لتجنب الفقر الناتج عن كثرة الأولاد. وأوضح أن الخطاب الذي يربط بين تنظيم النسل وقتل الأبناء خشية الفقر خاطئ ومضلل.
الفرق بين الإجهاض والعزل:
بيّن لدكتور علام أن العزل، أو استخدام أي وسيلة لتنظيم النسل قبل نفخ الروح، جائز شرعًا. أما الإجهاض بعد نفخ الروح فهو محرم إلا في حالتين: إذا كان استمرار الحمل يمثل خطرًا مؤكدًا على صحة الأم وفق استشارة طبية موثوقة، أو إذا ثبت بشكل قاطع أن الجنين يعاني من تشوهات خطيرة بعد استنفاد كافة الوسائل الطبية.
ارتفاع معدلات الطلاق:
وفيما يتعلق بارتفاع معدلات الطلاق التي وصلت إلى 30 حالة طلاق كل ساعة في عام 2023، قدم د. علام روشتة تهدف للحد منها وتعزيز استقرار الأسرة المصرية.
شملت الروشتة:
التحلي بالصبر من كلا الزوجين.
تجنب تضخيم المشكلات البسيطة.
تفهم طبيعة الاختلاف في الطباع والثقافات بين الزوجين.
احتواء الزوج لزوجته والعكس، مع أهمية الامتناع عن استخدام لفظ الطلاق إلا بعد استنفاد كافة محاولات الإصلاح.
وشدد د. علام على أهمية معالجة المشكلات الزوجية دون تدخل الأهل، مؤكدًا أن ذلك يساهم في إنهاء الخلافات قبل تفاقمها.
أسباب الطلاق:
أكد بناءً على دراسات حديثة، أن مواقع التواصل الاجتماعي تعد من أبرز أسباب الطلاق في السنوات الأخيرة. وأشار إلى أن الجهل بالحقوق والواجبات الزوجية يسهم أيضًا في تزايد الانفصال، موضحًا أن دورات التوعية للمقبلين على الزواج تهدف لمعالجة هذه المشكلات. وكشف أن دار الإفتاء تستقبل نحو 5000 فتوى طلاق سنويًا، لكن الحالات التي يتم فيها توثيق الطلاق فعليًا لدى المأذون لا تتجاوز حالتين أو ثلاث.
ظاهرة زواج القاصرات:
وحول زواج القاصرات، أكد علام أن الظروف المادية غالبًا ما تكون الدافع وراء انتشار هذه الظاهرة، رغم أن القانون المصري يمنع الزواج قبل سن 18 عامًا. وذكر أن بعض الفقهاء، مثل الأحناف، أفتوا بأن عقد الزواج قبل هذا السن باطل.
وشدد المفتي السابق على أن زواج القاصرات بالتحايل ودون توثيق يؤدي إلى ضياع حقوقهن، لا سيما بعد الإنجاب، مؤكدًا أن الالتزام بقرارات المشرّع المصري في هذا الشأن يحمي الأسرة.
حرمان الفتيات من الميراث:
انتقد شوقي علام حرمان بعض العائلات بناتهم من الميراث، وإعطاءهن مبالغ زهيدة كترضية لا تعادل نصيبهن الشرعي. وأكد أن هذا الفعل محرم، داعيًا إلى إعادة الحقوق لأصحابها، وعدم إجبار الفتاة على بيع نصيبها أو التصرف فيه بضغط اجتماعي.
الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية:
وحذر علام من تأثير الثقافة الغربية والأفكار الدخيلة التي تهدد الهوية العربية والإسلامية، مشددًا على ضرورة مواجهة هذه الأفكار بفكر مستنير يوضح زيفها.
وأشار إلى أن قضايا مثل المثلية والإلحاد والتحول الجنسي والتطرف تحتاج إلى توعية شاملة، مع أهمية مراقبة الأسرة لأبنائها.
وأكد المفتي السابق أهمية إنشاء منصات إلكترونية موازية لمواجهة الشائعات والأفكار الهدامة، بالتوازي مع جهود الأسرة في حماية الشباب من تأثير هذه الأفكار.
رعاية الفقراء في الإسلام:
أكد أن الشريعة الإسلامية وضعت نظامًا متكاملًا لرعاية الفقراء، من خلال الزكاة والكفارات، إضافة إلى الوسائل التطوعية مثل الوقف والهبات. وأوضح أن الزكاة، إذا أُديت بالشكل الصحيح، تحقق التكافل الاجتماعي المطلوب، خاصة في مجتمع مثل المجتمع المصري الذي يتميز بالتعاون والتكافل.
وأشار إلى أن التحدي يكمن في تحديد المحتاجين الحقيقيين، لا سيما في المدن، بخلاف القرى التي يكون فيها الناس على دراية بمن هم في حاجة فعلية. ودعا إلى مزيد من التعاون بين الجمعيات الخيرية والجهات ذات الصلة لتحقيق التكافل الاجتماعي بصورة أكثر كفاءة.