قال الصحفي والباحث المتخصص في الشؤون الدولية مصطفى السعيد إن ميزان القوة ليس في صالح الولايات المتحدة، إن حدثت مواجهة مع الصين، وذلك تعليقا على توتر علاقاتهما، وخاصة حول تايوان.
وحول مصير تايوان والموقف الأمريكي بعد الأزمة التي فجرتها زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، وإمكانية أن تنفذ الولايات المتحدة تعهداتها بحماية تايوان فعلا، قال السعيد في تصريح لـ RT: حول هذه النقطة يجيب النائب السابق لمساعد وزير الدفاع الأمريكي أندرو كربيفيتش بقوله “لا اليوم ولا بعد 5 سنوات ستكون القوة العسكرية الأمريكية قادرة على مواجهة دولة بحجم وقدرات الصين”.
ولا تختلف تقديرات الخبراء العسكريين على عدم امتلاك الولايات المتحدة لمثل هذه القدرة، وإشارتهم إلى تنامي القوة الصينية نوعا وكما، بل الإشارة إلى تفوق الصين التكنولوجي على الأسلحة الأمريكية في أكثر من مجال.
يحدث هذا بينما تشكو القوات الأمريكية من نقص في بعض أنواع الذخيرة، وأنها تحتاج تمويلا إضافيا كبيرا حتى تتمكن من تجهيز قواتها في مواجهة الصين، كما أن قوتها مشتتة في أنحاء واسعة من العالم، خاصة مع تعزيز وجودها في شرق أوروبا بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية.
بكين: صراع الولايات المتحدة ضد الصين لن ينتهي على خير
ويضيف السعيد أن الصين حددت رؤيتها لحل الأزمة التايوانية في إعلان حددت فيه استراتيجية توحيد الأرض الصينية وضم تايوان بأحد خيارين: إما الوحدة الطوعية على أساس دولة واحدة ونظامين، تتمتع فيه تايوان بحكم ذاتي موسع، وتحتفظ بنظامها الاقتصادي والسياسي، أو الضم بالقوة.
وأشار الباحث إلى أن تايوان رفضت الإعلان الصيني وأكدت عزمها على الاستقلال، وحقها في تقرير مصيرها، وترافق ذلك مع مناورات عسكرية بالذخيرة الحية لتايوان، بينما واصلت البحرية الصينية تسيير دوريات حول الجزيرة، وتحليق الطيران مكثف، في إشارة إلى أن الوجود العسكري الصيني حول الجزيرة لن ينتهي بنهاية مناوراتها العسكرية.
وتساءل السعيد: إذا كانت الولايات المتحدة غير مؤهلة عمليا للدفاع عن تايوان، فلماذا رفعت حرارة الأزمة؟ وأشار إلى أنها اتخذت عدة إجراءات في هذا الصدد، أولها أنها وضعت الصين على رأس التهديدات التي تواجه الولايات المتحدة، ثانيا أنها أنشأت تحالفا عسكريا في مواجهة الصين يضم بريطانيا وأستراليا بالإضافة إلى الولايات المتحدة، وثالثا ضخ كميات كبيرة من الأسلحة إلى تايوان، ورابعا إطلاق تصريحات متتالية تتعهد فيها بحماية تايوان، ما شجع القوى الانفصالية التي تنادي بالاستقلال، خامسا: زيارة بيلوسي الأخيرة التي أشعلت الأزمة.
وبسبب الك الخطوات ترى الصين أن الولايات المتحدة دبرت الأزمة في تايوان، وتريد أن تصبح أوكرانيا جديدة، لكن الوضع الجغرافي والقانوني لتايوان يختلف عن أوكرانيا، حسب السعدي، فجزيرة تايوان معزولة جغرافيا، وقريبة جدا من اليابسة الصينية التي لا يفصل بينهما سوى مضيق، كما أن الأمم المتحدة لا تعترف بتايوان، وإنما بصين واحدة، وهذا سيشكل مأزقا أمام الولايات المتحدة وحلفائها.
ويضيف السعيد أن الصعوبات لا تتوقف عند هذا الحد، فحلفاء الولايات المتحدة في آسيا ليسوا متحمسين للحرب أو مواجهة مماثلة لما بين أوروبا وروسيا، كما اعتبروا أن أوروبا دفعت الثمن الأكبر في فاتورة الأزمة الأوكرانية، فماذا سيكون الحال مع الصين الأقوى اقتصاديا وسياسيا؟
أما كبرى المشكلات، حسب السعيد، فهي التشابك الكبير بين اقتصاد الصين وكل من الولايات المتحدة وأوروبا، فالصين الشريك الاقتصادي الأول لكليهما، وكان هذا التشابك يعد ضمانة لعدم تدهور العلاقات إلى حد الصدام، لكن إذا حدث الصدام فإن التكلفة ستكون أضخم بكثير من الحرب في أوكرانيا، وستحدث هزات مروعة للاقتصاد العالمي، في الوقت الذي تعاني فيه أوروبا من تداعيات الأزمة الأوكرانية، ولا يمكنها تحمل المزيد. كما أن الولايات المتحدة تعاني أيضا من أزمة اقتصادية عميقة وشديدة التعقيد، ولا مؤشرات على قدرتها على تجاوز تلك الأزمة، في الوقت الذي يزداد فيه التناحر الداخلي.
ويتساءل السعيد: إذا كان الوضع بمثل ذلك التردي في أوروبا والولايات المتحدة، فلماذا فتح جبهة تايوان في هذا التوقيت غير الملائم؟
ويجيب: من الصعب أن تجد من يجيبك على هذا التساؤل البديهي، فمن الانسحاب من أفغانستان بتلك الصورة المهينة، إلى الدور في إشعال الحرب في أوكرانيا، ثم إشعال الأزمة مع الصين في تايوان، وكأن قوة خفية تدفع الولايات المتحدة إلى صدامات لا تتوقف، أو أنها اختارت ذلك الطريق الشائك والمليء بالمخاطر، لشعورها بأنها لو لم تفعل ذلك فستفقد كل شيء، وكأنها تصارع الزمن.