بعد أن ترك ألكسندر دوجين الحزب البلشفي الوطني، الذي ساعد في تأسيسه، أسس حزب أوراسيا في عام 2002.
الأوراسية، التي يستند إليها الحزب، هي حركة اجتماعية وسياسية ظهرت في أوائل القرن العشرين في ظل الإمبراطورية الروسية، والتي تنص على أن روسيا لا تنتمي إلى الفئات “الأوروبية” أو “الآسيوية” بل تنتمي بدلاً من ذلك إلى المفهوم الجيوسياسي لأوراسيا الذي يحكمه الروس، مشكلًا حضارة روسية مستقلة ظاهريًا.
كما كتب المزيد من الكتب، أهمهم “النظرية السياسية الرابعة” عام 2009.
النظرية الرابعة:
في الكتاب، يذكر دوجين أنه يرغب في ابتكار نظرية سياسية جديدة تمامًا لتحل محل ما يعرفه بالنظريات السياسية الثلاث السابقة المهيمنة: الليبرالية والفاشية والشيوعية.
يصر دوجين أن هذه الأيديولوجية “نظرية خالدة وغير حديثة” و صالحة طوال الوقت. كما ينظر إلى الليبرالية على أنها “هزمت جميع منافسيها”، كما إنه يشير إلى سخرية الليبراليين من الماضي و يحذر من المفهوم الحديث لـ “التقدم” على أنه معيب بشكل خطير، ويذهب إلى حد وصفه بأنه عنصرية وحتى “إبادة جماعية أخلاقية ضد الماضي”.
وفقًا لدوجين، فإن هدفه هو أخذ عناصر من الجوانب الثلاثة، و تطهيرها من الجوانب السلبية، ثم إدماجها في هذه الأيديولوجية الجديدة ليجمعهم لتشكيل نظرية سياسية جديدة تستند إلى “القومية”، واصفًا ذلك بأنه “أكبر قيمة للنظرية السياسية الرابعة كظاهرة ثقافية، كمجتمع للغة والمعتقد الديني والحياة اليومية ومشاركة الموارد والجهود، ككيان عضوي.
الموضوع الرئيسي للسياسة في هذه النظرية ليس الفردية، أو الصراع الطبقي، أو الأمة، بل الدازاين (الوجود نفسه).
عالم متعدد الأقطاب:
يرى ألكسندر دوجين أن هناك سيناريوهين لعام 2050، و كلتهما يعتمد على نتيجة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
و بحسب المفكر: “يمكن أن يشهد السيناريو الأول لعام 2050 انتصارًا كاملاً لا رجعة فيه للأحادية القطبية والعولمة، وتنصيب حكومة عالمية، وقدوم عصر ما بعد الإنسانية، وتدمير الجنس البشري على يد أنواع ما بعد الإنسان (الذكاء الاصطناعي، السيبراني، البيولوجي، الهندسة، والجينومات الجديدة وجميع أنواع مخلوقات ما بعد الإنسان)، ومجتمع ما بعد الإنسان الموحد”.
يتابع: “إذا خسرنا نحن الروس هذه الحرب في أوكرانيا، فسوف ينتهز الغرب على الفور الفرصة لتحقيق أحلام العولمة التي حلم بها سوروس وشواب والمجتمع المفتوح.. .وإذا فازوا، فسوف يتم تأمين عالم عولمي أحادي القطب من التحديات الخطيرة التي نواجهها في أيامنا هذه”.
بالنسبة إلى السيناريو الثاني، و هو انتصار روسيا، من شأنه أن يغير كل شيء.
يقول دوجين: “روسيا تفوز بأوكرانيا، وبهذا يصبح العالم متعدد الأقطاب، وخارج مجال الهيمنة الغربية. كما سيظهر قطبان آخران: روسيا والصين. وسوف تظهر الهند كقطب ثالث. وسينشأ قطب إسلامي رابع، وخامس في أمريكا اللاتينية، وسادس في أفريقيا”.
يشير المفكر أن هذا ليس الحل التلقائي لجميع المشاكل، ولكن هذا يعني نهاية الهيمنة العالمية للأحادية القطبية، وما بعد الحداثة، والتقدم التقني، والفردية، والذكاء الاصطناعي.. وسنفصل البشرية في جزر من الحضارات، كما ستكون هذه صورة “فسيفساء الأرخبيل التي تعيش في تعايش مثالي”.
في رؤيته لهذا العالم الجديد، يقول: “قد يكون البعض في صراع، والبعض الآخر قد يكون في سلام، ويمكننا تحديد بعض القواعد المشتركة. ويمكننا إنشاء منصة جديدة لنظام متعدد الأقطاب، وتعلم كيفية حل الصراعات بين الحضارات. سيأتي هذا في عالم جديد حيث لن تنتصر مجموعة واحدة من القيم فحسب، بل عندما يكون لدينا العديد من مجموعات القيم لعدة حضارات”.
يضيف، ساخراً من الغرب: “سيتم الاعتراف بالشريعة والتقاليد الإسلامية كمصادر للأنظمة السياسية والاقتصادية والميتافيزيقية والاجتماعية والأنثروبولوجية لجزء من سكان العالم، والمسيحية الأرثوذكسية بالنسبة لنا، والكونفوشيوسية والقيم الماوية للصينيين، والتقاليد الهندية للهنود، حضارة المثليين الليبرالية الغربية في بعض أجزاء الغرب”.
و بهذا، لن تكون هناك مدينة عالمية أو عاصمة واحدة للعالم، جميع البلدان ستكون كمقاطعات. سيكون لدينا مقاطعة غربية، أو مقاطعة أوراسية، أو مقاطعة صينية.. .بدون رأس مال أو نوع فريد من مجموعة القيم العالمية.
دوجين و الإسلام:
يرى دوجين أن العقيدة الإسلامية حصن منيع ضد الغزو الثقافي الغربي، كما يصر أن الدول الإسلامية بحاجة إلى الوقوف في تضامن مع بعضها البعض ومع فلسطين لتعزيز نفسها كقطب في العالم الجديد متعدد الأقطاب.
يذكر أنه كتب على حسابه على موقع X أن قوى العالم الإسلامي التي لا تزال تحلم بالوساطة، و تصر على التعامل على أن الوحود الإسرائيلي أمر طبيعي هم خونة للإسلام والإنسانية. كما يصر أن العالم الإسلامي يحتاج إلى التضامن. و يتابع داعياً: “دعونا ندمر الهيمنة الغربية مرة واحدة وإلى الأبد.بايدن يضع كل شيء على عاتق النظام العالمي الجديد.نحن نقبل التحدي. دعونا نقاوم”.
ألكسندر دوجين.. .النشأة